زينب أحمد جاسم- رئيس لجنة التدريب والفعاليات جمعية التوحديين البحرينية
26 مارس 2017
عندما يدخل الطفل التوحدي في نوبة غضب في مكان مكتظ وتعم الفوضى جميع أرجائه، فيبدأ بالصراخ والتقلب على الأرض، قد لايستوعب أحد من الناس معنى ذلك سوى والدي الطفل أو من لديه حالة مشابهة، فيما قلب أمه يحاول أن يلملم بعضه ليكون متماسكا كي يستطيع أن يتحمل الموقف، وسط ذهول الآخرين وتساؤلاتهم وضحكاتهم أيضاً في بعض الأحيان.
عندما ترى ذلك المشهد لايعني أن هذا الطفل يعاني من نوبة جنون، أو أن والداه لم يقوما بتربيته تربية صحيحة، بل يعني أنك تفتقد الإطلاع والدراية الكافية بماهية اضطراب التوحد، فالطفل التوحدي حساس جداً لدرجة أنه قد يسمع الهمس صراخاً.
هذا الطفل يملك حواساً حساسة بمقدار 10 أضعاف البشر الأسوياء، فهل بإمكان الشخص الطبيعي تحمل ذلك دون أن يبدي نوعاً من الانزعاج، وسط كل تلك الأصوات المتداخلة والتي تحاصره من كل حدب وصوب.
فكر قليلا في نفسية ومشاعر أم ترعى طفلها التوحدي قبل التفوه بأي كلمة إزاء تصرفات ابنها، وتلمس مشاعر أب قد لايملك من عالمه سوى ذلك الطفل.
الطفل التوحدي هو هبة من الله، والبعض قد يعتبرها تكفيراً عن آثام قد ارتكبها والديه في حياتهم. وعموماً لكل شخص وجهة نظرة ويبقى التوحد هو رفيق أطفالنا الذي يلازمهم طوال العمر.
لايمكننا تخفيف المواقف بكلمات جارحة، لذا إذا أردت أن تخفف من حدة الأمر، فعليك أن تكون قريباً أكثر من عالم التوحد حتى تتعامل مع ذلك الطفل بالطريقة الصحيحة، فالتوحدي يعلم من يحبه بصدق ومن ينظر له نظرة الشفقة.
نسبة المصابين باضطراب التوحد في إزدياد عالمياً، وأنت معرض يومياً للتعامل مع هؤلاء التوحديين، في المقاهي أو السوبرماركتات أو حتى في المصعد الكهربائي في أحد المجمعات التجارية.
التوحد ليس بعارض جديد على المجتمع، وأرجو ملاحظة مصطلح اضطراب أي انه ليس مرض، ولاتوجد اي أدوية قادرة على شفائه، أي أنك وسط علامات استفهام، وسيل من الأسئلة، ولا تملك إلا الصبر والتوجه بالدعاء لرب العالمين.
التوحديين سواء كانوا أطفال أو مراهقين أو شباب، فإنهم يستحقون الأفضل من مشاعر الحب والرعاية والتفهم، لذا إذا مررت بمثل هذا الموقف ورأيت طفلاً لايملك من التعبير إلا هذه الشقلبات أو الصراخ أو الجلوس على الأرض دون سابق انذار، فأعلم إنك أمام طفل توحدي يحتاج أن تقدر مايمر به من لحظات، فلتترك عنك التأفف وتكشير الوجه، فأنت أمام شخص شفاف لايحمل بين طيات قلبه غشاء أو نفاق، فاذا لم تكن على قدر تلك المسئولية فلتتركه بسلام.
العدد 5315 - الأحد 26 مارس 2017م الموافق 27 جمادى الآخرة 1438هـ
مرحبا في كل مكان
بارك الله فيك أم محمد احسنت على هذا المقال
سلام كلام اختنا زينب جريء وصريح ولكن لا يوجد تعاون في مجتمعنا .
كلام معبر أختي زينب أنا أم للطفل توحدي اعاني الكثير من هذه النظرات والتأفأفات في المجمعات والاماكن التجارية لااعرف متى سوف يرتقي المجمتع للأسف شكرا لك