امتزج الشعر الفصيح بالشعر العامي، وتداخلت اللغات، لتخُط أبياتاً ملؤها الشفافية في اللغة عبّْر الشعر، من خلال الأمسية الشعرية الثانية التي نظمها مركز عبدالرحمن كانو الثقافي بالتعاون مع مركز عيسى الثقافي، التي جرت فعالياتها يوم الثلثاء (21 مارس/آذار 2017)، احتفاءً بيوم الشعر الدولي وبمشاركة نخبةٍ من الشعراء المحليين والعالميين. أمسية يمكن القول عنها بأن «المركز» استطاع أن يتخذ من الشعر جسراً للتآلف بين الشعوب.
محبو القوافي والأوزان تهافتوا لحضور المهرجان الشعري الذي شهد مشاركة الشاعر السعودي محمد حبيبي، والشاعر العراقي عريان السيدخلف، والشاعرة الهندية أنوبام راميش كنجر، والشاعر الأسكتلندي غولدن سمونز، بالإضافة إلى الشاعر البحريني علي عبدالله خليفة.
وعلى أنغام الموسيقى بدأت الأمسية الشعرية بالتعريف بالمشاركين وتقديمهم للجمهور من قِبل عريفة الحفل نيلة علي التي أعطت نُبذةً مختصرةً عن الشعراء.
أولى المشاركات كانت للشاعر السعودي محمد حبيبي الذي قدّم نماذج من الشعر الفصيح تناولت الأم المربية والمضحية في يومها العالمي، كما تطرقت النماذج إلى التمييز العنصري والذي يصادف أيضاً يوم الحادي والعشرين من شهر مارس. ليأتي بعد ذلك دور الشاعرة الهندية أوبام راميش كنجر التي ألقت شعراً باللغة الهندية، وعلى المنوال ذاته، أنشد الأسكتلندي غولدن سمونز شعراً باللغة الأجنبية تذكر فيه أيام صباه وتجواله في الطبيعة الخضراء حاملاً مزماره وعازفاً أجمل الألحان، وقد ترجم الأستاذ خليفة العريفي الشعر الهندي والأجنبي للحضور الغفير.
ومن أجبنيٍ إلى عربي يستمر الأدب في التقريب بين الثقافات، بكلماتٍ سلسةٍ للشاعر البحريني علي عبدالله خليفة وقصائد تنمُ عن إبداعٍ فريد يتمثل في أبياتٍ حملت عنوان «قرنفلة الوقت»، لاقت استحسان الجمهور الذي تفاعل معها.
أما مسك ختام النصوص فكان للعراقي عريان السيدخلف الذي تألق في إنشاد أروع القصائد بالنمط العراقي المميز، مُلهباً مشاعر الجمهور الذي تمنى أن تستمر الليلة على أبوذياته التي تلج الفؤاد وتسكن القلوب.
وقد تخللت فقرات الشعر الساحرة، مقطوعاتٍ موسيقية بآلاتٍ وتريةٍ أداها عازفون ماهرون في مقدمتهم محمد عبيدلي ومحمد نصرالدين ومحمد حمادة. وفي ختام الأمسية كرم مركز عبدالرحمن كانو الثقافي الشعراء الخمسة.
وعلى هامش الأمسية الشعرية التقت «الوسط» بالشاعر البحريني علي عبدالله خليفة وسألته عن سر الاحتفاء باليوم العالمي للشعر فقال: «الاحتفاء بيوم الشعر العالمي ليس بجديد، لأننا في كل عام نحتفل بهذا اليوم، وفي كل سنة نحاول أن ننوع، ولطالما كان هدفنا البعيد هو تقديم الشعر بلغاتٍ مختلفة، لأن اللغة تحمل حرارة وعواطف كل شعب، لذلك أحببنا أن نتدفأ بتلك اللغات ونكون قريبين منها، وفي الحقيقة أغلب تلك اللغات انصهرت في مجتمعنا فأصبحت ليست بالغريبة علينا».
وعلى صعيد متصل، استطلعت «الوسط» آراء بعض الحضور في الأمسية الشعرية وطبيعة الشعراء المدعوين لهذا العام، من بينهم مراد علي مراد، وهو أحد الذين حضروا مبكراً، والذي أوضح بأن «الأمسية كانت جميلة، احتوت على عدة أطياف منها البحريني والعراقي وهنالك من القارة الهندية وأيضاً الفن الأسكتلندي، صحيح أنه لا علاقة لي بالشعر لكنه فنٌ والإنسان بطبيعته يبحث عن الجديد ليتعلمه، لذلك أحرص على الحضور إلى الأماكن الثقافية لأستفيد وأتعلم، ومركز كانو دائماً ما يتحفنا بالجديد».
أما توفيق الريس - أحد المواظبين على حضور مثل هذه الفعاليات - فيقول: «الشعر يستحق أن تقام له الأمسيات، لذا نتمنى من أسرة الثقافة المتمثلة في الشيخة مي آل خليفة الاهتمام بكل النواحي الثقافية ومن ضمنها الشعر، فالثقافة في البحرين لها جمهور واسع وعريض، أما أمسية الليلة فقد كانت رائعة، والشعراء علي عبدالله خليفة وعريان السيدخلف والشاعرة الهندية كانوا ممتازين واتحفونا بقصائد جميلة، نتمنى أن تتكرر مثل هذه الأمسيات، فالعالم العربي يعج بالشعراء المبدعين، ونحن لا نحمل شغفاً للموسيقى والمسرح والرسم فقط بل نحمل شغفاً للشعر والشعراء أيضاً، فالشعر ديوان العرب، والعرب دائماً محبون وعشاق للشعر، لذلك أتمنى أن تتكرر مثل هذه الأمسيات في المستقبل».