العدد 73 - الأحد 17 نوفمبر 2002م الموافق 12 رمضان 1423هـ

الإصلاح يتطلّب التسامح

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

فتح صفحة جديدة لحياة سياسية في اي بلد ما يتطلب - فيما يتطلب - بناء جسور الثقة والبحث عن افضل الوسائل لتقريب وجهات النظر. والاصلاح الناجح هو الذي يحاول الجمع بين اطراف المجتمع التي كانت متباعدة. وتقريب وجهات النظر واصلاح ما في النفوس هي احدى وصايا الامام علي (ع) قبيل استشهاده عندما قال «أوصيكُم بتقوى الله ونظْم أمركُم وإصلاح ذات بينكُم». واصلاح ذات البين صفة ملازمة لأي جماعة بشرية ناجحة. واصلاح ذات البين هي حل المشكلات والخلافات والاختلافات بين الناس وتقريب النفوس والعقول من بعضها الآخر. وفي عصرنا الحاضر تسعى الامم الى بناء مؤسسات تشريعية ورقابية وقضائية وغيرها من اجل حل خلافاتها من دون اللجوء الى العنف ومن دون الاخلال بالسلم الأهلي بينها. واصلاح ذات البين كان وما زال احد اهداف المشروع الاصلاحي الذي دشنه عظمة الملك منذ توليه زمام الامور. فلقد كان الشد والجذب بين الاطراف المختلفة وانعدام الثقة من اسباب الازمة السياسية التي تسببت في الكثير من المشكلات في السنوات الماضية. وهذه النقطة اشار اليها سمو ولي العهد عندما التقى مع رؤساء تحرير الصحف المحلية اذ قال ان احد اسباب المقاطعة التي اعلنتها بعض الجمعيات السياسية هو عدم وجود الثقة الكاملة بين الاطراف على اهداف المشروع الاصلاحي وخطواته مشيرا بذلك الى اهمية بناء جسور الثقة واعادة تشكيل وجهات النـظر على اساس التفاهم والفهم المشترك.

هذه الامنيات النبيلة يتشارك فيها اكثر اهل البحرين على المستويين الرسمي والشعبي. وهذا ما استشعرناه عندما امر سمو رئيس الوزاء بإعادة النظر في قانون الصحافة الذي تسبب في تصاعد الاصوات الداعية الى تجميده والغائه لانه لا يرقى الى مستوى المرحلة الاصلاحية التس نعيشها. وبالفعل، اجتمعت اللجنة التي امر بتشكيلها رئيس الوزراء يوم امس في مكتب الوزير محمد المطوع بحضور الوزير نبيل الحمر والاخ انور عبدالرحمن والاخ عيسى الشايجي والزملاء غسان الشهابي وابرهيم بشمي وسوسن الشاعر، وطرحت الآراء بصورة صريحة ثم انتهت الجلسة الاولى بالاتفاق على خطوات مقبلة. والأحاديث الصريحة بين الاطراف المعنية من شأنها ان تحرك الاوضاع بصورة ايجابية. وسيكتشف المرء ان ما يجمعه مع اطراف اخرى لم يكن يلتقي معها في الماضي من امور كثيرة يمكن ان يبنى عليها جسورا من الثقة المتبادلة لضمان عدم المساس بالحريات العامة لعدم وجود ما يستدعي ذلك من تخوفات اساسا. ولذلك فقد كان الاجتماع يوم امس تعبيرا عن مرحلة جديدة في العلاقات المتبادلة على اساس حسن الظن وعلى اساس الاستعداد لغد افضل، يحتاج الى بعض التسامح فيما بيننا شريطة عدم لجوء اي من الاطراف الى أساليب بالية كانت تستخدم قبل الانفتاح السياسي.

لقد طرح الوزيران المطوع والحمر وجهة نظرهما عن ضرورة وجود ضوابط لمنع السيب ومنع الاختراق ومنع التجريح غير القانوني، وهذه امور لا يختلف عليها عاقل. واستمع الوزيران لوجهات نظر رؤساء التحرير والزملاء عن ضرورة الغاء المواد التي توجب الرقابة المسبقة على الكتب والمطبوعات والغاء العقوبات بالسجن وعدم ربط العقوبات بقانون آخر وتعديل الاجراءات لتتماشى مع العدالة والانصاف والشفافية، وازالة العبارات الفضفاضة التي من الممكن ان تتسبب في استخدام صلاحيات استثنائية وزارية تحد من حرية التعبير عن الرأي.

استمعنا لبعضنا الآخر بروح تسامحية ووعدنا بعضنا بعضا بالالتزام بمبادئ الديمقراطية والشفافية والالتزام بالضوابط التي تمنع اي تسيب غير مسئول.

نعلم ان الطريق صعب، وقد تفلت كلمة هنا وهناك، ولكن الاساس الذي يجمعنا كبحرينيين هو دعم المشروع الاصلاحي وعدم السماح بأي خطوات تراجعية لأن سمعتنا بلدا وشعبا ارتفعت في الآفاق ونريد لتلك السمعة المزيد من الارتفاع

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 73 - الأحد 17 نوفمبر 2002م الموافق 12 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً