- هل سمعت عن ذاك الرجل؟
- أي رجل؟
- هه، يبدو أنك لا تعيش معنا في المدينة، بل تعيش في عالمك الخاص.
- هههه، ما قصة ذلك الرجل؟
- جاء إلى مديتنا متأخراً رجل، وكل المدينة تتحدث عنه، يقولون إنه خريج سجون وقد ارتكب عدداً لا بأس به من الجرائم.
- حقاً!! يا أمي.
- أنا لم أكمل كلامي بعد، يقولون أيضاً إنه في إحدى الليالي هجم على منزل عجوز وهددها بالقتل إن لم تسلمه نقودها، رفضت فقطع رأسها بالساطور.
- يا رب رحمتك، إن كنت تعرف أوصافه فأخبرني لأتجنبه إذا ما قابلته.
- يقول أهل المدينة إن شعره ناعم وهو أبيض البشرة، طوله متوسط ونحيل الجسم، وأهم ما يميزه هو جرح على جبينه.
حل الليل وأعلنت السماء الحداد، تجمهرت الغيوم وبدأت تمطر بغزارة، أعلن المقهى عن موعد الإغلاق فودع الاثنان بعضهما وانصرفا، كان بيت الأول قريباً فوصل بسرعة، أما الثاني فبيته بعيد نوعاً ما؛ لذا ظل يتخبط في الشوارع تحت زخات المطر.
الشارع خالٍ تماماً، والأجواء هادئة عدا صوت صراصير الليل، كان أشبه بالغابات الموحشة في أفلام الرعب، فجأة سمع صوت خطوات تتقدم نحوه، تغلغلت الرعب إلى قلبه ولم يجرأ على النظر خلفه، يحث الخطى والعرق يتصبب من جبينه، وقلبه يدق كالمغشي عليه من الموت.
عندما أسرع أخذت الخطوات الغامضة تتسابق معه، أخذ يركض فركضت وراءه، تشجع قليلاً والتفت إلى الخلف فرأى الرجل صاحب الجرح! إنه القاتل إذاً بحسب وصف صديقه، وانطلق كالسهم، أثناء عملية الهرب تعثر بحجر وسقط على رأسه، وصل القاتل وبدأ ينبش في جيبه، وقتها أدرك الآخر أنه يحاول إخراج آلة لقتله، بكى وصرخ، وحاول النهوض لكنه لم يستطع.
دنا القاتل منه، تبسم وأخرج ما في جيبه قائلاً: هذه محفظتك، لقد سقطت منك، وخذ مظلتي كي تحميك من المطر فبيتي قريب ولا أحتاجها.
ثم رحل... ورحلت معه ضمائرهم!