العدد 5312 - الخميس 23 مارس 2017م الموافق 24 جمادى الآخرة 1438هـ

ست سنوات على ثورة سورية... مصير الثورة يقرر المستقبل العربي

شفيق الغبرا comments [at] alwasatnews.com

سيسجل التاريخ بأن ما وقع في سورية منذ 2011 ارتبط بفقدان النظام السوري لشرعيته، بينما كان الشعب السوري يسعى للإصلاح عبر التجمع والتظاهر بوسائل التعبير السلمي. لكن النظام لم يجد طريقاً، بسبب خوفه من أدنى إصلاح، إلا بمواجهة الكلمة بالرصاص والتجمع السلمي بالدبابات والصواريخ الطويلة المدى. ولم يرتفع منسوب الغضب السوري الشعبي تجاه النظام إلا بسبب الرد الأمني للنظام. لقد واجه نظام الأسد التظاهرات السلمية بدموية غير مسبوقة في التاريخ الحديث. إن حكم التاريخ لن يتغير، والمحاكمة التاريخية والقضائية والإنسانية على جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري ستلاحقه في الزمن المقبل.

لقد قامت ثورة سورية ضمن حالة أوسع منها في تونس كما وفي مصر وليبيا واليمن، تلك الحالة المرتبطة بالثورات العربية أرادت لكل العرب حياة تخلو من الديكتاتورية والحكم العسكري والظلم والأحكام العرفية وفساد الأنظمة وجمود النخب.

كان تحرك الشعب السوري عفوياً وإنسانياً مبدعاً، إذ استمر بلا انقطاع على رغم تصفية النظام لأولوف النشطاء السلميين المعتدلين في الشهور الأولى من الحراك الكبير. وقد اعتقد النظام السوري في كل مرحلة بأنه قادر على إيقاف زخم التغيير، ولهذا سعى عند كل منعطف لكسب الوقت، وهذا جعله يدخل عوامل وعناصر جديدة في سياسة قمعه للشعب السوري، لكنه اكتشف بنفس الوقت بأنه لا يستطيع السيطرة على هذه العوامل وتفاعلاتها.

لقد استعان النظام السوري بقوى خارجية عندما أوشكت الثورة على الانتصار مع 2012-2013، فهو من جهة أطلق سراح كل المتطرفين في سجونه في العام 2011 على أمل أن يصادروا سلمية الثورة وروحية التضامن الدولي معها، وعندما فشل بحكم زخم الثورة وامتداد الجغرافيا استعان بحزب الله وإيران، وعندما فشل في هذا بعد سنوات من القتال وبينما يدمر معظم سورية ويشرد الملايين ويقتل مئات الألوف، وجد في الاستعانة بروسيا منذ 2015 فرصة جديدة لتحقيق البقاء.

وفي كل تدخل دولي فقد النظام السوري جانباً أكبر من شرعيته، لكن المعارضة السلمية هي الأخرى فقدت توازناتها بفضل حدة القمع والقصف والتدمير، وبفضل مصادرة المتطرفين كداعش لدورها ومكانتها. لقد سقط النظام السوري تاريخياً لمجرد حاجته لاستخدام هذه الدرجة من القوة والعنف ضد الشعب، وسقط أيضاً بسبب هذا الاعتماد الكبير على الخارج، لكن المعارضة السورية لم تسقط تاريخياً (وإن سقطت بعض فئاتها)، وذلك بفضل وجودها خارج السلطة، وبفضل الفراغ الذي لا يمكن ملؤه إلا بدور واضح للشعب السوري.

إن نهاية دور المتطرفين في الساحة السورية بما فيها جبهة النصرة ليست نهاية للمعارضة، وذلك لأن جوهر المعارضة السورية كان ومازال مرتبطاً بالحراك السياسي الشعبي، الذي حمل قضية الديمقراطية والحقوق والعدالة في تظاهرات وحراكات عمت المدن السورية.

في الذكرى السادسة للثورة مازالت سورية بعيدة عن الحسم. إن نجاح أو فشل الحلم السوري في المدى الاستراتيجي هو الذي سيقرر مصير المشرق العربي؛ بل والعالم العربي، فلولا أهمية سورية لما تداخلت كل هذه الدول والميليشيات من خارج سورية في محاولة لمنع انتصار ثورتها الديمقراطية، فسورية تمثل قلب الثورة العربية. وبينما مازال صوت الرصاص في كل مكان في سورية إلا أن الغائب الأهم منذ دخلت سورية مرحلة العنف هو صوت الشعب السوري الذي سعت أطراف النظام وأطراف المتطرفين كداعش وأطراف روسية وإيرانية بل وداعمة لمصادرته بطرق مختلفة. بعد ست سنوات على الثورة لابد من استعادة الحراك السوري السياسي كما وخلق إطار وجسد للقوى المسلحة والشعبية يتمتع بالاستقلالية عن كل القوى المحيطة بما فيها تركيا. وعلى هذا الجسد أن يحمل تصورات سورية ومستقبلها أولاً. سورية اليوم تواجه مفترق طرق، فسؤال الحرية والديمقراطية وحقوق الشعب في مواطنة متساوية في ظل العدالة والتداول على السلطة سيبقى الأساس المحرك للمستقبل السوري.

إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"

العدد 5312 - الخميس 23 مارس 2017م الموافق 24 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 3:28 ص

      كيف تكون ثورة وهم يستهدفون الحجر والبشر ولايفرقون بين عسكري ولا مدني ولا طفل ولا امرأة
      الثورة ال محافظة على المكتسبات العامة والخاصة وغير هذا لا

    • زائر 9 | 3:01 ص

      اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة
      وان كنت تدري فالمصيبة اعظم
      هناك مؤشر واحد فقط نعرف به الحركة الصحيحة من الخطأ ؟؟؟
      متى وقفت الصهيوامريكية مع الشعوب المطالبة للحرية والدمقراطية الصحيحة ؟؟ ... يتبع

    • زائر 7 | 2:59 ص

      وهل كيف

      كيف تكون ثورة في سوريا وكلها مرتزقه من الشيشان والمغرب العربي ومن الصومال وكل أصقاع العالم وهل هدم الآثار وقطع الراووس وتهجير العوائل ثورة كما يقول الكاتب المحترم كيف تكون ثورة والقصد منها حماية إسرائيل

    • زائر 6 | 2:35 ص

      هذه مو ثورة ، لو كانت ثورة لانتصرت مثل تونس ومصر وليبيا، هذه أعمال إجرامية بحق الشعب السوري وتشريدة من بلاده كما حدث للشعب الفلسطيني . والغرض عمل نكبة جديدة بحق السوريين ونفيهم وتشريدهم واحلال شعب غريب في بلادهم ولا يخفي علي الجميع هو لحماية اسرائيل وضم الجولان ، لكن روسيا وايران والشعب السوري والمقاومة وقفوا في وجه أطماع الدول الغربية

    • زائر 5 | 2:07 ص

      للأسف سوريا ثورتها من كل بقاااع الأرض. وثاني شي بشار يدعوا إلى استفتاء الشعب ليل ونهار ولكن القصد ضرب...

    • زائر 4 | 1:49 ص

      الشعب العربي السوري سينتصر على الإيرانيين و مليشياتهم هذا شيء لا مجال للشك فيه و ستعود يوريا عربية خالصه و تتخلص من كل شيء أسسه الإيرانيين فيها منذ عام ١٩٧٩

    • زائر 3 | 1:47 ص

      الثورة السورية انتهت بانتصار للاسد والنظام على الرغم من الدعم الي تحصله من دول كبيرة ماليا ومعنويا على أعلى المستويات انتصار النظام ليس كلامي هذا الواقع حاليا لانه هو الاصلح لقياده سوريا على الرغم من الاخطاء ولكن افضل بمليون مرة من احزاب متصارعة من شتى اصقاء الدنيا تريد التحكم بسوريا

    • زائر 11 زائر 3 | 3:13 ص

      من صجك هالحجي ؟ ضحكتني

    • زائر 2 | 1:07 ص

      هل سمع العالم عن ثورة تقوم بها شعوب من مختلف العالم خليط من كل الأجناس؟
      ...
      كيف تكون ثورة وتدعمها قنوات .....
      ......
      عجيب امر هذه الثورة...

    • زائر 1 | 1:03 ص

      لا زلتم تسمونها ثورة بينما الدول التي قامت بها وتدعمها وسخّرت كل امكانياتها لها لا تؤمن بشيء اسمه ثورة ولا حقوق للشعوب في نيل ابسط حقوقهم حتى في قيادة سيارة.

اقرأ ايضاً