العدد 5312 - الخميس 23 مارس 2017م الموافق 24 جمادى الآخرة 1438هـ

قامة «الشرقاوي» في يوم الشعر... هامته تتحدى ثقل خطواته

احتفت به أسرة الأدباء والكتاب بين ترانيم 7 شعراء من الخليج

فهد حسين
فهد حسين

هو في سماء الشعر بدر، اقتباساً من بيت للشاعر حسين الحليبي حين وصف الشاعر الكبير علي الشرقاوي في ليلة الاحتفاء به: «فأنتم في سماء الشعر بدر... تعانقه الكواكب إذ تلالا، وأنتم في بحور الشعر بحر... شراع الحب ينظمكم عجالا»، لتتحدى هامة الشرقاوي ثقل خطواته التي دخل وخرج بها قاعة الاحتفال بأسرة الأدباء والكتاب، وكأن قامته ترفض إلا أن تكون بين ترانيم 7 شعراء وحضور من النخبة والمدعوين الممتنين عرفاناً والمحبين لشاعر دخلت قصائده البيوت.

تدخل كل بيت

وزينت كلمات عريف الحفل الشاعر والكاتب فواز الشروقي شرفة اللقاء في اليوم العالمي للشعر في أسرة الأدباء والكتاب مساء الأحد (19 مارس/ آذار 2017) بمقر الأسرة، بحضور نخبة من شعراء البحرين ودول الخليج العربي، للاحتفاء بشاعر البحرين علي الشرقاوي الذي علمنا البساطة، وأنها ليست عيباً، وأن عظم الشاعر يكمن في اختياره القصيدة البسيطة التي تدخل كل بيت وتؤثث كل ناحية.

الجمال والخيال والإنسانية

وبحضور الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أمين الشرقاوي ورئيس مجلس إدارة أسرة الأدباء والكتاب إبراهيم بوهندي ونخبة من الشعراء والمثقفين والمهتمين بالحركة الثقافية، استُهل اللقاء بكلمة للأمين العام فهد حسين بدأها بوصف شهر مارس/ آذار الذي تتمظهر فيه كل عام، الاحتفالات الفنية والثقافية والأدبية، فيحتضن اليوم العالمي للمسرح واليوم العالمي للشعر، علاوةً على أن الجمال والخيال والإنسانية كامنة فيه، فهو شهر لعيد الأم واليوم العالمي للمرأة، وإذا كانت الجهات الأخرى تعبر عن نفسها بيومها، فأسرة الأدباء والكتاب تحاول أن ترسم حالة فرح منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وزاد قوله: «وها نحن نلتقي وإياكم في مكان أسسه مجموعة من الكتاب والشعراء في العام 1969 ليضعوا التجربة البحرينية موازيةً مع التجارب العربية الأخرى صوتاً وإبداعاً ونقداً».

البحث عن دهشة السؤال

ويجول حسين ليتحدث عن كل النعوت والأوصاف لا ترقى لما يرسمونه لهذا العالم - أي عالم الشعر - منذ فجر التاريخ، فالشعر يأخذنا ويأخذ الإنسان إلى المعرفة والثقافة والجمال، لذلك، فالشعر ثقافة بامتياز يتمكن من التحليق بعيداً بجناح واحد متمرداً بحرية المكتنز باللغة والمضمون والدلالة والرؤية للعالم والحياة، ليجعل القارئ باحثاً عن الدهشة والسؤال، هل يمكننا العيش في مدينة فاضلة كما أسماها أفلاطون من دون الشعر والشعراء والحلم الدائم الذي يشعل شموع المدينة بفتيل المفردات؟ لذلك، بالشعر، نستطيع بذر الحياة حباً وبالشعر يمكننا أن نقتلع من واقعنا المريض مفردات الحرب والقتل ونبذ الآخر.

شعراء سبعة وإصدارات

ومن تلك البذور، يأتي حسين إلى المناسبة التي قال عنها: «لقد جعلنا من هذه المناسبة بوابة التقاء سنوي مع نخبة إبداعية عربية وغير عربية، وها نحن اليوم يشاركنا شاعرات وشعراء من المملكة العربية السعودية: هدى الدغفر، عبدالوهاب أبوزيد، ومن الكويت سعدية المفرح، ومن البحرين: فاطمة محسن، نادية الملاح، حسين الحليبي وأحمد الستراوي، وإذ نحن نحتفل باليوم العالمي للشعر، فإننا نحتفي أيضاً بقامة شعرية ورمز من رموز الحركة الأدبية البحرينية المعاصرة هو الشاعر علي الشرقاوي الذي ولج فنوناً فكتب الشعر باللغة العربية الفصحى والمحكية وكتب الشعر الغنائي كما كتب في عالم المسرح والدراما التلفزيونية، حيث كانت مخطوطات غيث بن اليراعة تنشد كيف ترمم عربة روح الأشياء ولا أعرف كيف أترجم قطرة ضوء في روح، وقد ترجمنا احتفاءنا بالشاعر بإصدار كتابين بالتعاون مع دار أفكار يتناول الكتاب الأول بعض مسرحيات الشاعر، وأما الكتاب الثاني فيضم ثلاث دراسات تحليلية ونقدية لتجربة الشاعر كتبها عبدالقادر فيدوح، عبدالقادر المرزوقي وراشد نجم، كما يضم شهادتين من صديقي عمره هما الشاعر قاسم حداد، والقاص والروائي أمين صالح».

واختتم بأن «أسرة الأدباء والكتاب في البحرين تثمن كل من شاركها هذا الاحتفال، وساندها لتواصل مسيرتها الثقافية والأدبية عبر برامجها وأنشطتها المختلفة، كما تقدم الشكر إلى بيت الأمم المتحدة واليونيسكو للمشاركة في هذا الاحتفال».

تنحني له الرؤوس

لكن، في هذه اللحظات الفارقة حيث العنف والعنف المضاد يملأ الكون بالدم الطازج الذي لا يجف إلا ريثما تجف المدن الممطرة، ألقى الشاعر نصاً في كلمته التي عبر فيه عن دهشة العقل الذي يقف مندهشاً أمام الفناء المروع الذي يدفع تذكرة مجانية للموت، وفي ظل هذا الهيجان اللاإنساني تساءل: «ما الذي يقترحه الشعر على الحياة إن كانت هناك فرصة للاقتراح أو اقتراح بفرصة؟ فهذا الشعر المخبوء بين جوانبنا هو الذي سيخصلنا لأن الشعر - حين يحضر - يحني كل منا كل منا رأسه وينظر إلى داخله في سكون تام، تتلقى السؤال من ذاتك الشاعرة: هل جربت أن تنظر إلى صندوق صدرك وكأنه تجويف لا قرار له؟ ستجد الشعر أو ما كأنه هو! ليس الشعر للإفهام، لكنه للفهم فكم كان هذا العالم الشقي سيكون أكثر حظاً من الرحمة واللطف لو قيض له رجال عتادهم الخيال الذي نحن الشعوب كعامة والكتاب خاصة بحاجة إليه لنرسم عوالمنا وأحلامنا».

ليس كلام عبث

ولعل في تعبيره اعتزازاً، بأن يكون اسمه قريباً من اسم المحتفى به، فالمنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أمين الشرقاوي عبر عن تشرفه بالتواجد مع شعراء وكتاب وأدباء، فللأدب، شعره ونثره، علاقة وطيدة بالمجتمعات فهي وسيلة المجتمع نفسه للنفاذ إلى العالم ثم نقل رؤيته لنا ثانياً، وكيف ينظر إلى هذا الكون الفسيح وكيف يفتح لنا الآفاق الواسعة للتبصر في جمالياته، وتوسيع مداركنا للنظر إلى جوانب أخرى قد تكون بحاجة إلى رعاية أو حماية أو اهتمام بشري، والشعر على وجه الخصوص، فنحن نعيش أيام الاحتفال كنافذة على العالم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وقد تعرفنا من خلاله عادات الشعوب وآلامها وأحلامها، مما يقودنا إلى القول إن الأدب والشعر خاصة ليس كلام عبث بقدر ما هو رسالة لها هدف قد تصل إلى القلوب قبل العقول، ولكنها حين تصل، فإنها تكون ذات قيمة وتمتلك قدرة كبيرة على التغيير ولاسيما حين تتخذ من القيم الإنسانية غايات لها.

حسين الحليبي: كلما نبض توالى

ومع الباقة التي قدمها الشاعر حسين الحليبي إلى الشرقاوي نيابةً عن جمعية الصداقة للمكفوفين تقديراً للعطاء الجزيل من جانب ذوي الإعاقة، كانت أبياته هي الأخرى باقة من مفردات العرفان:

تباهى يحضن السحر الحلالا*بإلهام يجود به منالا

يقبل هامةً خجلاً بذوق*لمن صدحت قوافيه طوالا

إليكم يا (علي) الود نزجي*وفاءً كلما نبض توالى

فأنتم في سماء الشعر بدر*تعانقه الكواكب إذ تلالا

وأنتم في بحور الشعر بحر*شراع الحب ينظمكم عجالا

ملكتم من قوافي الشعر نبعاً*يروي كل ضمآن زلالا

فاطمة محسن: الضفيرة الصمت

يجدلني الزمن ضفيرة فيك... ويجدلني الوطن ضفيرة فيه...

بينك وبين الوطن أنا ضفيرة معوجة الجدل...

تأخذني لمتاهات الهجر...

ويأخذني لمتاهات المنفى...

كن وطني يممت وجهي نحوك...

وتطهرت بماء رجولتك...

أنت تستجير بالصمت ليدثر صمتك...

وأنا أستجير من وشوشات اغترابي...

أجمع أصداف حروف لملمها الشوق...

عبدالوهاب أبوزيد: سأراقب الأشجار

سأراقب الأشجار وحدي في ظلال الليل...

أسمع صوتها المكبوت في الأنساغ...

أجمع ما تساقط من ضفائر شعرها الخضراء...

أصحبها معي للبيت... أجلسها على مهل...

أعد لها كؤوس الزنجيل...

لكي يبث الدفء في أغصانها الجرداء...

أصغي في خشوع وهي تحكي كآبتها...

وغربتها المريرة فوق أرصفة الشوارع...

هدى الدغفق: دائرة

وردة قاسمتها خوفي...

ألوانها اختلطت علي...

وكنت قبل قد اختلطت...

لم أستقم...

آنٌ علي وعيته... آنٌ، وأستلف الكلام...

أقيم منه قصيدة لتماسكي...

لم أصل بعد...

سرقت ضوءه وتماسكه... أغامر...

خوف يزيد مغامرتي

سعدية مفرح: تغيب فأسرج خيل ظنوني

فتمضي التفاصيل... هذي التي نجهل كيف...

تجيء نثيثاً... وكيف تروح حثيثاً تغني...

كسرب قطا عالق في شراك النوى... فتجتاح صمتي... هذا الغريب المريب...

هذا السليب... تنوح ولا تنثني إذ مغريات القطا المصطفى عبر فيافي الضنى قد تلوح...

بجبهة مهر جموح صبوح...

يدق غيابك جرس حضوري...

نادية الملاح: براءة اجتراع

دعني...

على طريقتي يا سيدي أحبك...

أراود الطريق عن ظلالنا...

وأرسم الحلم الجميل...

أعيد صوغه...

أعيذه من لعنة النزيف...

أو خطيئة قد سميت بالمستحيل...

دعني أرتب التأوه الذي يحيلني لكتلة من الرماد...

تجيئها يداك والدموع ترسم النهرين فوق سحنة السمار...

يا وجهك الذي سماره يعتق احتراقي...

أحمد الستراوي: يا ولدي

سأعجن أنثاي لليلة البكر...

أخرج ديوان شعري المعطل...

أحذف بعض القصائد...

حتى يناسب غربتنا...

وأصير كمن فر من هدأة الليل...

أكتب نصاً وأكذب...

«أني مجاز لرغبة أنثى»...

ستقول أباك تأخر...

أعرف هذا...

وأعرف أن البيوت القديمة مثلي عصامية

فواز الشروقي
فواز الشروقي
كريم رضي
كريم رضي
أمين الشرقاوي
أمين الشرقاوي
الشاعر حسين الحليبي يقدم باقة إلى الشاعر علي الشرقاوي - تصوير أحمد آلأ حيدر
الشاعر حسين الحليبي يقدم باقة إلى الشاعر علي الشرقاوي - تصوير أحمد آلأ حيدر

العدد 5312 - الخميس 23 مارس 2017م الموافق 24 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً