العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ

القانوني والسياسي في القرار 1441

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

ماذا يعني سياسيا القرار الدولي 1441؟ خبراء القانون يرون ان حيثيات القرار وضعت آليات تعرقل إمكانات لجوء الولايات المتحدة إلى توجيه ضربة عسكرية تلقائية عند حصول إشكالات بين بغداد وبعثة المفتشين الدولية. فالقرار كما يرى خبراء القانون انتزع فتيل انفجار الحرب ونقل الأزمة من سياق تصعيدي تقوده الولايات المتحدة إلى سياق دولي تشرف الأمم المتحدة على تطوراته أو تداعياته.

خبراء السياسة يرون ان الأمر جرى كما تشتهيه الولايات المتحدة. فهي منذ البداية أرادت وضع العراق على رأس لائحة المطلوبين دوليا مستعيدة ذكريات حرب الخليج الثانية التي قادها بوش الأب. وحصلت بعد طول أخذ ورد على ما كانت تتصوره نقطة ارتكاز لاستراتيجيتها المقبلة في منطقة «الشرق الأوسط».

واشنطن لم تطلب الحرب بعد عمليتها الثأرية في أفغانستان لكنها أرادت رأس الدولة العراقية، سلما أم حربا. ونجحت في النهاية في تحصيل «تفويض» دولي يتيح لها استخدام القوة حين تتعثر سياساتها الأخرى في المنطقة. فالعراق بالقياس الأميركي ليس الدولة الوحيدة المطلوبة دوليا بل هو قاعدة الانطلاق تبدأ منه وتنتقل إلى غيره. طلبت واشنطن اسقاط بغداد من استراتيجية الاحتواء ووضع النظام كله في معادلة «الحرب الوقائية» التي تقوم سياستها على وجهين: الأول، الضربة التلقائية من دون وجود مبرر شرعي سوى معلومات تناقلتها أجهزة عن أجهزة ووكالات أنباء عن وكالات أخرى عن وجود شبكة لتنظيم لا يعرف أوله من آخره أطلق عليه «القاعدة».

الوجه الثاني: الحرب العادلة وهي تلك التي تستخدم مجلس الأمن مظلة دولية تعطي شرعية للهجوم أو تقدم المبررات الكافية لإعلان حرب على دولة ألقي القبض عليها بالجرم المشهود أو كشفت التحقيقات عن وجود صلة ما بينها وبين عملية ارهابية حصلت في مكان ما في العالم.

القرار الدولي إذا أخّر الحرب ولم يعطل صواعق انفجارها. فهو نقل عناصر الهجوم من نار عالية إلى نار منخفضة تعطي المزيد من الوقت لتحضير كل أدوات القتال بانتظار ان تحين لحظة الضربة الكبيرة.

توقيت لحظة الحرب بات في يد الولايات المتحدة وليس عند مجلس الأمن. فواشنطن أخذت ما تشتهيه وليس ما أرادته. وما تشتهيه، بالنسبة للحسابات الآنية، كافٍ كمواد أولية لتجهيز «طبخة الحرب». ما طلبته إدارة بوش الابن هو القرار الدولي الذي تحتاجه واشنطن كمظلة تتقي تحتها كل الانتقادات التي يمكن ان تطلقها بعض الدول والعواصم حين تحين لحظة الهجوم العسكري.

أخذت واشنطن القرار من مجلس الأمن وبقي على إدارة البيت الأبيض تحديد الشهر واليوم والساعة.

خبراء القانون يقولون ان القرار الدولي يمنع الحرب أو على الأقل يشترط مجموعة خطوات قبل الإقدام عليها. خبراء السياسة يقولون ان القرار هو خطوة نحو البلاغ الرقم واحد وهو يمهد لقيام الحرب عند حصول أدنى اشكال أو تطور (حدث كبير) على شاكلة ما حصل سابقا ضد سفارات أو قواعد أو مراكز تجارية أميركية. فالقرار موجود ينتظر الذريعة وعند وقوع أي حادث كبير أو خطير عنوان الرد موجود على طاولة الرئيس الأميركي.

إذا قرار الحرب اتُخذ وبقي التوقيت أو على الأقل انتظار اللحظة (الذريعة) التي تعطي الحق للولايات المتحدة بالرد في مكان معين ومتوافق عليه دوليا.

وهذا بالنسبة للأجهزة الأميركية من أسهل الأمور وهي قادرة على اصطناعه والتضحية بالقليل من أجل كسب الكثير. فمنذ الآن بدأت شركات النفط الأميركية تتصل برموز المعارضة العراقية في الخارج وتوزع عليها الحصص بصفتها وكلاء لمكاتبها حين تفتح أو يعاد فتحها في بغداد. فالعراق هو الدولة الثانية بعد السعودية في احتياطاته النفطية. وفيه كمية من المعادن والمواد الأولية التي تسد حاجة مؤقتة للشركات الأميركية الضخمة التي لا تكتفي بحد معين لتضخمها بل تطلب المزيد كلما اتسعت أكثر. فالشركات هائلة الحجم وجائعة دائما.

القرار 1441 في ظاهره محاولة قانونية اجتهدت الدول الكبرى في صوغ فقراته وبنوده. وفي باطنه هو خطوة سياسية خطيرة قدم الذريعة الدولية لحرب مقبلة تنتظر ذريعة أخرى توقيت لحظتها يعود إلى الإدارة الأميركية

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً