العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ

عادل فليفل مؤشرا للسياسة البحرينية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عادل فليفل يعتبر بحق أفضل مؤشر للسياسة البحرينية، سابقا وحاليا ومستقبلا. ولكي لا يساء الفهم، نذكر ما يلي:

بادئ ذي بدء، إنني من المؤمنين بضرورة فتح صفحة جديدة لتاريخنا البحريني، ولكن هذه الصفحة الجديدة يجب ألا تكون على حساب اعتبارات أساسية أخرى، فالبحرين ليست أول بلد يدخل مرحلة إصلاح سياسي ويكون مثقلا بتراكمات من الماضي. ولذلك فإن «مساءلة الماضي» أو كما عبر المفكر محمد جابر الأنصاري في حديثه عن الوضع العربي بـ «مساءلة الهزيمة»، ضرورية لكي لا نقع في المشكلة ذاتها مرة أخرى.

عادل فليفل ليس هو المشكلة، وإنما هو رمز لمشكلة تتمثل في قدرة موظف بسيط على ان يحتمي بقوانين الطوارئ ويؤذي الناس نفسيا وجسديا ويستولي على المال بطرق ملتوية ويدعي أنه استطاع إفشال خمس عشرة محاولة انقلابية خلال عشرين عاما فقط. وكان الشخص رمزا للاستبداد بكل ما للكلمة من معنى، إذ كان بإمكانه أن يعتقل أي شخص، أن ينفي أي شخص، أن يسحب جواز أي شخص، أن يحكم على أي شخص إداريا وحتى قضائيا، أن يهب من يشاء ويحرم من يشاء... حتى انه كان يقول للمواطنين انه هو العامل الأساسي في تصنيفهم الى ثلاثة أنواع: اما سجين أو منفي أو مخبر يعمل تحت إمرته.

كان واضحا ان المشروع الإصلاحي الذي دشنه عظمة الملك سيلاقي عقبات ومشكلات وان من بين تلك المشكلات هي طبيعة التعامل مع تركات الماضي. والحل المطروح حاليا «عفا الله عمّا سلف»، حل اتبعته كثير من الدول التي دخلت مرحلة إصلاحية بعد فترة متعبة. ونحن نقف مع عظمة الملك مساندين للمشروع الإصلاحي ومساندين لمبدأ «عفا الله عمّا سلف» ولكن أيضا بودنا أن تتحقق «مساءلة» ولو رمزية للماضي وكيف سنحاسب ذلك الماضي لنتأكد من عدم عودته مرة أخرى.

في جنوب إفريقيا تم تشكيل «لجنة الحقيقة والمصالحة»، وهي أساسا تفتح الملفات وتسأل المسئولين عن عذاب الناس ثم تطلب منهم تقديم الاعتذار، ومجرد أن يتقدم المرء باعتذار بعد أن يقول بصراحة ما كان يفعله، يتم الصفح عنه، وتفتح صفحة جديدة.

في إيرلندا الشمالية تم الإفراج عن جميع المعتقلين حتى الذين قتلوا عم الملكة وكان من العسكريين الكبار المقربين إلى الملكة إليزابيث الثانية، و كل ذلك ضمن اتفاق معلن وضمن شروط تحاول منع ما حدث في الماضي.

ما نريده في البحرين ليس بالضرورة الحجم نفسه الذي اتبع في بلدان أخرى، لأننا قد لا نستطيع ان نستوعب كمجتمع ودولة ذلك الأمر، ولكن ما نتوخاه هو عدم عودة رمزية البؤس والشقاء والعذاب.

وما دفعنا إلى الحديث عن هذا الموضوع هو وجود أقاويل عن احتمال عودة عادل فليفل الى البحرين، وهذا سيكون جيدا إذا كنا قد أعددنا لذلك «المساءلة». فمنذ هروبه قبل خمسة أشهر الى استراليا والحديث مازال يراوح مكانه عن لجنة التحقيق التي أنشئت للنظر في ادعاءات ثمانية من المواطنين تعرضوا لابتزاز وأخذت منهم أموال تقدر تقريبا بمليون ونصف مليون دينار، وأن عادل فليفل مازال يطالبهم بما مجموعه مليون ونصف مليون دينار أخرى، ومازالت هناك ملاحقة من محامين يعملون لصالح العقيد الهارب يطلبون المال من المواطنين المذكورين الذين مازالوا ينتظرون نتائج التحقيق. وهناك جلسة في 3 ديسمبر/كانون الأول رفعتها زوجة العقيد الهارب التي كان يطلب ان تكتب الصكوك باسمها.

العقيد الهارب مطلوب بما قيمته 12 مليون دينار للمصارف المحلية، ومطلوب أيضا لمواطنين بالقدر نفسه، ما يعني أنه مطلوب بـ 24 مليون دينار تقريبا. وقد كان مطلوبا لعائلتي البابطين والمسند بمئة مليون دولار استرالي، وسلمها لهم وتخلص من ملاحقتهم له في استراليا، وهذا يدل على أن الشخص لديه من المال الكثير الذي جمعه في الوقت الذي كان يمارس عمله موظفا في وزارة الداخلية مهتم باكتشاف/اختراع «محاولة انقلاب» بصورة سنوية تقريبا.

فرحنا برحيله لأن ذلك كان علامة فاصلة لشخص كان يسجن وينفي ويمنع من العودة الى البحرين، ولن نفرح بعودته إلا إذا كانت عودته للمساءلة ولوقف تبعات ما كان يقوم به

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً