أوستن سارات هو بروفيسور في القانون وعلوم السياسة والإعلام بكلية أمهرست الأميركية. وهو يحمل الدكتوراه من جامعة ويسكونسن منذ العام 1973. قبل أزيد من شهر كَتَبَ هذا الأستاذ مقالاً في صحيفة «الغارديان» البريطانية تحدث فيه عن «قيمة» القانون وسيادته في الولايات المتحدة الأميركية، وموقف الأجيال المتعاقبة من الممارسة الديمقراطية. وهو مقال يثير الجدل والتساؤل.
ففي الوقت الذي كرَّس فيه قرار إحدى المحاكم الأميركية العمل الديمقراطي وتعزيز الحريات العامة بعد إبطاله الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترامب بشأن الهجرة بحسب رأي أوستن، توجد هناك صورة غير مرئية باتت تنمو بشكل مطرد في داخل المجتمع الأميركي، وتتلخص في تراجع المزاج الاجتماعي في الولايات المتحدة من مسألة سيادة القانون والديمقراطية بعد مُضِيْ أزيد من 230 عاما على التجربة.
فعلى مدى سنوات طويلة كان يُظَن بأن تلك القضايا هي من صميم القِيَم الأميركية، أما الآن فعلى الأقل هي أمر لم يعد مُسلّماً به؛ نظراً لاختلاف نظرة الأجيال المتباينة في العُمْر لها. ويشير أوستن إلى ما نشره مركز Public Policy Polling من نتائج استطلاع أجراها على عينة من الشعب الأميركي بيَّنت أشياء غريبة في التفكير تجاه القضايا الرئيسية التي آمنت بها الولايات المتحدة.
لقد جاءت الأرقام كالتالي: 53 في المئة مِمّن استُطلِعَت آراؤهم قالوا بأنهم «يثقون في القضاء (الأميركي) أكثر مما يثقون في الرئيس ترامب فيما يتعلق باتخاذ القرارات السليمة للولايات المتحدة». بينما قال 38 في المئة بأنهم «يثقون في الرئيس ترامب أكثر مما يثقون في قضاة» الولايات المتحدة. أما الـ 9 في المئة فقالوا بأنهم «متذبذبون». وفي جَنبَة أخرى من استمارة الأسئلة قال 25 في المئة انهم مع ترامب في تجاوزه القضاة.
لكن الأخطر ليس هذا الأمر بل فيما أبرزته الأرقام عندما خُصَّ الاستبيان بأنصار ترامب. فقد أيّدَ 51 في المئة من المستطلَعَة آراؤهم إعطاء الرئيس ترامب الحق في أن يتجاوز القضاة الذين يُعارضونه. ولم يعترض على ذلك سوى 33 في المئة، بينما قال 11 في المئة بأنهم غير متأكدين.
ثم يذكر أوستن سارات سؤالاً عُرِضَ على المستهدفين منه بعد أن طُلِبَ منهم أن يختاروا درجة من 1 إلى 10 لجملة: «هل ترى ضرورة العيش في بلد ديمقراطي». إذ جاءت النتيجة أن 72 في المئة من الأميركيين الذين وُلِدوا قبل الحرب الكونية الثانية قد اختاروا أعلى رقم في الخيارات وهو 10، أما الذين وُلِدوا في العام 1980 فقد أيّد أقل من 1 من كل 3 ذلك الأمر، ولم يعد مهماً بالنسبة لهم العيش بالضرورة في مجتمع ديمقراطي أو الحفاظ على تلك القيم والمشاريع الديمقراطية!
ثم يستعين بما نشرته صحيفة الـ نيويورك تايمز من أن 43 في المئة من الأميركيين من كبار السن قالوا بأنهم لا يرون أيّة مشروعية للجيش في أن يستولي على السلطة حتى ولو كانت الحكومة المدنية فاشلة، لكن مَنْ أيّدوا تلك النظرة من الجيل الجديد (أو كما يُسمّيه أوست بجيل الألفية) لا يزيد عن الـ 19 في المئة! وهي صورة لمجتمع شَبَّ في حقبة ضياع المؤسسات الديمقراطية، وانحدار التحضر والخوف من الأزمات الاقتصادية كما يصف. وهو ما يعني أن ترامب يحكم ومعه مجتمع «متحوِّل».
وهو أمر يحتاج إلى معالجة كتلك التي تبدأها الدول والمجتمعات عبر تضمين مناهج الدراسة برسائل القِيَم الديمقراطية حتى ولو اعتُبِرَ ذلك محل سخرية كما يشير! وهو ما يعني أن المجتمع الأميركي ربما عاد «طفلاً» كي يُلقَّن. وكما يقول أوستن: «لا بد أن ترجع المدارس والقوى المدنية ووسائل الإعلام إلى الأصول، وتقديم شروح بشأن ما تمثله القيم السياسية الأميركية ومدى أهمية الإيمان بها». وهو ذات الحث الذي كان يُقال للأميركيين قبل أزيد من قرنين وخلال الحرب الأهلية هناك.
لكن السؤال الذي يُطرَح الآن ونحن نقرأ مقال أوستن سارات هو: هل هذا الانحدار في الإيمان بالقيم الأميركية ظَهَرَ تواً أم أنه موجود أصلاً ومنذ زمن في اللاشعور الجمعي لدى الأميركيين الذين جاؤوا برؤساء دفعوا بالمكارثية ولم يتورّعوا في تأييد انقلابات دموية وإنشاء وتغطية أنظمة سلطوية في آسيا وافريقيا وأميركا الجنوبية ساهمت بشكل كبير في سحق الطبقة الوسطى وحرمان شعوب تلك الدول من الحرية؟
إذا سلَّمنا أن هناك مؤسسات ديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية يُخشَى عليها من الاضمحلال بفعل «اللامبالاة» الشعبية الجديدة، فأين كانت تلك «المبالاة» أصلاً من دور واشنطن في الفلبين أيام ماركوس، وفي تشيلي أيام بينوشيه وفي هايتي أيام دوفالييه وفي كوريا الجنوبية أيام دوهوان وفي الكونغو أيام سيسي سيكو؟ هل كان ذلك الدعم لأنظمة مضادة للحقوق والحريات يحتاج إلى كبير عناء كي يُفَهم ما يجري وتكون استطلاعات الرأي مُجبِرة لتلك المؤسسات كي تمنع الإدارات التنفيذية في البيت الأبيض بما كانت تقوم به علناً وسراً؟ هذا سؤال جدير بالطرح.
ألَم يؤيّد 6 من كل 10 أميركيين جورج بوش الابن في استطلاع أبريل/ نيسان من العام 2004 (بحسب إريك لارسون وبوجدان سافيتش) وهو يقود حربيْن مدمّرتيْن في أفغانستان والعراق؟ ولو بقيَ ذلك التدخل بدون خسائر لظلت نسبة التأييد 9 من كل 10 أميركيين. هذه إثارات على هامش مقال أوستن جديرة بأن تُثار، وأن يُفهمنا المثقفون الأميركيون عن كثير من غموضها التاريخي.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 5308 - الأحد 19 مارس 2017م الموافق 20 جمادى الآخرة 1438هـ
بدون زعل
كنت اتوقع المقال يكون عميق ودقيق في محتواه. ولكن بعد القراءة وجدت ان اكثر من نصف المقال يتكون من عبارات لمقال اوستن سارت ... والكلام عن غياب دور امريكا في ايام ماركوس و بينوشيه و سيسي سيكو وغيرهم غير صحيح. فدورهم موجود بدعم الديكتاتوريات التي تناسب مصالحهم. وفي السطر الثالث (ازيد من شهر) احلى لو كتبت (اكثر من شهر). والعنوان بعد كاش ما عجبني لان امريكا غير ديموقراطية فكيف تتخلى عن الديموقراطية الغير موجودة بالاساس !!!. وشكرا
أمريكا تستعيد قوتها و بريقها و تحالفاتها في عهد ترامب الحمد لله الذي خلصنا من اوباما عاشق الإيرانيين
هناك قنوات اتصال سرية بين الطرفين على مستوى نواب وزير الخارجية
امحك ديمقراطية .
أصبح المال سيد الموقف فلا ديمقراطية ولا حقوق انسان ولا حيوان ولا قيم دينية ولا اخلاقي ولا أي شيء يستطيع الوقوف بوجه المصالح الماديّة
عندى احساس ان سياسة ترامب افضل من اوباما واعتقد راح تكون افضل