افتتح المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات اليوم السبت (18 مارس/ آذار 2017) في معهد الدوحة للدراسات العليا في قطر أعمال المؤتمر السنوي السادس للعلوم الاجتماعية والإنسانية الذي يتناول هذا العام موضوعي "سؤال الأخلاق في الحضارة العربية الإسلامية" و"الشباب العربي: الهجرة والمستقبل"، وتستمر أعمال المؤتمر ثلاثة أيام.
وانطلقت أعمال المؤتمر بمحاضرتين رئيستين تطرحان الموضوع الأول للمؤتمر وهو "سؤال الأخلاق في الحضارة العربية الإسلامية"، بينما في اليوم الثاني ستتناول الأوراق موضوع "الشباب العربي: الهجرة والمستقبل". وتناول الدكتور فهمي جدعان في محاضرة تحت عنوان "مركب أخلاقي حديث للاجتماع العربي"، عدة مسائل متعلقة بما أفرزته التطورات الكونية من أفعال وقيمٍ جديدة كلياً، تفرض تجاوز الأخلاق الكلاسيكية التي حكمت العديد من الظواهر الإنسانية. وأكد أن التطورات العلمية اليوم في البيئة والتنمية الاقتصادية المحكومة بالرأسمالية والبيولوجيا، باتت تنذر بتغيير الإنسان والسياسي الذي يستخدم القوة والهيمنة والفنون، التي تضرب عمق الذائقة البشرية.
ومقابل ذلك تظهر قيم جديدة لا سبيل لتجاهلها، كما يقول جدعان، من الحرية، العدالة، المساواة، الكرامة الإنسانية، المسؤولية، النزاهة، جودة الحياة، احترام الحياة، المشاركة، الديمقراطية، المواطنة، الاعتراف، الإنصاف، وغيرها. وإزاء ذلك تطرح أسئلة أخلاقية، من قبيل: إلى أي مدى يخضع الممارس الطبي للمساءلة؟ هل تتم المحاسبة في الأمور المتعلقة بالمخالفات الأخلاقية؟ ماذا عن الاستغلال والتمييز بين الجنسين؟ هل يلتزم الإعلاميون والساسة بالأخلاق؟ هل ثمة التزام بأخلاق مهنية ومدونة سلوك في الأمور الاجتماعية والسياسية والإعلامية والتنمية؟
وخلص المحاضر إلى أن التجليات الجديدة للعالم تفرض إنفاذ مدوّنة سلوك أخلاقية صريحة معززة بالقانون وبسياسات الدفاع الاجتماعي.
وقدم جورج زيتاني محاضرةً تحت عنوان "سؤال الأخلاق في الحضارة العربية-الإسلامية وبعض قضاياه في عصر العولمة"، حيث تناول استلام الحضارة العربية الإسلامية لمهمة البناء المعرفي الإنساني في أعقاب انهيار روما وإمبراطورية الشرق (القسطنطينية)، خصوصاً بعد إنشاء "بيت الحكمة" في ظل الخلافة العباسية في بغداد. وانطلق المحاضر من إسهامات ابن باجة وابن طفيل، وتأثيرهما في الغرب والتنظير للفردانية الغربية، التي جاءت مع الرأسمالية الصناعية. وانتقل لمناقشة الإشكالات القيمية والأخلاقية التي جاءت بها العولمة التي استبدلت الثورة الصناعية بالرأسمالية المالية، وهيمنة عالم التواصل والحضارة الرقمية، وهذا ما خلق مشاكل جديدة تهم كل مستقبل البشرية.
وتوقف زيتاني عند قضايا البيئة من تلوث واحترار مناخي، وما بدأ العلماء بطرحه من مشكلة ذات خطورة، وهي دور الذكاء الاصطناعي والروبوتات والوجه المظلم الخطير الذي قد يواجه الإنسانية. وتوقف عند بعض الأسباب التي شكّلت عائقًا أمام نجاح الأنظمة العربية في إنجاز ديمقراطيتها، ونبه إلى الوقائع التاريخية ومشكلة الزمان التي أهملتها حضارة التواصل والثورة الرقمية. فإلغاء المسافات لا يعني إلغاء الماضي وترسباته وأحقاده. وقال إن "إرادة الهيمنة تشكل دائماً بؤرة مفتوحة لصراعات متجددة، إلا أن ديالكتيك الاستقرار والتقدم وحده يفتح أبواب المستقبل".
هذا وتناولت بحوث المحور الثاني مواضيع "الشباب العربي والهجرة"، ناقشت الأوراق موضوع "الهجرة والجندر: هجرة الفتاة العربية"، و"الشباب العربي وأسئلة الهجرة الطلابية"، و"الهجرة الخارجية للشباب العربي: الإشكالية الاجتماعية والثقافية"، و"هجرة الكفاءات العربية والهجرة العائدة".