تجمع التقارير الأميركية، السرية والعلنية، على أن دولة الكويت ستلعب دور المحطة الأساسية للقوات الأميركية في حربها ضد تنظيم (داعش) في سورية، ضمن الاستراتيجية الجديدة لإدارة الرئيس دونالد ترامب ، وفق ما قالت صحيفة الراي الكويتية اليوم السبت (18 مارس/آذار 2017).
وكانت المقاتلات الأميركية والدولية التابعة للتحالف الدولي تنفذ طلعاتها، انطلاقاً من الكويت، لمساندة القوات المحلية في حربها ضد «داعش» في العراق، قبل أن تسمح أنقرة لواشنطن باستخدام قاعدة «انجرليك» في يوليو 2015.
ووفقاً لخبراء، فإن إقلاع المقاتلات من الكويت يقلل من فعالية الغارات الجوية، ويسمح لأهداف «داعش» بالافلات في الوقت الفاصل لوصول المقاتلات إلى أهدافها، كما يفرض على هذه المقاتلات البقاء في الجو لفترات طويلة لتلبية حاجات المقاتلين، وهو ما يجعل من «انجرليك»، الأكثر قرباً من مسرح العمليات، خياراً أفضل للقوة الجوية الاميركية.
لكن القوات البرية لا تحتاج «انجرليك» للوفود من أميركا قبل انتقالها إلى القواعد القتالية الأمامية، وهو ما يجعل من الكويت محطة مناسبة لتجتمع فيها القوات الوافدة من الولايات المتحدة، قبل أن يتم فرزها إلى الجبهات ضد «داعش» في العراق وسورية.
وفي حين يبلغ عديد «المستشارين» العسكريين الأميركيين حالياً 5500 في العراق، و1000 في سورية، يتوقع أن تمضي وزارة الدفاع (البنتاغون) في تعزيز القوات المنخرطة في الحرب ضد «داعش»، خلال الأسابيع المقبلة.
ويتناقل المتابعون في واشنطن أن ترامب رفع «الحظر على الموارد»، الذي كان يفرضه سلفه باراك أوباما، أي الموارد المطلوبة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم الارهابي.
وعلى الرغم من عدم الاعلان رسمياً حتى الآن عن تفاصيل الخطة الجديدة التي وضعتها «البنتاغون» للقضاء على «داعش»، بناء على طلب ترامب، إلا أن الانطباعات الأولية تشير إلى أنها عبارة عن تكرار لـ«خطة زيادة القوات»، التي لجأ إليها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في العام 2007 أثناء احتلال أميركا العراق، وقضت بزيادة عديد القوات البرية الأميركية في المناطق العراقية المشتعلة، تزامناً مع التحالف مع قوات عراقية محلية أشرفت الولايات المتحدة على تدريبها وتنظيمها وتسليحها وقيادة عملياتها العسكرية على الأرض.
وتعليقاً على التقارير الأخيرة عن إرسال 1000 جندي إضافي إلى سورية عبر الكويت، قال نائب مساعد وزير الدفاع الاميركي السابق اندرو اكسوم، «يبدو أن وزارة الدفاع تعمل على تكرار الخطة في سورية التي نجحت جداً في العراق»، موضحاً أن الخطة الجديدة لا تمثل افتراقاً عن خطة أوباما، لكنها «تختلف عنها من حيث القوات التقليدية» (الأميركية) التي ستنخرط في المعارك.
ورجح أكسوم أن يكون المسئولون الأميركيون تخلوا عن فكرة «ضبط عدد القوات» التي تمسك بها أوباما، مشيراً إلى أن «القيادة العسكرية لا تنظر إلى المعارك من حيث عديد القوات، بل من حيث الإمكانات، أي الكتائب، ووحدات المدفعية، وغيرها».
ودعا المسؤول السابق إلى مصارحة الأميركيين من حيث عديد القوات التي يتم التخطيط لنشرها في سورية، معتبراً ان نشر «كتيبتين (في سورية) يعني 6000 جندي، وعلى الرغم من ان (البنتاغون) لا تنظر إلى القوات من ناحية العدد، إلا أن الرأي العام الاميركي يهتم للعدد، وهو ما يفرض على البيت الأبيض ان يكون مستعداً لمصارحة الاميركيين وإقناعهم».
لكن لا يبدو أن ترامب مستعد لهذه المصارحة لأنها ستكلفه من رصيده السياسي المتهالك أصلاً، وهو ما دفع الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر إلى ممارسة ألاعيب كلامية، أثناء رده على الصحافيين في ما يتعلق بالزيادات العسكرية المتتالية في سورية، التي يكشف عنها الاعلام الاميركي تباعاً، بقوله إن من ينتشرون في سورية ليسوا مقاتلين بل «مستشارين»، علماً أن فرقة «المارينز» التي تمركزت غرب الرقة انتشرت مع مدافعها الهاوتزر «ام 777» من عيار 155 ملم، وقادرة على إصابة أهداف على بعد 40 كيلومتراً.
كذلك، قد تفرض مصارحة ترامب الأميركيين بنشر قوات في سورية، أن يطلب الحصول على «تخويل لاستخدام القوة العسكرية» من الكونغرس، وهو ما من شأنه أن يتحول إلى مهرجان سياسي مكلف لترامب أيضاً، وهو سبب آخر لمحاولة الرئيس التعمية على نشره القوات الاميركية في سورية ببهلوانياته السياسية وتغريداته المثيرة للجدل.
وسط هذه الأجواء، سيتواصل توافد القوات الأميركية إلى الكويت لنشرها في سورية، حتى يصل عديد هذه القوات إلى 6 آلاف، في حين سيواصل المسؤولون الأميركيون الإعلان عن إرسال ألف بعد ألف، وسيتمسكون بالقول إن القوات ذاهبة إلى الكويت «كي تعطي القادة العسكريين في العراق وسورية خيارات أكثر»، لكن واقع الحال هو أن القوات الاميركية التي تفد إلى الكويت هي جزء من خطة «زيادة قوات» جار العمل عليها لإلحاق الهزيمة بـ «داعش» في مناطق سورية شرق الفرات، ومشاركة هذه القوات في الاشراف على عملية تثبيت الوضع هناك، حتى بعد طرد التنظيم من الرقة والمناطق السورية الأخرى، وهو ما سيتطلب مداورة للقوات الأميركية، ما يعني توافد المزيد من القوات إلى الكويت، وعودة بعضها من الجبهة إلى الكويت في طريق عودتها إلى أميركا.