العدد 5305 - الخميس 16 مارس 2017م الموافق 17 جمادى الآخرة 1438هـ

الموسوي: «وعد» نموذج مصغر للمجتمع البحريني الرافض لخطابات الكراهية والتمييز والتفرقة

في ندوة «الآثار المدمرة للتحريض على كراهية الآخر»...

الحضور يتابعون ندوة «الآثار المدمرة للتحريض على كراهية الآخر»
الحضور يتابعون ندوة «الآثار المدمرة للتحريض على كراهية الآخر»

أكد عضو اللجنة المركزية بجمعية وعد، رضي الموسوي، أن «جمعية وعد تقدم نموذجاً مصغراً للمجتمع البحريني بمكوناته الاجتماعية الذي ينبذ خطاب الكراهية والتمييز والتفرقة ويناضل من أجل المطالب المشروعة لشعبنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية وتشييد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية والسير على خطى الديمقراطيات العريقة».

وذكر الموسوي في ندوة قدمها بمقر جمعية وعد في أم الحصم، مساء الاربعاء (15 مارس/ آذار 2017)، تحت عنوان «الآثار المدمرة للتحريض على كراهية الآخر»، أن «جمعية وعد تعمل على اشاعة التسامح بدلا من خطاب الكراهية، واعتبار المعارضة السياسية جزءًا من النظام السياسي العام وعنصر قوة للدولة».

وقال في مستهل الندوة: «يواجه العالم اليوم تصاعد خطاب الكراهية وازدياد العنف والقتل وتدمير البلدان، بسبب غياب الحرية وتقويض الديمقراطية وتآكل دولة المواطنة المتساوية وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد المالي والإداري ما ادى الى شيوع ظاهرة العنف ودخول بعض الدول في دائرة التقسيم والتفتيت على أصول دينية وعرقية ومذهبية، وخصوصا في دول العالم الثالث وفي مقدمتها الدول العربية».

وأضاف «يصدمنا تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 22 فبراير/ شباط2017، حين يكشف حقائق مروعة عن خطاب الكراهية في تقريرها الذي غطى العام 2016، المنظمة اتهمت قادة من العالم مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنشر خطاب من الكراهية وصفته بأنه سام، يشوه صورة مجموعات محددة ويزيد من الانقسام والخطورة في العالم، واضافت «أصبح تأجيج الخوف والانقسام عنصرا خطيراً في الشئون الدولية».

وأردف «كما اتهمت منظمة العفو الدولية زعماء تركيا والمجر والفلبين بنشر خطاب الكراهية، وقالت ان هذا الوضع يجعل العالم أكثر خطورة، ووصفت عام 2016 بأنه العام الذي بلغ فيه خطاب الكراهية والخوف مستويات لم يبلغها من قبل منذ ثلاثينات القرن الماضي، عندما اعتلى أدولف هتلر السلطة في ألمانيا».

وتابع «وندد التقرير بالسياسات المتغاضية عن العنصرية، مشيرا الى ان هناك حكومات تستغل اللاجئين لأغراض سياسية، ويقول التقرير إن السياسيين الذين يستخدمون خطابا مفرقاً ولا إنسانياً ضد مجموعات من الناس، يخلق عالماً أكثر انقساماً وخطورة، وتحدث التقرير عن الرئيس الأميركي ترامب باعتباره مثالا للسياسة الغاضبة والأكثر فرقة».

وبين الموسوي «ليس هناك قانون محدد أو تعريف واحد للكراهية، لكن الفلاسفة وضعوا بعض التعريفات المرادفة لهذا المصطلح، ويرى رينيه ديكارت أن الكراهية هي ادراك أن هناك شيئا سيئا في المجتمع مع الرغبة في الانسحاب منه، بينما يراها ارسطو بأنها الرغبة في إبادة الكائن المكروه، فيما يعرف ديفيد هيوم الكراهية بأنها الشعور غير القابل للاختزال وغالبا ما يؤدي إلى تدمير الكاره والمكروه معا. وتعرف الكاتبة زليخة بوريشه خطاب الكراهية بأنه كل كلام يثير مشاعر الكره نحو مكون أو أكثر من مكوّنات المجتمع، وينادي ضمناً بإقصاء أفراده بالطرد أو الإفناء أو بتقليص الحقوق، ومعاملتهم كمواطنين من درجة أقل. كما يحوي هذا الخطاب، ضمناً أو علناً، شوفينية استعلائية لمكوّن أكثر عدداً أو أقدم تاريخاً في أرض البلد أو أغنى أو أي صفةٍ يرى أفرادُ هذا المكوّن أنها تخولهم للتميّز عن غيرهم. وتعتبر الكاتبة حسناء عبدالعزيز القنيعير ما تتناقله الصحف والمواقع الالكترونية من مشاعر الكراهية بأنها ليست سوى معول من معاول الهدم لتفتيت الوحدة الوطنية، التي نحن الآن أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى تقويتها، والنأي بها عن ذلك الخطاب الذي يزعم صانعوه أنه حق في حين انه باطل محض».

وعن رأي القانون الدولي في خطاب الكراهية، قال الموسوي: «حددت المعايير الدولية بشأن خطاب الكراهية، من خلال التوازن في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. والضمانات السابقة هي: الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها، والتماس الأفكار من جميع الأنواع، بصرف النظر عن الحدود، وتحدد المادة 19 القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق، بما في ذلك احترام حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم، وتنص المادة 20 على أن: تحظر أية دعاية للحرب بموجب القانون، كما تحظر أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف».

وأضاف «وتطلب الاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان من الدول أن تعلن أن الدعوة إلى الكراهية لأسباب وطنية أو عرقية أو دينية هي جريمة جنائية. ولا تطلب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والميثاق الافريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب أن يحظر القانون خطاب الكراهية، لكنها تسمح أن يكون الأمر كذلك».

وتابع «وتفرض اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، حظراً أوسع نطاقاً، فالمادة الرابعة من الاتفاقية تطلب من جميع الدول التي هي طرف في المعاهدة أن تعلن جريمة جنائية كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، والتحريض على التمييز العنصري، وتوفير كل مساعدة للنشاطات العنصرية، والمشاركة في المنظمات، وتنظيم جميع الأنشطة الدعائية الأخرى، التي تشجع وتحرض على التمييز العنصري».

وشدد على أن «بث الكراهية لم يعد يسجل ضد مجهول على وسائل التواصل الاجتماعي، بل ان الاستمراء في تسقيط الآخر وتخوينه وإخراجه من الملة وشيطنته، بلغ مستويات تنذر بخطورة كبيرة على المجتمع والدولة، فقد تشجع الذين يمارسون هذا الفعل ووضعوا أسمائهم في وسائلهم الالكترونية، وكأنهم يتفاخرون بعد أن وجدوا حجم التحريض وبث الكراهية في مقالات العديد من كتاب الصحافة دون رادع وكأن الأمور تسير بنسق منظم ومحضر له، وفي العديد من المواقع والمناطق شهدنا حملات التشهير في الناس والمؤسسات وحملات مقاطعة محلات بعينها والاعتداء عليها وسرقة محتوياتها، وقد سجل أغلبها ضد مجهول أو عدم الوصول إلى نتائج».

وواصل الموسوي «مع تفاقم خطاب الكراهية وتحوله إلى غول متوحش، بدأت بعض المنظمات الدولية والعربية في اثارة الموضوع وعقدت مؤتمرات بهذا الخصوص، ومنها ندوة نظمها الاتحاد الأوروبي وتحالف الأمم المتحدة للحضارات في بروكسل العاصمة البلجيكية في 26 يناير/ كانون الثاني2017، حول انتشار خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في وسائل الاعلام».

وأوضح «وفيما يخص مبادرات القوى المعارضة للجم التحريض على الكراهية، ففي يناير 2014، وحيث شعرت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بخطورة عملية التحريض التي تنضح بها صحف محلية، بادرت وأصدرت وثيقة لا للكراهية/ مشروع التسامح ومناهضة التحريض على الكراهية، والتي أقرت الأطراف الموقعة عليها بما يلي، أولاً: يعتبر التحريض على الكراهية آفة تفتت المجتمع البحريني، وتقوض السلم الأهلي، ويشجع على التعصب والتشدد والاستقطاب الطائفي، وثانياً: تحقيق التسامح، وتعزيز الاعتدال، وتكريس القبول بالآخر، والتعددية، ينبع من إصرار الأطراف مجتمعة على إيجاد الأرضية المناسبة لتحقيق الغايات التالية: أن البحرين وطن يتسع لجميع البحرينيين، وهو المظلة الجامعة لكل البحرينيين بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية والعقائدية والفكرية، وعلى الدولة بمختلف مؤسساتها وأجهزتها ومسئوليها وموظفيها العمل لصالح جميع البحرينيين بمختلف انتماءاتهم، وأن مكونات المجتمع البحريني الايدلوجية والفكرية والسياسية والدينية (مسلمين من الطائفتين الشيعة والسنة، ومن اليهود والمسيح)، ينبغي أن تتمتع كل منها، بالمساواة، الحق في الخصوصية المذهبية التي تنال بموجبها احترام الدولة، والفئات الأخرى، وأن لها أن تحافظ على معتقداتها وموروثها الثقافي والتاريخي، بما لا يخل باحترام موروث الفئات الأخرى، ‌والعمل على نزع فتيل أي خلاف أو شقاق في المجتمع البحريني على أساس ديني أو عرقي أو قومي، وتعزيز التقارب والانسجام والانفتاح والحوار بين أبناء المجتمع، والقبول بالعيش المشترك لكل مكونات المجتمع بفئاته وطوائفه، تحت مظلة الوطن دون إقصاء أو تهميش أو إلغاء للآخر، أو تأثير على ديموغرافيا البلاد أو هويتها وتراثها، وتبني المشاريع السياسية الوطنية الجامعة، ورفض المشاريع ذات الصبغة الطائفية، أو التي تحدد الخيارات بناء على دوافع طائفية، والالتزام بالمبادئ المهنية والأخلاقية في العمل السياسي بإبعاد الطوائف واتباعها من أن يكونوا عرضة للتشويه والازدراء أو الانتقام أو ردات الفعل التي يتأثر بها المواطنون على أساس انتمائهم الطائفي أو العرقي أو العنصري، وتعتبر حرية الرأي والتعبير والنقد المشروع حرية لا ترد عليها من القيود إلا ما يلزم في مجتمع ديمقراطي وفقاً للمعايير الدولية، ويعتبر التحريض على الكراهية خروجاً على حرية التعبير هذه، وقيداً عليه».

وواصل «وثالثاً: اعتماد المبادئ المشار اليها في هذه الوثيقة من المبادئ المقررة في وثيقة كامدن 2008، وخطة الرباط 2012 واعتبار ما تضمنته من المبادئ المبينة في الملحق حاكمة لتحديد التحريض على الكراهية، والموجه لصوغ برامج مناهضته، ورابعاً: تحقيقاً لآليات المصالحة الوطنية، ورفعاً للقلق الذي أشارت إليه خطة الرباط، واستهداء بما ورد في هذه الخطة في الفقرة (39)، تنشأ لجنة خاصة تستقبل ادعاءات وشكاوى التحريض على الكراهية، بالاستفادة في تشكيلها من خبراء دوليين مختصين ترشحهم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تتولى بحث الادعاءات التي تستقبلها في هذا الشأن، وتبت فيها بموجب المعايير الدولية، وتتولى حصرياً إحالة ما يشكل تحريضاً على الكراهية من هذه الادعاءات والشكاوى إلى القضاء المدني أو الجنائي، بحسب الأحوال، وخامساً: تعمل الأطراف مجتمعة على وضع البرامج التفصيلية لتنفيذ هذا البرنامج الإطاري، وذلك من خلال لجنة تشكل من الأطراف، ومن الشخصيات الوطنية الذين يتفق عليهم الأطراف بالتوافق، على أن تكون نسبة ممثلي الجمعيات السياسية المعارضة والشخصيات الوطنية التي تسميها المعارضة معاً 50 في المئة من أعضاء هذه اللجنة، وتصدر قرارات اللجنة بالأغلبية».

وذكر أنه «ورد في كتاب مذكرات نيلسون مانديلا (حواري مع نفسي)، رسالة مسربة لمحاميه يطلب مقاضاة سجانيه ملخصها: هناك اساءة في استخدام السلطة. رئيس السجن يعامل بعنصرية زملائي المساجين من جماعات عرقية مختلفة داخل الزنزانة الواحدة التي أمكث فيها، وذلك لإثارة مشاعر العداوة بيننا. وفي أوج نضاله ضد العنصرية ومن اجل الحقوق المدنية، يقول القس الاميركي بطل الحقوق المدنية مارتن لوثر كنغ، علينا جميعا أن نتعلم أن نعيش كأخوة، أو سنموت جميعا كحمقى. هذا القول يحاكي في المفهوم العام ما جاء في النصوص على لسان الامام علي الناس صنوان أخ لك في الدين أو نظير لك في الإنسانية».

وخلص الى أن «تجربة المجتمعات والدول التي غرقت في التحريض على كراهية الآخر وشيطنته لن تقود إلا إلى المزيد من الدمار والكارثة الكبرى التي تسببها القوى التي لا تنصت لصوت العقل ولا ترى في الآخر إلا خصماً يجب إبادته وسحقه، لكن النتيجة وبال على الدولة والمجتمع بكل فئاته، كما أن حرية التعددية السياسية والثقافية والمذهبية هي أساس أي مجتمع يرنو إلى الاستقرار والتطور، وأن استمرار التحريض على الكراهية يؤسس للعنف والعنف المضاد وتدمير المجتمع، هذا ما تعلمنا إياه تجارب إيرلندا الشمالية حين تحول الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت إلى حرب دموية لم تتعاف البلاد منها بعد، حيث عملت الامبراطورية البريطانية إلى تغليب طائفة على أخرى للسيطرة على الجزيرة. وكذلك في رواندا حين اشتعلت الحرب بين الهوتو والتوتسي بين 1990 و1993، وخلفت مئات الاف القتلى والجرحى والمشردين، وهو ما يحصل اليوم في العراق وسورية وليبيا والسودان، فهل يعي مثيرو الفتن ومشعلو الكراهية بين مكونات المجتمع نتائج ما يقومون به من أفعال شنيعة؟».

وختم الموسوي «وسط هذه الظروف تقدم جمعية وعد نموذجا مصغرا للمجتمع البحريني بمكوناته الاجتماعية الذي ينبذ خطاب الكراهية والتمييز والتفرقة، ويناضل من أجل المطالب المشروعة لشعبنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية وتشييد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية، والسير على خطى الديمقراطيات العريقة كما بشر بها ميثاق العمل الوطني الذي اجمعنا عليه، كما تعمل وعد على إشاعة التسامح بدلا من خطاب الكراهية، واعتبار المعارضة السياسية جزءًا من النظام السياسي العام وعنصر قوة للدولة».

الموسوي: جمعية «وعد» تعمل على إشاعة التسامح بدلاً من خطاب الكراهية
الموسوي: جمعية «وعد» تعمل على إشاعة التسامح بدلاً من خطاب الكراهية

العدد 5305 - الخميس 16 مارس 2017م الموافق 17 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً