العدد 70 - الخميس 14 نوفمبر 2002م الموافق 09 رمضان 1423هـ

الخيانة الزوجية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

مهما كانت الظروف المؤثرة على الزوجين ومهما كانت تعاسة العلاقة، كل ذلك لا يمكن ان يبرر ارتكاب جرم الخيانة الزوجية من اي من الطرفين. وهو سلوك حرمه الشرع وأوجب فيه اقامة وانزال الحد على من يرتكبه مع توافر الشروط الدالة على هذا العمل.

ولكن يبقى ان اي مشكلة او ظاهرة او سلوك في المجتمعات وخصوصا ما يتعلق بالجوانب الحياتية والاسرية تحديدا لا يأتي عفويا وانما له اسبابه التي تؤدي إلى تحققه او وقوعه. وهنا نحن بدورنا من اجل حل مثل هذه المشكلة الخلقية نطرح الاسباب الكامنة وراء هذه المشكلة. فقد اشارت الاحصاءات (1980) ان 75 في المئة من الازواج في اوروبا يخونون زوجاتهم وان 85 في المئة من الرجال البالغين لهن خليلات. كما تشير الاحصاءات ايضا إلى ان هناك حالة طلاق بين كل حالتي زواج في بريطانيا نتيجة للخيانة الزوجية، هذا على مستوى بعض الدول الاوروبية. اما في بعض دولنا العربية فتشير نتائج المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في احدى الدول إلى ارتفاع نسبة البغايا بين المتزوجات بنسبة بلغت 39,1 في المئة. (المصدر: سيكولوجية العلاقات الزوجية). ولو جئنا بطريقة علمية ودقيقة لوجدنا هناك اكثر من دافع يعمل باتجاه الخيانة الزوجية، ومن اهم دوافع الخيانة الزوجية المتعلقة بالجوانب الدينية، مثلا:

الانحلال والتحلل من الاخلاق والقيم، ضعف الخشية من الله، المجون وفساد المناخ الديني، انعدام الضمير وضعف الاحساس بالاثم، اعتبار الغاية مبررا للوسيلة مهما تدنت الوسيلة... كل هذه الامور عوامل مساعدة لسقوط الزوجة او الزوج في مستنقع الخيانة الزوجية، لذلك الاسلام يركز كثيرا على ضرورة الحيطة والحذر في انتقاء شريك الحياة وان تكون المعايير في ذلك معايير اسلامية. فقد جاء رجل إلى رسول الله (ص) يأخذ رأيه في رجل جاء لخطبة ابنته فقال له رسول الله: «زوجها من الرجل التقي فإن احبها اكرمها وإن ابغضها لم يظلمها».

وفي معرض نصحه للشباب المقدم على الزواج يقول رسول الله (ص) «اظفر بذات الدين تربت يداك».

يركز الاسلام على دين المرأة وعلى دين الرجل في مسألة الاختيار وذلك لأن الدين والوازع الديني عنصران اساسيان لعدم سقوطهما في اي مستنقع اخلاقي وفي اي سلوك غير خلقي وهو يعتبر صمام الامان الذي يحول دون سقوطهما في اية مشكلة خلقية ومنها مشكلات الخيانات الزوجية.

بالطبع الخيانة الزوجية تعتبر من المشكلات او الازمات العاصفة التي عادة ما تصيب العلاقة الزوجية في مقتل. وهناك دوافع تدفع باتجاه حدوث مثل هذه المشكلة ركز عليها كثيرا علماء النفس والمتخصصون في دراسة المشكلات الاسرية وما يتعلق بالاسرة. فمن اهم دوافع الخيانة الزوجية المتعلقة بالجوانب الاسرية:

- النشأة في احضان ام ماجنة او اب عربيد او كليهما معا. فالمرء وليد بيئته ونتاج طبيعي لبيئته، لذلك الاسلام يركز على حسن الاختيار كما جاء في مدلولات حديثه (ان العرق ساس) او من قول (الخال احد الضجيعين) وهذه هي عينها النصيحة التي يعطيها علماء الاجتماع (رب ابنك قبل ولادته بـ 20 سنة وذلك بتربية امه). فالمرء يتأثر بالبيئة وبسلوك الاباء وما يحملونه من قيم... «لولا ابواه يهودانه او ينصرانه».

- الاغتراب والابتعاد عن فراش الزوجية لفترات طويلة وخصوصا خارج الوطن. فالزوج او الزوجة بحاجة دائمة إلى اطفاء الغريزة الجنسية التي تعتبر جزءا مكملا للاسرة. فالهجران الدائم او الابتعاد الدائم مع غياب الوازع الديني قد يؤديان إلى خيانة احد الزوجين. لذلك الاسلام يركز على قيم المعاشرة الزوجية وادبيات اللقاء والمضاجعة وهناك ضوابط وارشادات ركز عليها الاسلام في التعاطي مع هذه المسألة موجودة في كتب الفقه وغيرها.

- الشقاء والتعاسة الزوجية عامل آخر. فالمنزل الذي يفتقد العاطفة والمشاعر والاحساس الآمن والمليء بالتشجنات يصبح موقعا غير آمن وقد يدفع باتجاه سلوكيات خاطئة قد تأتي على الاسرة فتؤدي إلى ضياعها.

- المناخ الاسري الفاسد.

- تحــــول المنزل إلى ســــاحة عــــــراك وجحــــيم لا يطــــــاق، العجــــز والــــبرود الجنسي.

- الخبرات الجنسية المحرمة قبل الزواج.

- خيبة الامل الزواجي والصدمة في شريك العلاقة.

- الاختلاط المحرم.

هذه جزء من الدوافع التي تسبب الخيانة الزوجية ولعل اكبر عامل هو غياب الوازع الديني.

نحن بحاجة إلى ثقافة اسرية ناضجة علمية اسلامية تقينا من السقوط في مثل هذه المستنقعات الآجنة وتقي مجتمعنا من وقوعه في مثل هذه المنحدرات.

ولذلك الاسلام يركز كثيرا على اسلامية الشريك مع ضرورة الاحتفاظ بعنصر العاطفة. فالزوجان بحاجة دائمة إلى عاطفة تشبع الذات وتشبع النفس والانسجام لا يمكن ان يتركز إلا وفق الاخذ بكل هذه المعايير التي تم ذكرها. فبذلك سنحظى بعلاقة اسرية اسلامية حضارية نؤسس من خلالها صناعة مستقبل لنا ولأبنائنا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 70 - الخميس 14 نوفمبر 2002م الموافق 09 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً