العدد 70 - الخميس 14 نوفمبر 2002م الموافق 09 رمضان 1423هـ

العمل النقابي الصحافي يجب أن يكون حرا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الضجة التي يثيرها البعض هذه الأيام بشأن أحقية طرف ما في التحول إلى نقابة أو تأسيس نقابة هي واحدة من مظاهر التنافس الديمقراطي في الحياة العامة. والبحرين بإمكانها الافتخار بأنها أفضل من دول كثيرة مجاورة وإقليمية تلانها سمح بحرية التجمع السلمي و تسمح بحرية التعبير بصورة أوسع مما كان من ذي قبل.

إلا أن الصفة الأهم في حرية التجمع والتنظيم هو تمثيل هذا التنظيم لقاعدة معينة وفئة معينة لكي يحصل على الشرعية. ولا يكفي أن يحصل فرد ما أو مجموعة ما على رخصة رسمية إذا كان هناك رفض من الناس المفترض أنها تمثلهم.

وينطبق هذا الأمر على الجسم الصحافي أكثر من غيره، لأن نقابة الصحافة تتقاطع عندها حرية التجمع السلمي مع حرية التعبير عن الرأي. وفيما لو تم تشويه العمل النقابي الصحافي فإن كلا من حرية التعبير وحرية التجمع الصحافي سيتضرران، وستحدث انتكاسة للعمل الديمقراطي في الحياة العامة.

باختصار، ما يدور حاليا هو نزاع بين اتجاهين داخل الجسد الصحافي. اتجاه يؤمن بأن الشرعية مستمدة من الدعم الرسمي، واتجاه يؤمن بأن الشرعية تستمد من الصحافيين ذاتهم، لأن أية جمعية وأية نقابة إنما هي كذلك لأنها تمثل مجموعة من المجتمع وليس لأنها تمثل الجهاز الرسمي، وإلا لأصبحت لجنة حكومية أو مكتبا خاصا بوزير.

ولم تكن الأمور لتصل إلى درجة السخونة الحالية لو أن «جمعية الصحفيين» بادرت بعد الإصلاح إلى إصلاح وضعها. إذ أنها تأسست من دون رضا كل الصحافيين وحصلت على كل الامتيازات لأنها مدعومة رسميا. ومع ذلك لم يكن هناك اعتراض عليها لأن من حق من يؤمن بشيء ما أن ينظم نفسه بالوسائل المتاحة. ولكن ما أثار الوضع هو تأييد الجمعية (في بادئ الأمر) قانون الصحافة الجديد الذي حاول إرجاع البحرين إلى عصر أمن الدولة، وحاول القانون أيضا فرض «جمعية الصحفيين»، بحيث تصبح الجمعية الوحيدة التي يمكّنها قانون من التصرف في مهنة مهمة من دون رضا اصحاب المهنة.

ومع ازدياد الاحتجاجات على قانون الصحافة من الفئات المختلفة تدخل سمو رئيس الوزراء وأمر بتشكيل لجنة لتعديل القانون تضم في عضويتها وزير شئون مجلس الوزراء محمد المطوع ووزير الإعلام نبيل الحمر ورؤساء تحرير الصحف المحلية الثلاثة، وثلاثة صحافيين كانوا ضمن لجنة تفعيل الميثاق التي اقترحت مسودة قانون للصحافة، ولكن وزارة الإعلام لم تأخذ بتلك المسودة وأصدرت قانونا أشد ـ في عدد من مواده ـ من القانون الذي كان يعمل به أيام قانون أمن الدولة ولاسيما فرض الرقابة المسبقة، ما يعني أن المتضرر ليست الصحافة فقط وإنما دور النشر والمكتبات ودور السينما والعرض والمسارح، وكل شيء يود الوزير لاحقا أن يصدر قرارا بشأنه.

ومنذ إعلان النية لتعديل قانون الصحافة، نشطت «جمعية الصحفيين» محاولة إبراز الأخبار وكأن سمو رئيس الوزراء كان قد استقبلها (وهذا لم يكن صحيحا أبدا) وكأنها هي التي تتصدر الاجتماعات الخاصة بتعديل القانون، وهذا أيضا غير صحيح لأن الجمعية وقفت موقفا سلبيا من كل القضايا التي تعرض لها الصحافيين ولم تحرك ساكنا إلا عندما تتطلب الدعاية الرسمية شيئا ما.

ونحن في الوقت الذي نتمنى فيه للجمعية كل خير، الا ان ليس من حقها أن تفرض نفسها علينا مهما حصلت على دعم رسمي. اذ ليست المشكلة أن تحصل الجمعية على مزيد من الدعم الرسمي ولكن المشكلة أنه ليس لديها الدعم الشرعي من الصحافيين.

وعندما أتحدث عن الجمعية فليس من شأني الشخصي أن أطرح المشروع النقيض لها، ولو فعلت ذلك فإنني سأكرر الخطأ الذي وقع فيه الغير. إنني أعتقد أن الصحافيين وحدهم الذين يقررون ما يريدون. فلو أرادوا الدخول كلهم في الجمعية (مع كل ما حصل) فإن ذلك خيار يجب أن يحترمه الجميع. وفيما لو شاء الصحافيون الاستمرار في تأسيس نقابة مستقلة خارج إطار الجمعية فتلك إرادة أيضا يجب أن نحترمها جميعا.

إننا نعيش مرحلة الانفتاح السياسي، لذلك فإن القهر السياسي بأية وسيلة كانت سيتم رفضه ولن ينفع هذا القهر وجود دعم رسمي أو غير رسمي له، لأنه لا يتماشى وطبيعة المرحلة التي نعيشها أبدا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 70 - الخميس 14 نوفمبر 2002م الموافق 09 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً