لا يوجد أحد في محافظات البلاد الأربع، العاصمة والمحرق والشمالية والجنوبية، سواء كان مواطناً أو وافداً أو أجنبياً، إلا ويشكو من الازدحامات المرورية المزعجة وغير الطبيعية بكل المقاييس والمعايير البيئية والصحية، فمن يقول خلاف ذلك يجانب الحقيقة، ويبتعد عن الواقع مسافات طويلة، تكاد هذه المشكلة المتفاقمة يجمع الكل في البحرين على خطورتها، وجميعهم يؤكدون على صعوبة تنقلهم من مكان إلى آخر بسببها، ولا أحد في البلد، سواء كان، راجلاً أو راكباً سيارة أو سائقاً لمركبة أو شاحنة إلا وتراه متذمراً ومتضايقاً من هذا الحال المأساوي، كيف لا؟ وهو يجد أن المسافة التي كان يقطعها بين مدينة عيسى والمنامة على سبيل المثال قبل سنوات قليلة في أقل من 15 دقيقة، أصبح الآن يحتاج لقطعها أكثر من 45 دقيقة في غير الذروة، وفي الذروة قد يتطلب منه أن يقضي من وقته إلى أكثر من ساعة و15 دقيقة على أقل تقدير، لكي يصل إلى المنطقة التي يقصدها في المنامة، وأما في حال الطوارئ فحدث ولا حرج، يكون المواطن وغيره من المقيمين في وضع لا يحسدون عليه، وخصوصاً إذا كانوا يريدون نقل مرضاهم إلى المستشفى بأسرع ما يمكن، بسبب سوء حالتهم الصحية، فكل الكلمات مهما كانت بليغة لا يمكنها أن تعبر تعبيراً حقيقياً عن مثل هذه المواقف المحرجة جداً، التي يتعرض إليها الكثيرون من الناس في الشوارع المؤدية للمستشفيات والعيادات الخاصة.
فلهذا نجد جميع المواطنين والمقيمين بلا استثناء، يطالبون الجهات المعنية في البلاد العمل جدياً على حل هذه المشكلة، التي لم تخطر على بال أحد قبل أقل من عشر سنوات، مجلس النواب في جلسته التي عقدت يوم الثلثاء (28 فبراير/ شباط العام 2017) استعرض هذه القضية بشيء من التوصيف، ولم يأتِ بحلول عملية للتقليل من تفاقمها، ولم يفكر في استصدار قانون يساهم في الحد من خطورتها، وكل الدراسات البيئية تحذر من خطورة العدد المتزايد للمركبات في البحرين، الذي وصل عددها نحو 650 ألف مركبة، يعني بمعدل سيارة لكل شخصين في البلد، إذا ما قلنا بحسب الإحصائيات الأخيرة، إن عدد سكان البحرين يبلغ مليوناً و300 ألف نسمة، منهم 48 في المئة بحرينيون، 52 في المئة غير بحرينيين، في غياب الحلول العملية والواقعية، من الممكن أن تصل مشكلة الازدحامات المرورية بعد وقت قريب، إلى حد لا يمكن تصورها ويصعب عندئذ حلها حلاً مرضياً، ويكون في صالح المواطن ولكل المقيمين في البلد، من الناحية الصحية والبيئية.
بالنسبة لمقترح تقنين عمر المركبات، بأن لا يزيد عمرها على 10 سنوات، لو نظرنا إليه بواقعية لن يكون قادراً على حل المشكلة أو التقليل من خطورتها، مادام يسمح لكل الأجانب الحصول على رخصة سياقة للسيارة، فالحل العملي من وجهة نظر الكثيرين في البلد، الذي باستطاعة الجهات المعنية بهذا الأمر أن تنفذه بكل بساطة ويسر، هو تقنين إعطاء رخص السياقة للأجانب والمقيمين والوافدين، ما نراه في الواقع هو تعقيد للمشكلة وزيادة خطورتها في المستقبل القريب، لو اتخذت إدارة المرور قراراً يسمح فقط للموظف الأجنبي الذي هو في منصب وظيفي متقدم الحصول على رخصة سياقة، ولم يسمح لأحد غيره من أفراد عائلته الحصول عليها، وكذلك عدم السماح للعامل الأجنبي على رخصة السياقة، لأن الكثير منهم عند حصولهم على رخصة السياقة نجدهم يشترون سيارات مستعملة وقديمة جداً، قد يصل عمرها في أحايين كثيرة إلى أكثر من 20 عاماً، ولا نبالغ إذا ما قلنا إن الكثير منهم يبحثون عن سيارات رخيصة جدًا لا يزيد ثمنها على 400 دينار وأقل من هذا المبلغ بكثير، فمثل هؤلاء استخدامهم للشوارع والطرقات وكل زاوية في البلد لا يسببون ازدحامات مرورية فحسب، وإنما يسهمون بصورة مباشرة في تلوث البيئة بسبب سوء صلاحية سيارتهم.
فهذا بحسب أقوال علماء البيئة ينعكس ضرره على صحة الإنسان، شئناً أم لم نشأ، والمتخصصون يقولون إن عوادم السيارات تتكون من خليط مكون من جسيمات صلبة، أو قطرات سائلة، أو خليط من الدقائق الغازية، والتي تمثل المشكلة الأساسية على صحة الإنسان، حيث يتم دخولها للرئتين عن طريق التنفس مسببة الكثير من المشاكل على وظائف الرئة. تتمثل المشاكل الصحية لتلك المكونات الدقيقة لعادم السيارات، والتي يقدر حجمها بأقل من 10 ميكرومترات، في زيادة عدد الوفيات، وزيادة عدد المصابين بأمراض القلب والصدر، ومرضى الحساسية والربو الشعبي الذي انتشر بشكل مخيف، إلى جانب زيادة حالات الفشل التنفسي والالتهابات الشعبية المزمنة، وحساسية الجيوب الأنفية، ومضاعفاتها السرطانية، تعد عوادم السيارات أحد مسببات للإصابة بسرطان الدم وأورام الغدد الليمفاوية، ويعمل على تثبيط نخاع العظام، وإعاقة نضوج خلايا الدم، وتأثيره على قدرة الدم في نقل الأوكسجين، ما يؤدي لزيادة الضرر لمرضى القلب، وإصابة الرئتين وصعوبة التنفس. كما تسبب الهيدروكربونات المسببة للسرطان، وخاصة عوادم احتراق الديزل التي أدت لزيادة نسبة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة تقدر بـ 40 في المئة. من المعروف الأثر السلبي للرصاص الناتج من عوادم السيارات على الإدراك العقلي والفكري للأطفال، حيث يؤثر على كثير من وظائف المخ مثل التركيز، واللغة، والتناسق العضلي، والذي يمتد أثره المزمن على القدرات الوظيفية في سن الشباب، إلى جانب تأثير الرصاص على قدرة الإخصاب والإنجاب، ويعد الأطفال أكثر الفئات تعرضاً لأخطار الرصاص، حيث تمتص أجسامهم كميات أكبر بنسبة 35 مرة أكثر من الكبار.
وتتفاعل أكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات مع أشعة الشمس مما يسبب ضرراً على طبقة الأوزون الموجودة في طبقات الجو العليا، والتي تعمل على حماية كوكب الأرض من أشعة الشمس الضارة، وقد ثبت أثر أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكربون على حدوث الاحتباس الحراري والذي يؤدي لارتفاع درجة حرارة الأرض ونقص المياه، وحدوث الفيضانات وجفاف التربة.
كما تتسبب الأكاسيد النيتروجينية إلى تكوين الأمطار الحمضية، والقضاء على الثروة السمكية في البحار والأنهار، والثروة النباتية والمزروعات، كما يعمل على تدهور الملاحة الجوية لصعوبة الرؤية للطيارين نظراً لتكون الضباب الحمضي، كل هذه الأضرار الخطيرة من المؤكد أنها ليست خافية على المجلس النيابي والجهات المعنية في البلاد، وأن علاجها يكلف موازنة الدولة مبالغ طائلة، فحل المشكلة أصبح من الضروريات الملحة، يمكن أن تكون على النحو التالي:
أولاً: وقف إعطاء رخصة سياقة السيارة للعمال الأجانب العزاب، والعمال غير القادرين على شراء سيارات جديدة أو شبه جديدة، بحيث يكون عمرها لا يزيد على 5 سنوات، التي يكون ضررها على الصحة أقل من السيارات القديمة بنسبة معقولة، وقدرة العامل على شراء السيارة المطلوبة من عدم قدرته، يمكن معرفتها من خلال طبيعة عمله ودخله الشهري.
ثانياً: عدم إعادة تسجيل السيارات القديمة، التي يزيد عمرها على 20 سنة، لكي لا يسمح لها الإضرار بصحة الناس من خلال الغازات السامة التي تصدرها عوادمها في الشوارع والطرقات طوال اليوم.
ثالثاً: يسمح لبعض العمال الأجانب المهنيين الحصول على رخصة لقيادة الدراجة النارية فقط، ليتمكنوا من التنقل لأداء أعمالهم بكل بسهولة، كبديل لهم عن رخص قيادة السيارة، بهذا تحل نسبة معقولة من مشكلة الازدحامات المرورية في السنتين المقبلتين، التي تعاني منها أكثر الشوارع والطرقات، وتسهم بتعطيل مصالح المواطنين والمقيمين.
رابعاً: القيام بحملة إعلامية تثقيفية واسعة، يبين من خلالها مخاطر التلوث الذي تسببه الغازات التي تصدرها عوادم السيارات على المتغيرات المناخية، التي تبذل دول العالم الجهود الكبيرة وترصد الأموال الطائلة من أجل التقليل من خطورتها المستقبلية.
والإدارة العامة للمرور لا ريب أنها تعلم أن الكثير من الأجانب العزاب، الذين يحصلون على رخصة سياقة السيارات يشترون إليهم سيارات قديمة جداً، من أجل تحويلها إلى تكاسي غير رسمية، ويمكن 3 أو 4 أو 5 من الأجانب الآسيويين يشتركون في شراء سيارة قديمة واحدة، ويتناوبون على سياقتها ونقل الركاب طوال اليوم، مخالفين للقوانين المرورية بتعمد، ويتنافسون تنافساً غير قانوني مع أصحاب سيارات الأجرة البحرينيين في أرزاقهم، مساهمين في المزيد من التلوث البيئي الذي يضر بصحة الإنسان، وفوق هذا وذاك يسببون ازدحامات غير طبيعية في الشوارع الطرقات، فالتسويف أو التأجيل في حل هذه المشكلة لن يكون في صالح الوطن في كل الاتجاهات، البيئية والصحية والاجتماعية والمرورية، فالحل الجاد سينعش النقل العام وسيارات الأجرة.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5304 - الأربعاء 15 مارس 2017م الموافق 16 جمادى الآخرة 1438هـ
أصبحت الزحمات المرورية جزء من حياتنا وثقافتنا ولا أرى حل لها إلا بتفعيل النقل العام للأجانب أو أن يحصل العكس حيث يتملك الأجانب على الشولرع بسياراتهم الخاصة ويكتفي المواطن بالنقل العام وتنقلب الصورة ولا حل غير هذا أبدا .
و ليش أصلا يتم منح رخصة القيادة للأجانب مادامت طبيعة عملة لا تتطلب منه سياقة السيارة؟! ليش ما يستخدمون النقل العام والتكاسي والبيكابات ويعود النفع على الدولة والناس؟ وليش كل اجنبي اييب زوجته وعياله واهله للبحرين؟! تخيلوا كل هالهنود والاجانب يستخدمون النقل العام يوميا الزوج وزوجته وعيالهم واهلهم، كم بتستفيد الدولة منهم يوميا ؟! والشوارع كلها بتخف الزحمه فيها.
اصبحنا لا نخرج بسياراتنا الا للضرورة القصوى وحتى المستشفيات نؤجّل الذهاب اليها الا في حالات الطوارئ .
وأما الكلام عن النوّاب او مع النواب فهو كلام مأخوذ خيره لأن النواب مستواهم قضية الصلصل وبس فلا تطالبهم بالكلام في موضوع مهمّ كهذا
بعد الكارثة الاقتصادية هناك كارثة الازدحامات المرورية قد بدأت وسوف تتفاقم بصورة رهيبة لأسباب الكل يعرفها ويغض الطرف عنها:
1-التجنيس وجلب الأجانب الذي لا يتوقف
2-دخول الاخوة الخليجيين من السعودية وغيرها الى بلد شوارعه غير مهيأة لاستقبال ربع العدد الذي يحضر
3-حالة التطوّر المدني وعدم مواكبة بنية الشوارع مع هذا التطوّر والأمر راجع لعدم وجود وزارة تخطيط
يلجأ لها في حالة بناء المدن والقرى والمجمعات السكنية
الخطأ القاتل الذي وقعنا فيه عندما سمحنا لجميع الوافدين امتلاك رخصة سياقة ، كان بالسابق فقط كبار الموظفين الاجانب يسمح لهم ، نتج عن هذا الإزدحمات المرورية ..وخسر المواطن مهنة سيارات الأجرة فقد اصبح الاجنبي اكثر حظا لذا الجاليات ونستطيع القول انه بما يعادل ٢٠٠٠ دينار تذهب للسواق الاجانب يوميا كانت ستصل إلى جيب السائق المواطن