حكمت المحكمة الكبرى المدنية الثانية، بإلغاء الأمر بتنفيذ الحكم الصادر من محكمة الاستئناف الإدارية بدولة خليجية، والذي قضى بإلزام شركة بحرينية بدفع 2 مليون ريال سعودي والحكم برفض طلب تنفيذ ذلك الحكم، وألزمت المدعى عليه الرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت المحامية مها محسن جابر وكيلة الشركة البحرينية، إن وقائع القضية تتلخص في أن موكلتنا وحال كونها شركة بحرينية تعمل في مجال تصنيع المنظفات الكيماوية، وكان مالكها القديم قد منح شركة خليجية وكالة عامة وحصرية لتقوم بتوزيع وتسويق منتجاتها بتلك الدولة ولم تقم تلك الشركة بالعمل اللازم منها، فقام المالك الجديد لموكلتنا بإشعار الشركة الخليجية بفسخ عقد الوكالة، ومن ثم لجأت الشركة الخليجية إلى القضاء في دولتها لتطالب بالتعويضات عن ذلك مستخدمة مجموعة من المستندات والمحررات لا تعلم عنها موكلتنا شيء، بل إنه يشوبها تزوير مفضوح في بعض المواضع، واستطاعت الحصول على حكم قضائي غيابي من المحاكم بتلك الدولة بالتعويض بمبلغ وقدره مليونا ريـال سعودي تمثل الشرط الجزائي، وكذلك مبلغ وقدره مليونان وأربعمئة وخمسون ألفاً وأربعمئة وثمانية وتسعون ريالاً تمثل المصاريف والنفقات التي تكبدتها الشركة السعودية في سبيل تنفيذ الوكالة التجارية أي بإجمالي مبلغ وقدره -/4,450,498 ريالاً سعودياً.
ولما علمت موكلتنا بهذا الحكم القضائي اعترضت عليه أمام المحاكم في الدولة الخليجية وطلبت إعادة تدقيقه مرة أخرى، ودفعت بعدم اختصاص المحاكم بتلك الدولة بنظر الدعوى استناداً لوجود شرط التحكيم بعقد الوكالة، إضافة إلى أن المدعى عليها شركة بحرينية الجنسية ولا تختص المحاكم بتلك الدولة بنظر الدعاوى التي ترفع على غير المواطنين بتلك الدولة الخليجية، فأحيلت القضية مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف الإدارية بالدولة الخليجية والتي قضت فيها بنقض الحكم وإعادة الأوراق إلى الدائرة مصدرة الحكم وبإحالة الدعوى إلى الدائرة التجارية الثانية والتي أصدرت حكمها مجدداً بإلزام موكلتنا بأن تدفع للمدعى عليها مبلغاً وقدره مليونان وأربعمئة وخمسون ألفاً وأربعمئة وثمانية وتسعون ريالاً، فاعترضت موكلتنا على ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالدولة الخليجية مرة أخرى، ولدى دراسته أمامها ارتأت التصدي للموضوع وتم فتح باب المرافعة، وأمام تلك المحكمة قصرت خصم موكلتنا طلباتها على المطالبة بالتعويض عن الشرط الجزائي المنصوص عليه بالبند الخامس عشر من عقد الوكالة الحصرية، وقد دفع وكيل المدعية أمام تلك المحكمة بعدم الاختصاص على اعتبار أن المدعية شركة بحرينية وتعمل في البحرين، وأن الوكالة الحصرية الممنوحة من الملاك السابقين ليست الشركة مسئولة عنها، وقد ردت المحكمة على ذلك الدفاع بأن الاختصاص ثابت بموجب البند السادس عشر من الاتفاقية والذي جرى نصه على أن ((يجب حل الخلافات حلاً سلمياً، وفي حالة عدم التمكن فإن المسألة يجب أن تحال إلى لجنة الخلافات التجارية في المملكة العربية السعودية، أو تحال إلى لجنة تحكيم محلية بما يتماشى مع إجراءات التحكيم))، وأما عقد الوكالة الحصرية فإنه موقع من الطرفين ومختوم بختمها ومصدق عليه من الغرفة التجارية وهو عقد لا يمكن التنصل من الالتزامات الواردة فيه لمجرد تغير ملاك الشركة لأن الشركة لها شخصية اعتبارية مستقلة عن ملاكها، فإن أي عقد مبرم باسمها يصبح من الالتزامات المتعلقة بها، وعليه فقد انتهت تلك المحكمة إلى القضاء بالآتي أولاً: بنقض الحكم الصادر من الدائرة التجارية الثالثة بالمحكمة الإدارية بالدولة الخليجية الصادر في القضية.
وثانياً: بإلزام موكلتنا بأن تدفع لخصمها مبلغاً وقدره مليونا ريـال (2,000,000) ريـال. تقدمت خصم موكلتنا إلى محكمة التنفيذ بمملكة البحرين لتنفيذ ذلك الحكم وتم قبول طلب التنفيذ وفتح ملف تنفيذ ضد موكلتنا، مما حدى بنا إلى تقديم دعوى لدى المحكمة الكبرى المدنية الثانية بطلب رفض الأمر بتنفيذ ذلك الحكم بالدولة الخليجية لعدة أسباب أهمها أن المحاكم هناك قد تصدت لنظر النزاع بالرغم من وجود شرط لحل الخلافات بين الطرفين عن طريق التحكيم والذي من شأن وجوده أن تحكم المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم، أما وأن المحكمة بالدولة الخليجية قد تصدت لنظر الموضوع بالرغم من وجود ذلك الشرط وبالرغم من دفع موكلتنا أمامها بعدم الاختصاص فإن هذا الحكم لا يكون مقبولاً للتنفيذ به في محاكم مملكة البحرين وذلك لمخالفته لنص المادة الثانية من اتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والموافق عليها من المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السادسة عشرة التي عقدت في سلطنة عمان الموافق 4-6 ديسمبر/ كانون الأول 1995، وبناء على توصية وزراء العدل في اجتماعهم السادس المنعقد في مقر الأمانة العامة في الرياض الموافق 10-11 أبريل/ نيسان 1994 وقد صادقت عليها الدول الأعضاء في المجلس والتي نصت على أنه ((يرفض تنفيذ الحكم كله أو جزء منه في الحالات الأتية: (أ) إذا كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الدستور أو النظام العام في الدولة المطلوب إليها التنفيذ. (و) إذا كان تنفيذ الحكم يتنافى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعمول بها لدى الدولة المطلوب إليها التنفيذ.
ومن حيث أنه من القانون بقانون مملكة البحرين أن العقد شريعة المتعاقدين، ولا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به القانون، وأنه يجب تنفيذ العقد وفقاً لما اشتمل عليه من أحكام وبما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل، وكان عقد الوكالة الحصري قد تضمن وسيلة حل المنازعات والخلافات بين أطرافه عن طريق التحكيم بأن يحال النزاع إلى لجنة حل الخلافات التجارية بالدولة الخليجية أو إلى لجنة تحكيم محلية بما يتماشى مع إجراءات التحكيم، وحيث أن الحكم بالدولة الخليجية لم يمتنع عن نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم حال كونه كان مفروضاً عليه ذلك، بما يتعين معه رفض طلب التنفيذ، والقضاء بقبول دعوى موكلتنا والقضاء لها بطلباتها، وهو الأمر الذي استجابت له المحكمة الكبرى المدنية الثانية وقضت فيها بالحكم المذكور أعلاه.
العدد 5304 - الأربعاء 15 مارس 2017م الموافق 16 جمادى الآخرة 1438هـ