صعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الأربعاء (15 مارس/ آذار 2017) الأزمة مع أوروبا رغم الإدانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي وندد بذهنية «فاشية» سارية في القارة محملاً هولندا مسئولية مجزرة سربرنيتسا التي وقعت العام 1995.
والهجمات الجديدة التي شنها أردوغان في أوج حملته لتعزيز صلاحياته خلال استفتاء مرتقب في 16 أبريل/ نيسان، جاءت بعد عملية قرصنة واسعة النطاق لحسابات «تويتر» في الخارج قام بها قراصنة يشتبه بأنهم أتراك عبر نشرهم رسالة تتضمن اتهاماته لألمانيا وهولندا باعتماد ممارسات «نازية».
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أفيون في غرب تركيا «لا علاقة لهم بالتحضر ولا بالعالم الحديث. إنهم من قتل أكثر من ثمانية آلاف بوسني مسلم في البوسنة والهرسك خلال مجزرة سررينيتسا».
كما ندد أردوغان مجدداً أمس «بذهنية فاشية» تسود في شوارع أوروبا حيث حظرت عدة دول تجمعات لمناصريه في إطار الحملة للاستفتاء بشأن توسيع صلاحياته.
وأضاف أن «اليهود عوملوا بالطريقة نفسها في الماضي»، مشيراً إلى اضطهاد اليهود إبان الحقبة النازية في ألمانيا وذلك في معرض تنديده بمعاملة الأقليات الاتنية والمسلمين في أوروبا.
ورأى الباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول، جان ماركو إن أردوغان وعبر اتهامه «الدول الأوروبية بالسعي للعودة إلى سنوات النازية السوداء، وإدراكاً منه للمشاكل التي تواجهها دول أوروبا بفعل تصاعد ظاهرة الشعبوية والتطرف يعتزم تلقينهم درساً بالديمقراطية في وقت يستعد فيه لعرض مشروع يحد من الديمقراطية ودولة القانون على التصويت في استفتاء».
قرصنة
طالت عملية قرصنة كبرى عدة حسابات على «تويتر» لهيئات دولية ورسمية في أوج أزمة دبلوماسية بين تركيا ودول أوروبية. وبين الحسابات التي تعرضت للقرصنة «منظمة العفو الدولية» ووزارة الاقتصاد الفرنسية أو حتى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في أميركا الشمالية.
وفي أقل من 140 حرفاً ومع صليب معقوف نشر القراصنة رسالتهم التي تتضمن التصريحات النارية التي استخدمها المسئولون الأتراك وفي مقدمهم أردوغان منذ بدء الأزمة، ضد ألمانيا وهولندا.
والرسالة التالية تضمنت تسجيل فيديو فيه مقاطع من خطب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يخوض حملة للحصول على تأييد لتعديلات دستورية توسع صلاحياته الرئاسية.
وبين الحسابات التي تعرضت للقرصنة أيضاً تلك التابعة لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق آلان جوبيه وبطل كرة المضرب السابق بوريس بيكر أو حتى نادي كرة القدم الألماني بوروسيا دورتموند.
وتعرض حساب البرلمان الأوروبي أيضاً للقرصنة. وقال الناطق باسمه أن هذه المؤسسة استهدفت «لأنها تتابع بشكل دائم الوضع في تركيا وتصدر تصريحات حول هذا الوضع في غالب الأحيان».
وقال ناطق على «تويتر»: «نحن مدركون للمشكلة التي حصلت هذا الصباح وطالت عدة حسابات، لقد حددنا المصدر سريعاً».
وأكد تطبيق «تويتر كاونتر» أنه «تم فتح تحقيق في عملية قرصنة» عدد من المواقع، وفق رئيس مجلس إدارة الموقع.
وقال أومير جينور «فتحنا تحقيقاً في هذه القضية. قبل التوصل إلى أي نتيجة اتخذنا إجراءات لاحتواء مثل عمليات القرصة هذه».
تنديد أوروبي
في ستراسبورغ، أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن «صدمته» أمس إزاء تصريحات أردوغان الذي اتهم فيها هولندا وألمانيا بـ «النازية»، معتبراً أنها لا تتلاءم مع طموحات أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
من جهته قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إنه لا يمكن لأحد أن يقارن بين الأحداث في روتردام والحقبة النازية في حين أن المدينة «دمرت» من قبل الألمان. وقال زعيم كتلة النواب الأوروبيين الليبراليين في البرلمان الأوروبي، غي فرهوشتات، إن من الملائم أن ندين ما يحصل في تركيا، لكن «فلنتحل بالنزاهة، حضرة السيدين توسك ويونكر، من الضروري تجميد مفاوضات الانضمام الآن».
وهاجمت أكبر صحيفة ألمانية «بيلد» أمس (الأربعاء) الرئيس التركي في مقال على صفحتها الأولى واعتبرته شخصاً غير مرغوب فيه في ألمانيا متهمة إياه «بتعريض استقرار أوروبا للخطر بدفع من جنون السلطة» لديه.
ونشرت الصحيفة على صفحتها الأولى صورة للرئيس التركي وبدت عليه علامات الانزعاج تحت عنوان «بيلد تقول لأردوغان الحقيقة في وجهه». وكتبت الصحيفة الألمانية التي تبيع مليون نسخة يومياً، متوجهة إلى أردوغان «أنت لست ديمقراطياً وأنت تسيء لبلادك! ولست مرحباً بك هنا!».
ورغم التوتر، اعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أن تركيا يجب أن تبقى ضمن حلف شمال الأطلسي لكنها أشارت إلى أن على الحلفاء ألا «يتخلوا» مع ذلك عن المعارضين للسلطات التركية.
من جهته، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعلون الرئيس التركي أردوغان أمس بالسعي إلى إقامة «إمبراطورية عثمانية جديدة» محذراً من تزايد حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وقال خلال لقاء مع صحافيين أجانب، إن أردوغان يسعى إلى «الهيمنة عبر تأسيس إمبراطورية عثمانية جديدة باستخدام آيديولوجية الإخوان المسلمين، وليس فقط داخل تركيا».
واتهم يعلون تركيا بالعمل ضد المصالح الغربية.
العدد 5304 - الأربعاء 15 مارس 2017م الموافق 16 جمادى الآخرة 1438هـ