تعهد مزيد من السياسيين الأتراك بالمشاركة في مسيرات انتخابية في الخارج للترويج لتأييد التعديل الدستوري في الاستفتاء الوطني، في الوقت الذي تعهدت فيه ولاية ألمانية بحظر المسيرات التركية.
ومن جانبه، اتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوجان هولندا بالمسؤولية عن مذبحة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك في عام 1995، وهي تطورات تظهر أن هذا الخلاف لن ينتهي قريبا.
ويدور خلاف دبلوماسي حاد بين تركيا وهولندا حاليا على خلفية حظر الأخيرة ظهور وزيرين تركيين في فعاليات للترويج للتعديلات الدستورية التركية أمام الجالية التركية في روتردام، كما شهدت العلاقات الألمانية-التركية توترا مؤخرا بسبب حظر ظهور وزراء أتراك في فعاليات مماثلة في ألمانيا.
وكانت ألمانيا موقع التطور الأحدث في الأزمة الراهنة، حيث أعلنت ولاية زارلاند الألمانية منع سياسيين أتراك من الظهور في فعاليات للترويج للتعديل الدستوري الذي يهدف للانتقال للنظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني الحالي.
وقالت رئيسة وزراء الولاية أنيجريت كرامب كارينباور اليوم في مدينة زاربروكن، عاصمة الولاية، إنها تعتزم استنفاد جميع الفرص والإمكانيات لتحقيق ذلك.
وجاء هذا المنع على الرغم من عدم إعلان أي مسؤول تركي عن خطط للظهور في الولاية.
وأكد وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزير إن الحكومة الألمانية لا تعتزم تحمل تحريض ساسة أتراك لمهاجرين في ألمانيا، محذرا "يتعين علينا ألا نعرض أوجه النجاح التي تم تحقيقها في الدمج خلال العقود الأخيرة لأي خطر".
وشدد على ضرورة ألا ينساق "الأتراك الألمان" لأي موقف يتم فيه وصم الآخرين بأنهم "خونة" أو "نازيين".
وأوضح أن الحكومة الاتحادية لن ترد بانفعال على كل مقارنة بينها وبين النازية وأي استفزاز صادر من أنقرة، لأنه لن يستفيد بذلك سوى مؤيدي النظام الرئاسي في تركيا، الذين يحاولون عرض أنفسهم في "دور الضحية"، مؤكدا أن ذلك يعد مناورة واضحة.
وعارض دي ميزير زعم ممثلي الحكومة التركية بأنه يعيش بألمانيا في أمان تام أكثر من أربعة آلاف شخص معروفين بالاسم منتمين لحزب العمال الكردستاني.
وقال الوزير الاتحادي: "ليس هناك مثل هذه القائمة (بأسماء إرهابيين مشتبه بهم)"، مؤكدا أن ألمانيا لا تحتاج لـ "حصة مساعدة" في مكافحة حزب العمال الكردستاني.
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجه انتقاده مؤخرا إلى المستشارة انجيلا ميركل بشكل مباشر واتهمها بدعم إرهابيين، واشار في تصريحات أمس إلى أن ميركل لم تتحرك ضد حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) على الرغم من أنها أعلنت أن هذا الحزب منظمة إرهابية.
وجدد اردوغان وصفه للصحفي الألماني التركي دنيس يوسيل مراسل صحيفة "دي فيلت" الألمانية، الذي تم حبسه قبل أسبوعين، بأنه " عميل وإرهابي".
يذكر أن الاستفتاء التركي الذي سيجري في السادس عشر من نيسان/أبريل المقبل، سيزيد بقوة من صلاحيات أردوغان.
ويعيش في ألمانيا أكثر من 1.4 مليون تركي لهم حق المشاركة في الاستفتاء، ويمثل الأتراك المقيمون في ألمانيا أكبر تجمع للأتراك داخل دول الاتحاد الأوروبي.
ورغم كافة المناشدات بالتهدئة، واصل الرئيس التركي هجومه على المستشارة الألمانية.
وقال أردوغان اليوم خلال إحدى الفعاليات في أنقرة: "الدول التي تدعم عصابة هولندا فقدت سمعتها... هنا تأتي مستشارة ألمانيا وتقول أنا أقف بجانب هولندا. نحن نعلم أنكِ لا تخلتفين عنهم. لا نتوقع شيئا آخر. إنهم يهاجمون بخيولهم وكلابهم، وأنتِ تهاجمين بخيولك وكلابك. لا يوجد فرق بينكما"، مشيرا في ذلك إلى الحملات التي شنتها الشرطة في هولندا ضد متظاهرين احتجوا مطلع هذا الأسبوع على حظر ظهور وزراء أتراك في فعاليات للترويج للتعديلات الدستورية التركية في مدينة روتردام.
واستعانت الشرطة الهولندية في ذلك بخيول وكلاب. وأثار هجوم أحد الكلاب البوليسية على ساق أحد المتظاهرين الأتراك غضبا في تركيا تخطى الحدود الحزبية.
وأضاف أردوغان "من الآن فصاعدا لن يكون للدول - وبخاصة هولندا - التي ترضخ لنهج النازيين الجدد وتتجاهل حقوق إنسانية أساسية من أجل حفنة أصوات، أي مصداقية. أقول بقوة إن هولندا أضرت بشدة بأوروبا والاتحاد الأوروبي بإرهاب الدولة الذي اتضح ليلة السبت الماضية"
كما اتهم أردوغان هولندا بالتورط في مذبحة سربرنيتسا، وقال: "نحن نعلم (طبيعة) هولندا والهولنديين من مذبحة سربرنيتسا... نعلم مدى فساد طبيعتهم وشخصيتهم من قتلهم 8 آلاف بوسني هناك... لا ينبغي لأحد أن يعطينا محاضرات في التمدن. هذا الشعب لديه ضمير نقي، لكن ضميرهم حالك السواد".
يذكر أن مذبحة سربرنيتسا نفذتها قوات بوسنية-صربية عام 1995، إلا أن الجنود الهولنديين التابعين للأمم المتحدة تركوا المدينة للمهاجمين دون مقاومة.
وتعتبر مذبحة سربرنيتسا أسوأ إبادة جماعية وقعت في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية.
وفي تصعيد تركي جديد، وصفت الخارجية التركية دعوة مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موجريني ومفوض الاتحاد لشؤون الجوار يوهانس هان للتهدئة بين تركيا وهولندا بأنها "قصيرة النظر" و"لا قيمة لها".
وأضافت الخارجية، في بيان الثلثاء، أن تلك التصريحات "تنطوي على تقييمات خاطئة".
ووفقا لما نقلته وكالة "الأناضول" التركية للأنباء، فقد شدد بيان الوزارة على أنه "من المؤسف جدا وقوف الاتحاد إلى جانب هولندا التي انتهكت حقوق الانسان والقيم الأوروبية بشكل صارخ".
وأكدت الوزارة على "ضرورة إدراك الاتحاد أن التصريحات التي تدعو تركيا إلى تجنب ما أسمته بـ/التصريحات والإجراءات المبالغ فيها/، بدلا من التركيز على الدول المسببة للتوتر، من شأنها /تأجيج النزعات المتطرفة مثل معاداة الأتراك والأجانب".