حين يأتي الاعتراف من الطرف الآخر بوجود تمييز عنصري ضدك، تكون الشهادة أقوى وأبلغ ليُثبِت في ساعاتٍ، كل ما كنتَ تقولُهُ وتردّده منذ سنوات.
الشهادات من هذا القبيل تكون أهم وذات صدقية كبيرة؛ لأن المجتمعات التي ترتضي استعمال العنصرية ضد غيرها عادةً ما تتواطأ على عدم الاعتراف بأخطائها وعنصريتها وعدوانيتها وتجاوزاتها. وتأتي هذه الشهادة على الذات بعيدةً عن المصلحة، وقد تجلب على صاحبها الكثير من العداء والتحامل والمقاطعة والإقصاء.
من هذه النماذج، ما قدّمه أحد الممثلين الإسرائيليين من شهادة، لاقت انتشاراً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يستهلها بالسؤال: "هل تمزحون؟ الفصل العنصري موجود هنا منذ عقود". ويعترف بأننا مادمنا في الجانب المستفيد من المعادلة، فإنها لا تؤذينا، فنحن نسيء معاملة الفلسطينيين بشكل يومي ونظلمهم ونضطهدهم، وظللنا لسنواتٍ طويلة ننكر حقوقهم الأساسية.
المدهش أن أساف هاريل، الممثل الكوميدي، يقدّم شهادته بطريقة المونولوج الداخلي، في برنامجه "مساء الخير" على القناة العاشرة الإسرائيلية، ويقول إننا عملنا أشياء عظيمة، لكن هناك ملايين من البشر نحن مسئولون عنهم، ويعيشون في حالةٍ مأساويةٍ مزرية، فالبنية التحتية متهالكة، الرعاية الصحية، وحتى التعليم، ملايين يعيشون في فقر مدقع، بينما جماعته -الإسرائيليين- لا يشعرون بهم، ولا يكترثون لوضعهم، بل إن رفاههم يكون على حسابهم، وسعادتهم على حساب شقائهم، وهم شركاء فيما يجري عليهم من بؤس وتعذيب وشقاء.
يتكلّم هاريل عن غزة المحاصرة منذ 9 أعوام، وتعيش على حافة الكارثة، من دون ماء ولا كهرباء، مع شحّ الطعام والدواء، و"إسرائيل" تتحكّم في كل وارد وصادر. ويتصاعد خطابه في انتقاد سياسات بلاده العنصرية ضد الفلسطينيين، ويبدأ بمهاجمتها في بعض أشد المواضيع المحرمة لديها، بالحديث عن "حماس"، التي اختارها الفلسطينيون في القطاع المنكوب المحاصر، لأن سياساتهم العنصرية هي التي دفعتهم إلى ذلك.
ويأخذ هاريل بتعرية عنصرية قومه أكثر وأكثر، ويصرخ ساخراً: إنسانية؟ ماذا يفيد ذلك معنا نحن الاسرائيليين؟ من نحن؟ مُحِبّون للعرب؟ ويذكّرهم بأنهم مرّروا قانوناً تواً، يقضي بمصادرة أراضي الفلسطينيين، فماذا يتوقعون منهم؟ أن يخضعوا لهم ويسلّموهم رقابهم؟ أن يرفعوا الراية البيضاء؟ أم يواصلوا المقاومة والصمود مهما كلف من تضحيات من أجل الرهان على المستقبل؟
في إشارةٍ أخرى لأحد تجليات العنصرية الإسرائيلية، يشير هاريل إلى الجنود الذين يطلقون النار على رماة الحجارة، لأنهم يعتبرونهم تهديداً حقيقياً، لكن هل الأمر كذلك حقاً؟ هل تتكافأ القوة بين جندي مدجج بالسلاح وبين شابٍ أعزل لا يملك إلا حجراً يلتقطه من الطريق لردّ الأذى عن نفسه؟ وخصوصاً أن مشاهد القتل بدم بارد أصبحت مألوفةً يرتكبها الجنود الإسرائيليون على مرأى ومسمع العالم، لتُبَثّ على الفضائيات دون اكتراث. بل إن هذه السياسة تدعمها آلةٌ إعلاميةٌ ضخمةٌ يشارك فيها اليمين واليسار الإسرائيلي، فهم يدٌ واحدةٌ على الفلسطينيين الذين لا يعتبرونهم بشراً، وإنّما أغيارٌ من الغوغاء. وهو ما يجعل كل الجرائم من قتلٍ وتهجيرٍ وسجنٍ وهدمِ منازل، مباحةٌ وتلقى الكثير من التصفيق والاستحسان.
حين تأتي الشهادة على مجتمعٍ مريضٍ غارقٍ في العنصرية من داخله فهي أبلغ، ولكنها لا تأتي عفو الخاطر، وإنّما تحتاج إلى تجردٍ وصدقٍ، وإلى قليلٍ من الإنسانية واحترام الذات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5303 - الثلثاء 14 مارس 2017م الموافق 15 جمادى الآخرة 1438هـ
مقال رائع يستحق القراءه والتأمل فيما ورد فيه ، متمنيا أن تصدر أصوات في مجتمعات أخرى تفضح العنصريه المتجذره في تلك المجتمعات.
خمسه صف
عندنا وعندهم خير صور تكرر كل يوم من العنصرية في المعاملة بالخصوص في الدوائر الحكومية والتي تعرف بالواسطة في تخليص المعاملات.
في دراسة للاجيال اللاحقه بعد انتهاء التميز العنصري في زمبابوي ١٩٨٠ وجنوب افريقيا ١٩٩٠ إن اولاد اولئك العنصريون اصبحوا يخشون ذكر اسماء ابآهم واقاربهم ويشعرون بالخجل لما اقترفه ابآهم
فهم يدٌ واحدةٌ على الفلسطينيين الذين لا يعتبرونهم بشراً، وإنّما أغيارٌ من الغوغاء. وهو ما يجعل كل الجرائم من قتلٍ وتهجيرٍ وسجنٍ وهدمِ منازل، مباحةٌ وتلقى الكثير من التصفيق والاستحسان.
وطبعاً هذا ما راح يخلي الفلسطينيين يستسلمون. حياة او موت. هذا درس
الكل يمارس العنصرية حتى الإيرانيين يمارسون العنصرية على اخوننا في الأحواز العربية
احسنت يا اخا العرب يا زائر رقم اثنا عشر. لكن هذا لا يبرر أن تمارس العنصرية ضد اخوانك العرب ولا العجم.
الحمد لله نعرف العنصرية حق المعرفة فمن يعيشها ويلمسها في وطنها ويتذوقها يعرف طعمها
حين يكون المال والاطماع والجشع هي ما يحرك الدول الكبرى مثل امريكا وبريطانيا واصرابهما. فإنه لا وجود للقيم والأخلاق دور في النعامل .
حتى حقوق الانسان تصبح مادة للبيع والشراء
العنصرية ليس في اسرائيل فحسب ولا نحتاج ان ندهب بعيدا.
العنصرية تدعمها دول كبرى هي اول من مارسها وكرسها لأنها تتمصلح ماديا مم وجودها.
مثال ممتاز وضرب الأمثلة لمن القى السمع وهو شهيد . كتاب كليلة ودمنة كان عبر ومواعظ
عندنا وعندهم خير ولن يحدث امن وامان وسلم وسلام الا بتقبل جميع الاطراف لبعضها البعض والعيش في وطن واحد يجمع الكل واذا اراد مكون اقصاء الطرق الآخر وسلبه حقوقه في العيش الكريم من توظيف وغيره فلن ينعم البلد بالراحة ابدا
فعلاً تحتاج الى ضمير حي
حين تأتي الشهادة على مجتمعٍ مريضٍ غارقٍ في العنصرية من داخله فهي أبلغ، ولكنها لا تأتي عفو الخاطر، ولكنها تحتاج إلى تجردٍ وصدقٍ، وإلى قليلٍ من الإنسانية واحترام الذات.
أللي مخليهم يواصلون ولا يكترثون بأحد أنهم ليسوا الوحيدين في هذا العالم....فهناك دول أخرى تقوم بما يقومون به وربما أكثر....
صورة طبق اﻷصل .