يقول عالم الاجتماع ابن خلدون كوارث الدنيا تحدث بسبب إنّنا نقول «نعم» بسرعة ولا نقول «لا» ببطء. فلسفة هذا العالم الجليل الذي يُعتبر أبا علم الاجتماع، تجعلنا نتيقّن في القيم، وخاصة قيم التفكّر والتعقّل قبل التحدّث إلى الآخرين وقبول طلباتهم، ففي بعض الأحيان قول كلمة «لا» في مكانها الصحيح، و«نعم» في مكانها الخطأ لأنّك قد لا تستطيع القيام بما طُلب منك.

هناك كثير من النّاس من يقولون «نعم» و«إن شاء الله» و«لا يهمّك»، ولكن عندما تأتي إلى الفعل هم لا يقومون بـ 1 في المئة ممّا وعدوك به، والسبب هو عدم فهم قيمة «نعم» و«لا» لدينا، ولا ندري هل سببه التنشئة الاجتماعية أم عادات المجتمع أو هي موضوع جديد علينا!

عندما يطلب أحدهم منك شيئاً، لا تتسرّع بالقول «إن شاء الله ولا يهمّك»، أوّلاً فكّر ثمّ فكّر ثمّ فكّر ومن ثمّ قرّر، وقد تكون «لا» صعبة ولا يستطيع الإنسان قولها، لأنّ الطالب أخ أو صديق أو عزيز، ولكن صدّقنا، أنت توفّر عليهم الوقت والجهد عندما تقول «لا».

أيضاً البعض يقول «نعم» بلا تفكير، في أي جزئية من جزئيات الحياة، ولكأن ليس لديه عقلٌ يفكّر به، أي (مع القوم يا شقرة)! وهؤلاء يحرمون أنفسهم من هذه النعمة، فلو أخبرهم أحد بأنّ اللون الأبيض أسود، لن يتردّدوا ولو لحظة من أجل التفكير، بل سيقولون نحن كما سار عليه آباؤنا، أسود إذا أسود حتى لو الجميع يقول أبيض!

لا نطلب منك أن تقول «لا» دائماً، ولكن هناك أمور في الدنيا تستحق التفكّر والتعقّل، كأن يفرض عليك أحد موضوعاً ما في حياتك، وأنت تعلم بأنّ هذا الموضوع سيفقدك حقّك، فلماذا تتسرّع وتقول «نعم»، ارفض ما لا يُفيدك أو يُفيد الآخرين، واسعَ إلى نيل حقوقك وحقوق الآخرين.

الله من سابع سماء أعطاك هذا الحق، حق التفكير وحق المطالبة وحق قول «نعم» و»لا»، فلماذا أنت تسلبه من نفسك؟ هل يُعقل هذا؟ إن كنتَ تريد فرض احترامك على الآخرين، فكّر قبل قول «نعم» أو «لا»، ففيها الكثير من الخطوط والجوانب التي تبرز شخصيّتك.

«نعم» بسرعة.. و»لا» ببطء هي فلسفة ابن خلدون، ولكنّها حقيقة تجعل لنا كرامة، في وقت يُتّهم العرب بالذّل والمهانة والنفاق والخيانة، ونختمها بحديث ونستون تشرشل وفكره عنّا عندما قال: «إذا مات العرب تموت الخيانة»!