انطلقت جولة ثالثة من المحادثات بشأن النزاع السوري في أستانا أمس الثلثاء (14 مارس/ آذار 2017) وسط غياب فصائل المعارضة المسلحة، ما يقلص الآمال بتعزيز وقف إطلاق النار أو تحقيق اختراق في الحوار الهادف إلى وضع حد للنزاع الدامي الذي يدخل عامه السابع هذا الأسبوع.
وتأتي المحادثات التي يرعاها حلفاء النظام روسيا وإيران من جهة، وتركيا الداعمة للمعارضة من جهة أخرى، في وقت فشلت فيه جولتان سابقتان في أستانا في إنهاء المعارك.
ومع بدء المفاوضات التي تستمر يومين، ندد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة والذي يقود وفد الحكومة، بشار الجعفري، بقرار فصائل المعارضة عدم الحضور إلا أنه أصر على أنه لا تزال هناك إمكانية لتحقيق تقدم في غيابهم.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن الجعفري قوله «نحن حريصون كل الحرص على إنجاح مسار أستانا (...) سواء حضرت الفصائل المسلحة أم لا».
واعتبر أن «عدم حضور الفصائل المسلحة إلى أستانا يظهر العورة السياسية لها».
وأوضح أن وفد النظام حضر إلى أستانا في الأساس للقاء وفدي إيران وروسيا لا فصائل المعارضة المسلحة. وأضاف أن «موضوع فصل المعارضة عن الإرهابيين سيتصدر الجولة الثالثة من محادثات أستانا».
وذكر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أن رفض مسلحي المعارضة الحضور ينطلق من «سوء فهم»، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية.
وكان الناطق باسم وفد الفصائل المعارضة أسامة أبو زيد قال لـ «فرانس برس» الاثنين «قررت الفصائل عدم المشاركة في محادثات أستانا»، معدداً من بين الأسباب «عدم تنفيذ أي من التعهدات الخاصة بوقف إطلاق النار».
وتخطت حصيلة النزاع 320 ألف قتيل بينهم 96 ألف مدني منذ اندلاعه في مارس 2011.
ووصف المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد رعد الحسين أمس (الثلثاء) النزاع السوري بأنه «أسوأ كارثة من صنع الإنسان يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية».
وقال إن سورية بأسرها تحولت إلى «غرفة تعذيب».
وتابع المفوض السامي لحقوق الإنسان «لقد انطلقت شرارة الصراع بأسره - هذا المد والجزر المهول من إراقة الدماء والأعمال الوحشية - بارتكاب أعمال تعذيب» مشيراً إلى «أعمال الاعتقال والتعذيب التي ارتكبها مسئولون أمنيون بحق مجموعة من الأطفال في درعا قاموا بكتابة شعارات مناهضة للحكومة على جدران إحدى المدارس».
وقال «وبينما كانت الاحتجاجات تتفاقم، هاجمت الحكومة شعبها وشنَّت حرباً ضده - الأمر الذي أطلق تحركات المتمردين وأجج نفوس المتطرفين المتقدة بالعنف وأسس لمرحلة قوامها حرب إقليمية وبالوكالة».
من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف أمس إن المفاوضات «معقدة حقاً بسبب الاختلافات القائمة في تعاطي الأطراف المتعددة» مع الأحداث.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا أعلن بأن جولة خامسة من مفاوضات السلام ستنطلق في 23 من الشهر الجاري في جنيف وستركز على آلية الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، وربما إعادة بناء البلد الذي دمرت الحرب أجزاء واسعة منه. وذكر الوسيط الروسي، الكسندر لافرينتيف أن محادثات أستانا تهدف إلى «تسهيل» مهمة دي ميستورا في العثور على حل للنزاع.
ونقلت عنه وكالات الأنباء الروسية قوله «إذا نتج عن هذه المحادثات أي شيء جيد، فأعتقد أنه سيفيد عملية جنيف».
وفيما التقى المسئولون في كازاخستان، اتهمت لجنة التحقيق حول سورية التابعة للأمم المتحدة الثلثاء سلاح الجو السوري بقصف خزان المياه الرئيسي الذي يغذي العاصمة، في أواخر 2016، ما يشكل «جريمة حرب»، نافية أن تكون فصائل المعارضة قامت بتسميم المياه.
من جانبها، قالت مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني أمس (الثلثاء) إن سورية تحتاج إلى «سلام بالوكالة» يدعمه المجتمع الدولي بدلاً من الحرب بالوكالة المستمرة منذ ست سنوات والتي قتلت حوالى 320 ألف شخص.
وستستضيف بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي مؤتمراً دولياً بشأن سورية في الخامس من أبريل على أمل إيجاد قوة دافعة جديدة. لكن الاتحاد يكتفي منذ وقت طويل بدور هامشي في المساعي الدولية لتسوية الصراع.
وتجري موغيريني منذ أشهر محادثات مع ثمانية لاعبين إقليميين في الشرق الأوسط، من بينهم إيران والسعودية وتركيا ولبنان، سعياً إلى إيجاد حد أدنى لتفاهم فيما بينهم بشأن شكل محتمل لمستقبل السلام.
وقالت موغيريني للصحافيين «سيستمر عملنا معهم سواء في الوقت الحاضر فيما يتعلق بدعم اللاجئين السوريين الذين يستضيفونهم... وأيضاً فيما يتعلق بتحويل حرب بالوكالة بطريقة أو أخرى إلى سلام بالوكالة».
«أعتقد أنه يمكن إيجاد أرضية ما مشتركة بين اللاعبين الدوليين والفاعلين الإقليميين تجعل من الممكن تسهيل هذه العملية».
وهدد الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة، وهو مانح رئيسي للمعونات، بعدم دفع أموال لأعمال إعادة الإعمار إذا سحقت روسيا وحليفها الرئيس السوري بشار الأسد المعارضة المدعومة من الغرب برمته. ويقول مسئولون بالاتحاد إن دول الشرق الأوسط تتفق على أنها لا تريد تجميد الصراع في سورية أو تمزيق أوصال البلد لأن ذلك سيستمر في تغذية عدم الاستقرار على أعتابها لسنوات. وقالت موغيريني «أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك مكان لجميع اللاعبين الدوليين وخصوصاً جميع الفاعلين الإقليميين... لإدراك أن من الملائم بشكل أكبر في هذا الوقت تحويل هذا إلى سلام بالوكالة والسماح ببداية ثانية لسورية».
وستعرض موغيريني أفكارها على اجتماع لوزرا خارجية الاتحاد الأوروبي في الثالث من أبريل/ نيسان.
العدد 5303 - الثلثاء 14 مارس 2017م الموافق 15 جمادى الآخرة 1438هـ