العدد 69 - الأربعاء 13 نوفمبر 2002م الموافق 08 رمضان 1423هـ

اندماج «بابكو» و«بنوكو» بعد أربع سنوات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في فبراير/ شباط 1999 تم دمج شركتي النفط «بابكو» و«بنوكو»، فيما اعتبر خطوة متقدمة لتوحيد جهود الدولة في قطاع النفط. فبنوكو كانت منفصلة لأنها مملوكة 100 % للحكومة، ولأنها اختصت أساسا بالتنقيب واستخراج النفط وتسويق المنتجات النفطية داخل البحرين. بينما اختصت بابكو التي كانت مملوكة بنسبة 60 % للحكومة (قبل أن تشتري الحكومة الأسهم المتبقية) بتصفية البترول الخام. ويعتبر دمج المؤسسات المتشابهة واحدا من الطرق المستخدمة لزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية، خصوصا ونحن نعيش في عالم اقتصادي تسيطر عليه ضوابط العولمة بصورة متزايدة.

ولكن ولكي تنجح عمليات الدمج يستلزم الأمر أكثر من تغيير المسمى (أو إلحاق اسم بآخر، كما حدث بالنسبة إلى بنوكو التي أصبحت تسمى بابكو أيضا). وينطبق هذا الحديث على المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية والسياسية وغيرها. فأحد مسببات حرب اليمن (بين الشمال والجنوب في مطلع التسعينات) كان عدم اندماج المؤسسات المختلفة وعدم اتساق الأمور واستمرار مؤسستين تعملان تحت اسم واحد ولكن بطريقتين متوازيتين وربما متضاربتين.

بابكو المندمجة وضعت خطة مدتها أربع سنوات تقضي بإكمال عمليات الدمج مع نهاية العام 2002، لكي تحتفل كشركة مندمجة بصورة كاملة في يناير/ كانون الثاني 2003. وبحسب مصادر مطلعة فإن الخطة كانت تتحدث عن دمج الدوائر الإدارية (المالية، الموارد البشرية، تقنية المعلومات، الخدمات، إلخ) وتنظيمها ضمن هيكلية واحدة مع أكتوبر/ تشرين الأول 2002، الا ان ذلك لم يحدث.

وقد صرفت الشركة أموالا طائلة (وضرورية في كثير من الأحيان) على المستشارين الذين تم التعاقد معهم للمساعدة في الدمج. وعمل المستشارين عادة يكلف الكثير، لأن كلفة الساعة الواحدة تحسب بالمعدلات الدولية المرتفعة جدا. ويتطلب الدمج ربط أجهزة الكمبيوتر ببعضها بعضا وبرمجة الأجهزة واستخدام مخزون المعلومات المتوافرة بين الجانبين بصورة منتظمة، وكل هذا يحتاج إلى خطة شاملة ودقيقة لإنجاح مثل هذا الدمج.

يضاف إلى ذلك، أن الدمج في الحالات الاعتيادية ينتج عنه تسريح موظفين، لأن الدوائر ستكون واحدة. ولكن مثل هذا الأمر يصعب تنفيذه في البحرين. فبابكو لديها قرابة 2000 موظف، بينما لدى بنوكو قرابة 800 موظف، وجميع هؤلاء يعاملون على أساس وظائف مدى الحياة. وبابكو نفسها لو تم تحديثها على الأسس التكنولوجية المتوافرة حاليا فلربما كانت ستضطر إلى التخلص من نصف ما لديها من موظفين. غير أنه ولاعتبارات سياسية واجتماعية فقد كانت سياسة الشركة المندمجة هي الحفاظ على الموظفين. وهذا بدوره عزز مواقع الموظفين في المناصب المتقدمة. الا انه اذا كان بالإمكان زيادة عدد العاملين في الدائرة الواحدة لاعتبارات معينة فإنه ليس بالإمكان تعيين مديرين (مثلا) لدائرة واحدة. وهكذا ندخل في دوامة الوظائف غير القابلة للتجديد، وهو المرض العضال الذي لا يسمح للأعمال بالتطوير.

إن الدمج يعتبر خطوة صحيحة على طريق تنمية القدرات الوطنية وتمكينها من مواكبة التحديات التي تطرحها السوق الدولية في هذا المجال. والإدارة التنفيذية في أي مشروع تحتاج إلى صلاحيات نافذة لإعادة توجيه الإمكانات، وتحتاج إلى رأي واحد ومستمر وفهم واضح للاتجاه الاستراتيجي الذي سيتم اتباعه والعقبات في الطريق. وهذا يعني أن المديرين التنفيذيين يلزمهم فهم الظروف والمحدودية التي تفرضها الاعتبارات السياسية وغير السياسية.

على المستوى البعيد، لا مجال أمامنا إلا المنافسة على أسس السوق الدولية بكل ما يعنيه ذلك من الحاجة إلى تعاون إقليمي لخلق سوق موحدة تساند الصناعات وتفسح المجال أمام الطاقات والإمكانات، والانطلاق من دون عوائق لمنافسة المناطق الصناعية الموحدة الأخرى في أوروبا وشمال أميركا وشرق آسيا.

ولكن على المدى القريب والمنظور، فما نحن بحاجة إليه هو دمج الإدارات التنفيذية وتقليلها. وهذا لن يضر بالسياسة الداعية إلى المحافظة على العاملين في القطاع، ولكنه سيوفر على الشركة تكاليف هي في غنى عنها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 69 - الأربعاء 13 نوفمبر 2002م الموافق 08 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً