في يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من مارس، نجده فرصة سانحة تتيح لنا أن نتحدث عن واقع نسائنا هنا في البحرين، فهي ليست مناسبة نصف فيها إنجازاتنا وإن كانت ضرورة فحسب، بقدر ما هي مرآة لكشف ما تعانيه المرأة في بلدنا، وبقدر الفجوة - التي بالإمكان ردمها - ما بين ما هو متاح وما هي الإمكانات التي تمتلكها المرأة البحرينية، وما بين تكافؤ الفرص و المؤهلات المطلوبة والعوائق المرصودة.
هنا في البحرين تعاني المرأة ما تعانيه نساء العالم، وإن كان لكل بلد خصوصيته، ولكل امرأة معاناتها، لسنا ندعي ما هو غير موجود، ولانريد مزيداً من التأزيم، أو خلق صورة غير واقعية، لكن الوضع وتداعياته هو من فرض هذه الصورة، نتيجة لأزمة سياسية خانقة تعيشها البحرين، الصورة كبيرة ومتسعة وتحوي من الأجزاء ما تكون أكثر إيلاماً على المرأة، فهي تعيش الهم لوحدها، لأنها المعنية الأولى باستقرار أسرتها، فلقد فرضت الأعراف الاجتماعية أن تعيش المرأة حياة نمطية، تكون هي المسئولة الأولى عن أسرتها سواء أكانت بنت أو أخت أو أم أو زوجة، لأنها تتحمل ومازالت مسئوليات متنوعة وتقوم بأدوار مختلفة، وينعكس الأثر الأكبر عليها حين تصاب هي، أو يصاب أحد أفراد أسرتها بضرر، فهي المناط بها توفير الأمن الاجتماعي والاستقرار النفسي لأسرتها.
في البحرين هناك مواطنون كثر في السجن جراء الوضع السياسي، لديهم أمهات وزوجات يعانون جراء هذا الوضع أشد المعاناة، لأن المرأة في هذه الحالة تفقد السند والمعول الاقتصادي والأمان الذي تلجأ إليه عندما تتكالب عليها المحن، ففي خضم هذه المعاناة تعيش لوحدها، خاصة ما يلقي عليها هذا الوضع من تبعات لاتعرف مداها وإلى درجة يبلغ بها الصبر حده.
ملف البطالة الذي تأخذ منه المرأة البحرينية النصيب الأكبر، يجعلها معه تشعر بالضعف والعوز وهو ليس خيارها، ويصبح جهدها الدراسي وشهاداتها في مهب الريح، لتعيش حالة من القهر وخاصة إذا كانت البلد في حاجة وتستدعي غيرها من بقاع الأرض وأصقاعها! ما أقساها من حسرة تعيشها المرأة التي تحتاج إلى وظيفة وتمنع عنها، ولها الكثير من النتائج المدمرة والقاسية عليها، فإلى جانب مايؤديه من تأزّم حياتها، وعدم شعورها بالأمان والاستقرار النفسي، لينعكس على وظائفها الاجتماعية والوطنية، والذي بالإمكان أن يفقدها القدرة على تربية أطفالها وتنشئتهم، والمشاركة في الحياة الاجتماعية.
ملف إسقاط الجنسية لرب الأسرة والذي تتحمله المرأة بشكل كبير ومخيف، لأنها كارثة تحل على الأسرة بأكملها، وخاصة عند ترحيله، فيعيش الأبناء دون آبائهم، وتترك هذه المسافات الجغرافية ألماً ولوعة من الفراق وتزيد من قسوة الاحتياج، وفي الوقت ذاته يكونون عرضة للحرمان من الخدمات التي تقدم للمواطنيين من التعليم العالي والخدمات الصحية والإسكانية، والتوظيف وحق التملك، وتعيش المرأة البحرينية هذه المعاناة القاسية واليومية لوحدها، ويخيم عليها شبح الخوف من المستقبل، ومن تعرض أبنائها للانجراف وارتكاب الجريمة، ناهيك عن ضياع الاستقرار النفسي والاجتماعي، وتتحمل تلك المرأة المسئولية، وعليها وحدها دون غيرها سد الفجوة وإيجاد حلول لتلك المشاكل التي ورثها إسقاط جنسية الأب، فأي حياة تعيشها؟ فنحن أمام 300 شخص أسقطت جنسيتهم، ووراؤهم 300 امرأة تعاني من جراء إسقاط الجنسية، وفي كل بيت منهم قصة وغصة.
حري بنا جميعاً أن نساهم في حلحلة هذه الملفات التي تقلق المرأة البحرينية. لأنها تستحق أن نعمل من أجلها الكثير.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 5299 - الجمعة 10 مارس 2017م الموافق 11 جمادى الآخرة 1438هـ
استاذه رملة رأيك دائما دبوس بنصف موقع الحقيقة
... فعلا ماتعانيه المرأة البحرينية يفوق وصف السطور الله يحفظ بلدنا سالم غانم وتقر عيونا بثبات حرياتنا وجمالها .