العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ

العدل أساس الحكم

حسن المتروك comments [at] alwasatnews.com

.

إن كلمة العدل اشتقت من العادل وهو اسم من اسماء الحق تبارك وتعالى. بالعدل تصان القيم وتستقر المبادئ ويتضاعف شعور المواطن بانتمائه، تلك غاية الغايات لأي مجتمع متحضر ينشد حاضرا اكثر امنا واستقرارا ويستهدف مستقبلا اكثر رفعة وازدهارا. وعلى كل دولة تستهدف إقامة العدل في ظل سيادة القانون ان تعمل على كفالة حق التقاضي للمواطنين وتبسط إجراءاتها والقضاء على معوقاتها حتى تتأكد الثقة لدى المتقاضين. واذا كان تحقيق العدالة بين المتقاضين جوهر رسالة القاضي فإن تأمين العدل للمواطنين هو جوهر مسئولية الحكم. ومن هنا يكون العدل اساس الحكم.

وإذا كنا نسعى للقضاء على ظاهرة التباطؤ في اجراءات التقاضي وسرعة الفصل في القضايا بحيث لا يكون هذا الفصل على حساب العدالة والواسطة بل نريد عدالة وانجازا عادلا وسريعا وفك الغموض في بعض التشريعات التي قد تؤدي إلى عرقلة سير العدالة، فلا مانع ان يراعي القاضي الملابسات والظروف الخاصة بالدعوى والاعتبارات الانسانية ولكن في النهاية الامر عسير، ولهذا تناولت «الوسط» في عدد سابق موضوع الفساد لدى بعض القضاة الشرعيين (مستغلين منصبهم والحصانة التي يتمتعون بها). القضية قضية مجتمع لا قضية النساء دون الرجال. فيجب القول إن هذه القضية قضية معاناة الاسرة والمرأة والاطفال في المحاكم الشرعية، باعتبار ان تطبيق العدالة هو حق يهم المجتمع ككل، فالمرأة تناضل من اجل الوصول إلى الحقوق التي تضمنها لها الشريعة الاسلامية ويلتزم بها الدستور. كانت صرخة احتجاج قوية ضد ظلم تستشعره واجحاف في الحقوق تعاني منه ضد واقع تشريعي لا يواكب تطور العصر فتلجأ المرأة إلى المحاكم الشرعية لطلب الانصاف في حقها اسوة بالرجل عندما يلجأ إلى المحاكم لطلب الانصاف في قضايا جنائية إذ تتعرض للمساومات من قبل (...) أو ان قضيتها تظل معلقة لسنوات لا تعرف فيها كيف تدبر أمرها. (...) مستغلين ضعفها وطبيعتها العاطفية فالبعض يشترط لانهاء معاناتها ان يتزوجها زواج (المتعة - المسيار- العرفي) بعقد يعقد مؤقتا وتقبله ليس عن رضا نفس ولكنها تعتبره وسيلة للتخلص من مشكلاتها، والبعض الآخر يخضع لقانون المحسوبية والاطماع الشخصية متجاهلا رسالة الرسل والانبياء في انصاف المرأة التي قد تؤدي إلى ضياع وانهيار الاسرة والاطفال في مجتمعنا، فهل يعقل ان تساوم المرأة في حقها الشرعي؟ أليس الاسلام هو الدين الذي سعى بشتى الطرق لتحرير المرأة واعطاها الحق الذي لا ينكر طبيعتها في المجتمع الديني والسياسي والاجتماعي؟ إذا كانت نظرة الاسلام إلى المرأة هكذا فلماذا القسوة عليها عندما تلجأ إلى المحاكم الشرعية لطلب جزء من حقوقها إذ تساومها للتخلص من الزوج بالتنازل عن بعض حقوقها كالمؤخر او النفقة المتأخرة والمتراكمة على ظهر الزوج؟

القضية مرتبطة ايضا بمدى التطور الاجتماعي في المجتمع ليأخذ كل ذي اختصاص حقه. ولكي نصل إلى الحل الامثل لمشكلة المرأة في المحاكم الشرعية لابد من وضع برنامج متكامل يتم العمل به والبحث في المشكلة من بداياتها وليس من نهاياتها كما هو حاصل. واقترح على الجهات المختصة واللجان النسائية توفير قنوات جديدة باشراك الباحثة الاجتماعية في قضايا المرأة مع وجود فريق متكامل ومؤهل لمتابعة هذه القضايا. فالباحثة الاجتماعية تلعب دورا كبيرا ومهما خصوصا فيما يتعلق بمشكلات المرأة داخل المحاكم، وباستطاعتها كسب ثقة المرأة والوقوف معها على اسباب الخلاف الواقع باعتبار ان المرأة تشعر بالحرج من طرح مشكلاتها الخاصة امام السلك القضائي، فهي تجد انه من السهل عليها الحديث عن اوضاعها مع امرأة مثلها، ولتحقيق المزيد من العدالة لابد ان تنخرط الاخصائيات الاجتماعيات بشكل مستمر في قاعة المحاكم الشرعية. فهل من تنسيق بين وزارتي العدل والعمل بشأن دخول الاخصائية المحاكم مستقبلا؟

كما اننا نطالب وزارة العدل التحقيق في الشكاوى المرفوعة من قبل الجمعيات النسائية وفي هذه الحال للمواطن الحق في ان يتساءل عن نتائج التحقيق في الشكاوى المرفوعة. ومن هنا ادعو الجهات ذات العلاقة إلى نشر نتائج التحقيق ذات المصداقية بما يرضي الله سبحانه وتعالى في الصحف المحلية، ليس من اجل التشهير بنزاهة القضاة بل من اجل اصلاح ما تعاني منه المحاكم الشرعية من فساد، وتقدم كل من ارتكب اخطاء في حق المتقاضين إلى المحاكمة العادلة، كما نطالب بتطبيق قانون المرافعات والاحوال الشخصية الموحد واقرار النفقة القانونية، خصوصا اننا نريد تطوير تشريعاتنا بحيث لا تخالف الشريعة الاسلامية فنحن لا نريد طفرات فكل شيء يجب ان يأخذ وقته الكافي للتطبيق

العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً