العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ

أربعة أعوام من التحقيق لم تكشف التزوير

غموض مسألة «العشرين دينارا»

على رغم مرور أكثر من أربعة أعوام على قضية تزوير الدنانير البحرينية، واختفاء المتابعات الإعلامية محليا لأكبر قضية تزوير شهدتها السنوات الأخيرة لايزال الملف مفتوحا .فالقضية لا تزال تجمع متهمين جددا وتلقي المزيد من الغموض على تشكيلة المتهمين المتورطين فيها.

وتشير تقارير التحقيقات التي أجريت على مدى السنوات الماضية الى تورط المغربي هشام منذري الذي اعترف بتحويل 1,5 مليون دينار في محل صرافة في باريس، ثم وجه القضاء الفرنسي الاتهام رسميا إلى مستشار أحد الرؤساء الأفارقة الذي اعترف بتخزين كميات كبيرة من الدنانير المزيفة في بلاده التي كانت احدى المحطات التي مرت بها شحنات النقود.

«الوسط» فشلت في الحصول على أية ردود من وزارة الداخلية على أسئلة لاتزال مطروحة. هل زوّرت 140 مليون دينار بحريني من فئة العشرين دينارا، أم أن النقود كانت سليمة باختلافات طفيفة عن الأصلية، كما تدعي «تشيشوني» الارجنتينية التي تقول انها طبعتها بناء على طلب رسمي موقع من مسئولين من السلطات النقدية في البحرين.

الفرضية الأخيرة تعني أن عصابة ربما تكون استغلت هويات مسئولي النقد فاستوفت الوثائق كافة التي تطلبها الشركة الطابعة للمضي في تنفيذ طلب الطباعة.


أربعة أعوام من التحقيق لم تكشف غموض ورقة «العشرين دينارا» المزورة

الوسط - هناء بوحجي

لايزال ملف قضية الدنانير البحرينية المزيفة مفتوحا بعد مرور أكثر من أربع سنوات على هذه القضية التي تطل برأسها بين الحين والآخر في الصحافة العالمية الا أن الكشف عن أية تطورات ترد الى الجهات التي تتولى متابعة القضية في البحرين، يعتبر، ولأسباب غير معروفة، من المحظورات.

ولم تتمكن «الوسط» ـ على رغم محاولاتها ـ من التعرف على آخر مستجدات القضية لدى وزارة الداخلية، كما أن جهات متعددة تتردد في الخوض في التفاصيل وتتحدث بصوت خفيض وكأنما تخشى أن تلام فيما بعد على اعادة بعث الموضوع الذي لم يمت أصلا الا في وسائل الاعلام المحلية.

ويعود تاريخ قضية تزوير 140 مليون دينار بحريني ،كما أوردتها وسائل الاعلام المحلية، الى يونيو/ حزيران من العام 1998 عندما كشفت مؤسسة نقد البحرين عن أن العملة البحرينية من فئة العشرين دينارا قد تعرضت للتزوير ودعت حينئذ الأفراد والمصارف الى توخي الحذر في التعامل مع هذه الفئة من النقد وحددت فترة اسبوع تنتهى في منتصف يونيو نفسه، تتاح لمن في حيازتهم الاوراق النقدية من فئة العشرين دينارا لاستبدالها. واكتفت المصادر الرسمية حتى يوليو/ تموز التالي بالاعلان أن «التزوير لم يكن مألوفا أو عاديا»، ولكن التحقيقات كما ذكرت وكالات اعلامية عالمية ومنها «أفريكا انتلجنس» فيما بعد أوضحت أن النقود لم تكن مزورة وانما طبعت بناء على طلب مزوّر لدى شركة «تشيشوني» الأرجنتينية التي ادعت أنها نفذته بناء على تسلمها بروفات أخيرة للورقة النقدية من أفراد يحملون هويات مزورة لمسئولين في السلطات النقدية في البحرين وبالتالي طبعت النقود ، بناء على طلبهم، تحمل أرقام لأوراق طبعتها الشركة في وقت سابق وقد دعا ذلك وسائل الاعلام المختلفة لتسميتها «الدنانير الحقيقية المزورة».

ونبش الملف الذي لايزال مفتوحا في فرنسا إذ ضبطت كميات كبيرة من الأموال المزورة وأوقف عدد من المتهمين بالضلوع في هذه القضية، أخيرا، بتعرض أحد المتهمين، المغربي هشام منذري، إلى اطلاق نار عليه في احدى ضواحي باريس في حادث هو الثاني من نوعه خلال شهر، اذ تعرض منذري لضرب في محل اقامته في باريس الأمر الذي دعا محاميه الفرنسي، ويليام بوردون، الى طلب الحماية لموكله، وبالفعل أصبح منذري يحظى بحماية البوليس الفرنسي منذ ذلك الوقت.

وكان منذري قد اعترف في مايو/ آيار الماضي بأنه قام بتحويل 1,5 مليون دينار بحريني في محل صرافة بالشانزليزيه الفرنسي مقابل عمولة قيمتها 10 % لكنه نفى علمه أن تكون تلك النقود مزورة، وسافر منذري للغرض نفسه الى سورية ولبنان الا أن السلطات البحرينية كانت قد أعلنت كشفها للنقود المزورة بمعونة شرطة الانتربول الدولي.

ولكن ومع ذلك فمن الصعب التيقن من صلة الحادث الذي تعرض له منذرى في العاصمة الفرنسية بقضية الدنانير المزورة ذلك لأن منذري متورط في خلافات مع أكثر من جهة ومنها مع العائلة المالكة في المغرب إذ ادعى منذري في إعلان نشره في صحيفة «الواشنطن بوست» قال فيه إنه عمل مستشارا في قصر الملك الحسن الثاني وانه يمتلك ملفات يسيء نشرها الى العائلة المالكة، إلا أن القصر الملكي نفى ذلك في وقت لاحق.

والى جانب منذري كانت الشبهات تحوم حول الرئيس التشادي، ادريس دبي، بعد أن تم القبض على مستشاره، حسن فاضل، بعد أن تم استجوابه في في مستشفى في فرنسا واتهم رسميا من قبل القاضي الفرنسي، بسمورث فارون، بتورطه في قضية الدنانير المزورة. ومن بين اعترافاته قال فاضل لقاضي التحقيق إن «كمية كبيرة من الدنانير المزورة تم تخزينها في تشاد». وتشاد هي احدى المحطات التي توقفت فيها شحنات النقود، إذ مرت الدنانير بعد أن شحنت في طائرة بوينغ تعود لملاك من بلجيكا، زائير ولبنان، بمطارات نيامي في النيجر، ومطار نواكشوط في موريتانيا، كما نقلت شحنات من النقود الى مطار نجامينا في تشاد.

والسيناريو كما تتابعه وسائل الاعلام المختلفة منذ يونيو 1998 وتضاف اليه مستجدات القضية هو أن الشركة الارجنتينية وقعت في بداية العام نفسه عقد طباعة 140 مليون دينار بحريني، مع شخصين ادعيا أنهما مسئولان كبيران من مؤسسة نقد البحرين، وتسلمت الشركة طلبية زنتها 8 أطنان من البنكنوت من شركة فرنسية في وقت لاحق، وأتمت الطباعة بعد مرور ستة شهور على العقد وتم نقلها الى كل من النيجر وتشاد في الفترة من 4 الى 11 يونيو، وفي الفترة التالية ظهرت النقود البحرينية المشبوهة في عدد من الدول الخليجية والعربية والأوروبية.

يشار إلى أن الشركة الأرجنتينية الطابعة التي تضررت سمعتها بعد انكشاف أمر القضية رفعت في المحاكم الارجنتينية ادعت فيها أنها قامت بطبع الدنانير وفق أرقام تسلسل لدنانير مطبوعة لديها سابقا بناء على طلب رسمي من السلطات النقدية.

وعلى رغم صعوبة الوقوف على السيناريو المعتمد بشأن هذه القضية في الملفات المحلية فإن هذا لا يلغي أهمية الاجابة عن أسئلة تكشف الاجابة عنها غموض جوانب كثيرة في أكبر قضية «تزوير» شهدتها السنوات الأخيرة من القرن الماضي. هذا التزوير أوضحت التحقيقات أنه ليس للنقود وإنما للطلب الذي طبعت بموجبه هذه النقود

العدد 68 - الثلثاء 12 نوفمبر 2002م الموافق 07 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً