تصدر الحزب الديموقراطي الوحدوي المؤيد للاتحاد مع بريطانيا نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في إيرلندا الشمالية، لكن بفارق مقعد واحد عن القوميين (شين فين) ما ينبىء بمفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف حكومي.
وأحرز الحزب الديموقراطي الوحدوي 28 مقعداً من مقاعد البرلمان المحلي الـ90، يليه القوميون (شين فين) المؤيدون لإعادة توحيد إيرلندا بـ 27 مقعدا محققين بذلك اختراقا كبيرا.
ورغم بقاء الحزب الديموقراطي الوحدوي في الصدارة فان تقدمه تقلص. ففي مايو/ أيار 2016 كان حصل على 38 مقعداً، متقدماً على الشين فين (28 مقعدا) وحزب "ألستر" الوحدوي (16 مقعدا) في مجلس كان من 108 مقاعد.
وكتب المدون كريس دونلي على موقع سلاغر أوتول المتخصص "هذه الانتخابات تشكل منعطفا فهي الاولى التي يترجم فيها الواقع الديموغرافي في إيرلندا الشمالية إنتخابيا".
وكان يشير الى هيمنة البروتستانت على الحزب الديموقراطي الوحدوي (المؤيد للارتباط ببريطانيا) والتحاق الكاثوليك ديموغرافيا بهم وهم اغلبية بين القوميين (شين فين).
وتراجع الحزب الاخر المؤيد للارتباط ببريطانيا (حزب الستر الوحدوي) بعشر مقاعد ما ادى الى استقالة زعيمه مايك نيسبت.
وبسبب هذه النتائج السيئة بات دعاة الاتحاد مع بريطانيا اقلية في جمعية ايرلندا الشمالية للمرة الاولى منذ انشاء هذه المقاطعة في 1921.
وقالت رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها آرلين فوستر، ورئيسة الحزب الديموقراطي الوحدوي "لنتقدم من الان فصاعدا على امل ان تتغلب المصلحة المشتركة" في حين قالت ميشال اونيل زعيمة القوميين (شين فين) انها "سعيدة" بالنتائج.
وامام الحزبين ثلاثة اسابيع لتشكيل حكومة ائتلاف وحل الخلافات التي ادت الى تنظيم هذه الانتخابات وذلك بعد عشرة اشهر فقط من اقتراع سابق.
لكن المحللين لا يرجحون امكانية تشكيل حكومة بحلول 27 آذار/مارس.
وقال ستيفان غريماسون المتحدث السابق باسم حكومة ايرلندا الشمالية لبي بي سي "مع مثل هذه التغييرات من الصعب رؤية كيف سينجحان معا في تشكيل حكومة جديدة".
"إلغاء المؤسسات"
واعلن حزب "شين فين" رفضه العمل مع فوستر التي اعلنت رغبتها في البقاء في منصبها كرئيسة حكومة.
وقال جوناتان تونغ استاذ العلوم السياسية في جامعة ليفربول "اذا استقالت ارلين فوستر فانه من الممكن جدا التوصل الى اتفاق (..) لكن الحزب الديموقراطي الوحدوي يبقى الحزب الرئيسي ولن يسمح بان يبدو شين فين كأنه هو من يختار زعيمه".
واضاف ان ما يزيد من تعقيد التوصل الى اتفاق ان الحزبين لديهما مواقف متعارضة من مسائل شائكة مثل تعليم "اللغة الايرلندية، وزواج المثليين، وبشكل اعمق حول بريكست".
وفي حال فشل المفاوضات فان ذلك قد يدفع الوزير البريطاني لإيرلندا الشمالية جيمس بروكنشر الى ادارة هذه المنطقة من لندن وذلك للمرة الاولى منذ عشر سنوات.
ويرى جوناتان تونغ انه "اذا الغي الحكم الذاتي لفترة تزيد عن عام، فان ذلك يعني التوجه الى الغاء دائم للمؤسسات" الايرلندية الشمالية، مذكرا بانه اثناء فترة "الاضطرابات"، "علقت اللامركزية لمدة عام ، لكن الامر استمر 25 عاما في نهاية المطاف".
وكانت اندلعت الازمة في مطلع كانون الثاني/يناير مع استقالة نائب رئيس الوزراء مارتن ماكغينيس، الشخصية التاريخية في شين فين، ما ادى تلقائيا الى استقالة رئيسة الوزراء آرلين فوستر، رئيسة الحزب الديموقراطي الوحدوي، ما أحدث شرخا بين الحزبين اللذين يتقاسمان السلطة بموجب اتفاقات 1998 للسلام.
وأنهت تلك الاتفاقات عقودا من المواجهات العنيفة بين الكاثوليك القوميين والبروتستانت الوحدويين التي اسفرت عن مقتل اكثر من 3000 شخص في 30 عاما، ونظمت تقاسم السلطة السياسية بين انصار الاتحاد مع بريطانيا العظمى والقوميين.
واستقال ماكغينيس احتجاجا على معلومات عن اختلاس في برنامج رسمي لدعم الطاقات المتجددة روجت له فوستر وحزبها.
غير ان الخلاف بشأن دعم الطاقة يخفي اشكالية اخرى تتعلق بالاستفتاء على انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الاوروبي "بريكست". ففي حين نظم الوحدويون حملة لصالح "بريكست" سعى القوميون الى التصدي له.
وفي حال طالت الازمة السياسية يحق للندن نظريا الدعوة الى اقتراع جديد، لكن هذا الاحتمال غير مرجح حالياً.