مشكلة الأمطار التي شهدتها البحرين تسببت في حدوث جملة من الأضرار التي تعرض إليها المجتمع المحلي، وتُمثل في جوهرها خطراً مباشراً على الأمن البيئي للمجتمع، وتَمَثلت الآثار السلبية للمشكلة في الأضرار المادية والمعنوية، ومن المحتمل أن تتسبب في حدوث الأضرار الصحية والبيئية، إذا لم يجر اتخاذ الإجراءات العلاجية بشكل جذري لمخلفات الأمطار وتداعياتها، وما تركته من أثرٍ سلبي في تكون برك الأمطار المختلطة في مكوناتها من مياه الأمطار ومياه المجاري، التي من الطبيعي أن تكون مصدراً لتكاثر البعوض والحشرات والفئران والقوارض الضارة بصحة الإنسان، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالبيئات الساحلية بفعل المياه العادمة التي جرى تفريغها في المياه الساحلية، وذلك لغياب الرؤية الواضحة والنظام الإداري والفني للإجراءات الممكنة في التخلص من مياه الأمطار في مثل هذه الحالات.
الواقع الذي شهدناه يطرح جملة من الأسئلة في شأن أبعاد الخلل المزدوج في التخطيط التنموي والإداري والتنظيمي، وفي الأسباب المباشرة لحدوث المشكلة، إذ إنه بعيداً عن واقع الضعف في البنى التحتية، وكذلك إذ ما افترضنا جدلاً ما تسبب فيه ضعف الوعي الاجتماعي في الاستغلال غير الرشيد لشبكة تصريف الأمطار وشبكة الصرف الصحي، ما ترتب عليه انسدادها وإعاقة جريان الأمطار بأريحية، تبقى هناك أسئلة إستراتيجية تطرح نفسها في واقع الكارثة، فأين غابت الإجراءات الإدارية والفنية الروتينية التي كان ينبغي اتخاذها لاستبعاد إمكان حدوث ذلك الخلل؟ وأين هي خطط التصدي الإدارية والفنية التي ينبغي أن تكون معلومة بحكم التجارب السابقة، إضافة إلى أنها تدخل ضمن نظام الاستعداد المبكر في علم الإدارة الحديثة لمواجهة هكذا حالات؟ وهل ما حدث كان في الإمكان الحد من آثاره في حالة الأخذ في الاعتبار بالتزامات خطة الحكومة لعام 2015 - 2018؟ كما أنه هل يمكن أن يحدث ما حدث في حالة الالتزام بالمعايير الدولية الحديثة للتنمية التي يجري الارتكاز عليها في معايير بناء المدينة المستدامة؟ وهل الجهات المختصة والمعنية استوعبت دروس نتائج مشكلة الأمطار، واتخذت إجراءاتها الإدارية في قراءة واقع الخلل، والبدء في إعداد دراسة منهجية يمكن أن ترتكز على مخرجاتها في بناء الحلول، للتمكن من تجاوز هكذا حالات في المراحل المقبلة؟
تلك أسئلة مهمة نرى ضرورة أن تكون محط اهتمام ومعالجة، وهي في حاجة إلى قراءة دقيقة وتشخيص علمي مؤسس للخروج بمقترحات علمية يمكن أن تفيد صناع القرار في تصحيح جوانب الخلل في منظومة العمل الإداري والفني، وفي بناء خطة تنموية مؤسسة في منهجياتها في المرحلة المقبلة لتجاوز إمكان تكرار ما حدث.
المجتمع الدولي حدد معايير واضحة بشأن التنمية لبناء المدينة المستدامة، التي تأخذ في اعتباراتها معايير الأمن المعيشي والصحي والبيئي للمجتمعات المحلية، وتدخل مقومات البنية التحتية ضمن النظم الإجرائية الاستراتيجية لبناء المدينة المستدامة القابلة للصمود، ذلك ما يمكن تبينه على سبيل المثال لا الحصر في مبادئ مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة – ريو 2012، في المبادئ (134،135،136) وتَتَمثل تلك المحددات في الآتي:
1) الأخذ بنهج متكامل في مجال التنمية الحضرية والمستوطنات البشرية يقوم على توفير السكن والبنى التحتية بكلفة يسيرة.
2) تحسين جودة المستوطنات البشرية، بما في ذلك تحسين ظروف المعيشة والعمل لسكان المراكز الحضرية والمناطق الريفية.
3) تعزيز سياسات التنمية المستدامة التي تدعم خدمات الإسكان والخدمات الاجتماعية الشاملة للجميع؛ وتوفير بيئة عيش مأمونة وصحية للجميع.
4) تحسين المساحات الخضراء والآمنة في المدن وحمايتها وإحيائها؛ وتوفير مياه الشرب ومرافق الصرف الصحي المأمونة والنقية؛ وتوفير نوعية هواء صحية.
5) الإدارة المستدامة للنفايات باتباع النهج الثلاثي القائم على التخفيض، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير.
6) التشديد على أهمية أن تُراعى في التخطيط الحضري اعتبارات الحد من مخاطر الكوارث والقدرة على التكيف ومخاطر المناخ.
برنامج عمل الحكومة يحدد منظومة من الأولويات الاستراتيجية في محور البنية التحتية، ويؤكد في خطة السياسات والمبادرات والإجراءات، في بند تطوير مشاريع وخدمات الصرف الصحي في العمل على:
1) تطوير البنى التحتية لمنظومة الصرف الصحي من خلال منظومة من المشاريع في مختلف محافظات مملكة البحرين.
2) التوسع في إنشاء شبكات الصرف الصحي في المواقع العمرانية المتبقية والجديدة لتوفير خدمات الصرف الصحي لنحو 98 في المئة من سكان البحرين.
3) برامج مستمرة لتأهيل الشبكات القائمة في كافة مناطق البحرين.
4) التوسع في إنشاء شبكات مياه الأمطار في مواقع مختلفة، بالتزامن مع تطوير الطرق والمشاريع الإسكانية، إلى جانب إنشاء شبكات تصريف الأمطار في المواقع القديمة بالتنسيق مع المجالس البلدية، وتجميع مياه الأمطار وحقنها في الأحواض الجوفية.
5) البدء في إعداد دراسة بشأن الاستفاد من كميات الحمأة المنتجة في محطات الصرف الصحي للأغراض المختلفة مثل السماد وتحسين خواص التربة وغيرها.
الملاحظ أن برنامج عمل الحكومة واضح في محدداته الاجرائية والتنفيذية، والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن الجميع، كيف حصل ما شهدناه من مشكلة مع توافر الإجراءات الكفيلة ببناء نظام إداري وفني وتنموي للتصدي للحالة التي شهدنا حوادثها؟
الجميع يتفق أن هناك خللا في التخطيط الاجرائي للاستعداد المبكر في التصدي لاحتمالات حدوث منعطف في كميات سقوط الأمطار، ويعتقد الكثير من المتابعين لواقع التخبط في مواجهة تبعات المشكلة، أن هناك قصورا في بعض الأجهزة الإدارية والتنفيذية في بناء نظام إجرائي استباقي لموسم الأمطار، إلى جانب ضعف التنسيق بين الأجهزة المختلفة، بالإضافة إلى غياب التنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص، وعدم توافر خطة طوارئ مشتركة للتصدي لهكذا حالات، وبالطبع لايستثنى مما حدث غياب الوعي وضعف الفهم الصحيح للمسئولية الاجتماعية في الحد من إمكان حدوث ما حدث، وأخذ في الاعتبار المعطيات التي أكدتها مشكلة الامطار من الطبيعي يجري العمل في اتخاذ الآتي:
1 - تتولى جهة الاختصاص تشكيل فريق عمل يضم كوادر متعددة الاختصاصات العلمية والهندسية والفنية والادارية والصحية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية، يتولى مهمة إعداد دراسة ترتكز على المعايير العلمية في تقييم الحالة، وتضع مرئياتها في المخرجات العملية في شأن الأسباب والحلول.
2 - تنظيم ورشة عمل علمية بمشاركة مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني يجري في سياق عملها دراسة المرئيات والحلول الممكنة في معالجة أضرار المشكلة من الجوانب الفنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مع الأخذ في الاعتبار جانب الشراكة والمسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص في دعم مشاريع تأهيل وتطوير البنية التحتية.
3 - دراسة إمكانية بناء خطة طوارئ مشتركة يدخل في تشكيلتها التنظيمية المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني كل وفق اختصاصاته وامكاناته التنظيمية والادارية للمساهمة في عمليات التدخل في التصدي لمثل هكذا حالات.
4 - تتولى جهة الاختصاص، بالارتكاز على مبدأ الشفافية، نشر البيانات والمعلومات التي يجرى تشخيصها بشأن مكامن الخلل الذي تسببت في حدوث مشكلة الأمطار.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5289 - الثلثاء 28 فبراير 2017م الموافق 01 جمادى الآخرة 1438هـ
لا تزال برك الامطار باقية في مواقع مختلفة والشمس لم تساعد في تجفيفها ونتفق مع الكاتب راح تتسبب في تكاثر البعوض واعتقد ان يرقاتها بدأت تفقس.
1-قدم الشوارع وقدم هندستها
2-كثرة اعداد السيارات والسماح لكل اجنبي ايا يكن راتبه بالحصول على رخصة سياقة وشراء سيارة .
3-عدم وجود متخصصين في مسألة هندسة التخلّص من مياه الامطار على الوجه الأفضل
4-وضع البيوت الحديثة وطرق هندستها اثبت انها فاشلة جدا
5-عدم جاهزية الأجهزة لمواجهة مثل هذه الكوارث.
بعض الحلول البسيطة: فتح جداول صغيرة في بعض المناطق
تجهيز مضخات ملائمة لشفط المياه من الشوارع الى مناطق مجاورة
االامور طيبة طلعت الشمس وما قصرت