اذا كانت المملكة العربية السعودية تحاول أن تبعث برسالة إلى واشنطن فليس هناك ما هو أكبر من وصول مئة رجل أعمال سعودي لفتح فصل جديد من العلاقات السعودية -العراقية. وفي الوقت الذي وضح فيه وزير الخارجية السعودي أنه لن يسمح للولايات المتحدة باستخدام أراضي المملكة لضرب العراق، كان مندوبو ستين شركة سعودية يشاركون في معرض بغداد الدولي، على رأسهم رئيس مركز تطوير الصادرات بالمملكة العربية السعودية عبدالرحمن الزامل. وهو ليس فقط وزيرا في الحكومة السعودية ولكنه وصل مع مرافقيه الى بغداد بعد اعادة فتح الحدود للمرة الأولى منذ حرب الخليج الثانية في العام 1991. وقد استقبلهم وزيران من الحكومة العراقية وذبحت الخرفان لذلك. وفي هذه الزيارة وقعوا عقودا مع بغداد تصل قيمتها إلى 40 مليون دولار على الأقل. ويمكن أن تضاعف عملية اعادة فتح الحدود قيمة التجارة بين البلدين والتي تتم تحت برنامج الأمم المتحدة «النفط مقابل الغذاء»، والبالغ قيمتها 1,1 بليون دولار. ويعتبر هذا الأمر ردا على مزاعم مسئولي الإدارة الأميركية بأن العرب في صف الولايات المتحدة. وقد كان للسعوديين نشاط تجاري مع العراق منذ العام 1998، ولكن وجود وزير حكومي ضمن الوفد يضفي اطارا سياسيا جديدا للعلاقات بين البلدين.
وسينتقل مفتشو الأمم المتحدة إلى الحدود التي أعيد فتحها مؤخرا لمراقبة حركة التجارة في غضون أسبوعين، وهي خطوة عارضتها العراق بشكل أولي.
وقد أشارت صحيفة «الديلي ستار» التي تصدر من بيروت إلى أن زيادة التجارة بين السعودية والعراق سيضر بالأردن إذ أن نظام الأمم المتحدة لمفتشي الحدود يعطل الحركة لأيام وربما لأسابيع.
وقد أعلن الزامل في بغداد بأن الطريق بين السعودية وبغداد سيصبح طريق تجارة دولية رئيسيا مع نهاية العام.
ومن الأمور غير الاعتيادية والمثيرة للسخرية التي يمكن أن نجدها في الشرق الأوسط فقط، هو أن أحد أعضاء الوفد إلى بغداد هو رجل الأعمال السعودي يوسف البسام، الطيار السابق في القوات الجوية السعودية. وقد كان من ضمن الطيارين الذين قصفوا الطائرات العراقية في التحالف مع الولايات المتحدة قبل أحد عشر عاما. ولكن كل ذلك تم غفرانه الآن في الرياض وفي بغداد.
ويبدو أن المبادرة قد بدأت في بيروت في مارس/أيار الماضي، عند ما اعلن ولي العهد السعودي الأمير عبدالله خطة سلام، باقتراحه الاعتراف الكامل باسرائيل من قبل الدول العربية في مقابل انسحابها الكامل من الأراضي المحتلة والقدس الغربية، والتي تجاهلها الأميركان تماما وتعامل شارون معها في شبه ازدراء.
ففي تلك القمة قام نائب رئيس مجلس الثورة العراقية عزت ابراهيم بمعانقة ولي العهد السعودي في اشارة الى ما تحقق من تقارب ودي في العلاقات. وقد وضح ابراهيم ذلك بارتدائه ملابس مدنية - بدلا من الزي الكئيب الذي يحبه صدام ومعاونوه - كرمز لنوايا العراق السلمية
العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ