المراقبون يتوقعون أن يتعاطى العراق مع القرار الجديد الذي صدر بإجماع الدول الدائمة العضوية، بإجراء المزيد من المشاورات مع الدول العربية والصديقة من بينها روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وجنوب افريقيا وتركيا وايران.
ويرى بعض الدبلوماسيين في بغداد أن النبرة الجديدة، التي حملها حديث الرئيس العراقي أثناء لقائه مع نائب وزير خارجية جنوب افريقيا عن ان العراق يمكن أن يفكر في التعامل مع القرار الجديد، حملت الكثير من المعاني ورأى فيها الكثير من المحللين انها ليست منعزلة عن تلك المعلومات التي سربت من مصادر قريبة من حزب مسعود البارزاني عن اعلان منظمات أميركية تدعي العمل الإنساني في شمال العراق رغبتها في تجنيد الشبان الأكراد.
وأشار مصدر صحافي عربي عاد للتو من مدينة اربيل إلى أن تدريب هذه المجموعة معروف لكل الأكراد؛ ومعروفة كذلك النيات من وراء ذلك. ويعتقد هذا الصحافي العربي الذي يعمل مراسلا لاحدى وكالات الأنباء الدولية، وطلب عدم الكشف عن اسمه، ان الهدف من تدريب بهذا الطراز ليس مقاومة الارهاب بل العمل على ارتكاب اعمال ارهابية.
وسألت «الوسط» مصدرا عراقيا مطلعا عن هذه النبرة الجديدة في الخطاب السياسي العراقي ومدى صدقية ارتباطها بالوجود الأميركي في شمال العراق، أفاد «ان الحال العراقية الآن مثل ذلك الذي لا يريد أن يتهم بفعل شيء عسى ألا يصيبه مكروه، ثمة اعتقاد بين أنه واقع اليوم أوغدا».
وأضاف «أن منظمات أميركية تنتشر في شبكة واسعة شمال العراق وهي مرتبطة بالمخابرات المركزية وهناك شعبة من الموساد الإسرائيلي افتتحت لها مكاتب من النوع ذاته وبجنسيات أميركية أو أوروبية ومهمتها تدريب الخارجين على القانون حتى على قانون الأكراد أنفسهم، ولا هدف ظاهر لذلك غير العمليات الارهابية، وعليه ليس بعيدا عن الاستنتاج الصحيح أن تقوم مجموعات من هؤلاء بعمليات ارهابية أو أي عمليات أخرى للإساءة إلى الحكومة العراقية واظهار نوع من العلاقة بينها وبين الارهاب، ولا سيما ان عددا من هؤلاء انفصلوا عن مجموعة الملا كرايكور زعيم جماعة اسلامية متطرفة يعتقد بعلاقاتها مع تنظيم القاعدة».
ولعل أبرز ما أشار اليه الصحافي العربي، هو السيطرة الأميركية على القرار الكردي، والسؤال هل باستطاعة «تعديل» الخطاب السياسي العراقي وتوظيف الوجود الدولي المكثف الذي شهدته ساحات معرض بغداد الدولي أن يجعلا من اتهام العراق بعلاقة ما مع نوع من العمليات الارهابية، التي ربما تنطلق غدا أو بعد غد في احدى العواصم الأوروبية أو المدن الأميركية، تخيب كما خابت كل المحاولات الأميركية بهذا الشأن حتى الآن.
هناك أكثر من رأي في هذا الموضوع، فمن هذه الآراء من يرى أن الإدارة الأميركية ليست بحاجة إلى «فبركة» عملية ارهابية والصاقها بالعراق، لأن هذه الإدارة تعلن كل يوم أنها تعمل من أجل الإطاحة بالنظام السياسي في العراق، وعليه من المستبعد حصول مثل هذه العملية.
ومن الآراء الأخرى أن «تعديل» لهجة الخطاب السياسي العراقي، مصدره رسائل النصيحة التي وصلت إلى بغداد من أطراف صديقة وشقيقة، أبرزها من السعودية ومن روسيا الاتحادية ومن فرنسا وأخيرا من دولتين مهمتين في المناورة السياسية الحالية في الموضوع العراقي، وهما المانيا وجنوب افريقيا، فالأولى تشجعت على رفع عقيرتها ضد الهيمنة المطلقة لأميركا وشكلت دورا متفردا لأوروبا في السياسة الدولية.
أما جنوب افريقيا فالحكاية مختلفة، لأن الرئيس السابق نلسون مانديلا شجع على فتح حوار عراقي - أميركي بدأ في قمة الأرض التي عقدت في البرازيل ولم تنته جهوده حتى بعد تقاعده الوظيفي، وتواصلت هذه الجهود في قمة دوربان الأخيرة ولكن نقاط الاختلاف بين الموقفين الأميركي والعراقي كانت كبيرة بحيث لم يستطع مانديلا إلا التمسك بحكمة بوش الأب لثني الابن عن عزيمته على غزو العراق.
ويفسر المراقبون والمحللون السياسيون زيارة المبعوث الرئاسي في هذه الأيام بالذات، كونها تواصلا مع تلك الجهود التي يبدو الرئيس ماكيبي قد تسلم مقاليدها.
وبغض النظر عن ذلك، فالسؤال اليوم ليس مخاوف بغداد من احتمال فبركة عملية ارهابية وإلصاقها بها، بل في التعامل الموضوعي مع التهديد ومدى قربه من موعد متوقع للبدء بالعمليات العسكرية ومنها الاشارة التي صدرت في الصحافة الأميركية يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عن تشكيل مجموعات جديدة للإطاحة بالنظام العراقي.
طبعا ان تكرار عقد الرئيس صدام حسين اجتماعات مشتركة بحضور ولديه عدي وقصي ووزير الدفاع وكبار قادة صنوف القوات المسلحة مع التركيز على وجود خبراء من تشكيلات القوة الجوية والدفاع الجوي.
رسالة إلى من يهمه الأمر بأن الاستعدادات العراقية يمكن أن تجعل من الحرب الأميركية المرتقبة ليست مجرد نزهة في ضواحي المدن العراقية أو بغداد نفسها، وهذا ما يؤكده المسئولون العراقيون عندما يشيرون إلى ان استعدادات بلادهم لهذا اليوم قائمة وكأنه سيحدث غدا ولكن ما يستجد من تقارير ومعلومات عن احتمالات الصاق تهمة بالعراق عن عملية ارهابية قد تنفذ في القريب العاجل، تجعل من مهمة العراق صعبة في مواجهة نتائج مثل هذه العملية على المستويين الأوروبي والعربي، ناهيك عن مجلس الأمن الدولي
العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ