العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ

ورقة لكل الفصول

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

حصل الرئيس الاميركي جورج بوش من مجلس الأمن على «الورقة» التي يريدها. فهذه الورقة التي مارس ضغوطه المختلفة على اعضاء مجلس الأمن للحصول عليها ستكون نقطة البدء في اي تحرك يريده في المستقبل. فإذا اراد الحرب فالورقة جاهزة للاستخدام. واذا اراد التفاوض فإن الورقة ستكون المدخل. واذا اراد ان يكتفي بالضغط فهي جاهزة، واذا اراد الابتزاز فهي جاهزة. فالورقة (القرار) متعددة الالوان وجاهزة لمختلف الاستخدامات. فهو يستطيع استخدامها متى أراد وفي كل الاوجه وفي مختلف الطرق.

توقيت الاستخدام يخضع للإدارة الاميركية ومصالح الدولة الاستراتيجية. فحين يجد الرئيس انه بحاجة اليها يرفعها بوجه الخصوم وضد الاعداء واحيانا الاصدقاء. فهي قوة قانونية تكفل له التحرك وتغطي له سياساته ليس ضد العراق فقط ولكن ايضا في منطقة «الشرق الاوسط» ومختلف دولها. ظاهر الورقة محدد بالعراق. الا ان الخاص دائما يمكن تعميمه في حالات مشابهة وتحويل الورقة من قرار محدد إلى قرار يشمل اكثر من جهة في آن.

بعد حصول بوش على الورقة الدولية لم يعد لمجلس الأمن قيمة تذكر في هذا الخصوص. فالدول الكبرى انتهى دورها الفعلي حين وافقت على المساومة وقدمت في الجولة الاخيرة من المفاوضات بعض ما كان يريده الرئيس الاميركي. وهذا البعض يعني له الشيء الكثير على الاقل في منطقة استراتيجية وخطيرة مثل الشرق الاوسط.

ماذا تستطيع ان تفعل روسيا الاتحادية الان بعد ان وافقت على تمرير القرار؟ وماذا تستطيع ان تفعله الصين؟ كذلك فرنسا.

فرنسا كانت اكثر الاطراف اعتراضا، ولعبت دورا في تخفيف تطرف القرار وتقليص صلاحيات الورقة وضبط بنودها ضمن حواجز قانونية. وفرنسا كانت تدرك انها في النهاية مجبرة على الموافقة لان استمرارها في الاعتراض يعني انها تضع علاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة على مفترق لا تقوى وحدها ومن دون اوروبا مجتمعة على مواجهة احتمالاته المفتوحة على اكثر من صعيد.

بريطانيا اختارت منذ البداية المشاركة لا المفاصلة. فهي منذ فترة طويلة اختارت الولايات المتحدة حليفها الاستراتيجي دوليا معتبرة نفسها الوسيط (او الجسر) التاريخي بين اميركا واوروبا. لذلك لعبت دورا للتوفيق بين فرنسا والولايات المتحدة وتقريب وجهات النظر بينهما مع ميل دائم لواشنطن على حساب دول الاتحاد الاوروبي. خيار بريطانيا الاول حتى الان يميل إلى اميركا والثاني يتجه احيانا نحو اوروبا. الا ان محصلة مواقفها دائما إلى جانب الولايات المتحدة. فهي تدرك انها لا تستطيع المعاندة في مسألة استراتيجية تمس جوهر المصالح الاميركية في «الشرق الاوسط». وجوهر تلك الاستراتيجية: أمن اسرائيل وأمن النفط.

منذ بداية النقاش اختارت بريطانيا الطريق الاميركي إلى الشرق الاوسط ومالت إلى لعب دور الوسيط في وقت تدرك انها لا تستطيع ان تفعل شيئا سوى دعم موقف الولايات المتحدة واستراتيجيتها الدولية.

الان وبعد نقاشات وسجالات دامت اكثر من ثلاثة اشهر على صيغة القرار الدولي انتهى دور مجلس الأمن في مسألة العراق واخذت الولايات المتحدة الورقة التي طلبتها لا كما ارادت ولكن كما تشتهي.

فبعد التصويت من قبل 14 دولة في مجلس الامن على نتيجة المفاوضات التي انتهت الجمعة في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 انتقل القرار من نيويورك إلى واشنطن.

الان اصبحت الورقة الدولية في يد جورج بوش بعد ان اختارت الدول الكبرى التنازل عنها للولايات المتحدة. والاخيرة نالتها بعد ان وافقت على توزيع الحصص (الكوتا) واعطاء ضمانات لكل القوى صاحبة مصلحة في منطقة حيوية على اكثر من صعيد.

إلا أن الاهم بالنسبة لأميركا ليس توزيع الحصص بل القرار الدولي. فهي الان الفاعل الوحيد وغيرها في المقاعد. وهذا ما حصلت عليه. فالقرار ورقة خطيرة تسخدمها واشنطن متى تشاء... فهو ورقة لكل الاوقات وتستخدم في كل الفصول

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً