قال المتحدث الإعلامي باسم وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف وائل علوان إن المناخ في "محادثات جنيف - 4" لا يدعو بشكل عام للتفاؤل، و شدد على أن المعارضة تصر على أنه "لا يمكن أن يكون هناك دور للمجرمين في مستقبل سورية".
وقال علوان في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "لا يمكن أن نقبل ببقاء (الرئيس السوري) بشار الأسد، ونحن لا نتكلم عن شخص وإنما عن نظام وفروع أمنية، فهذه الفروع الأمنية ارتكبت جرائم ومجازر، وحكمت سورية بطريقة مستبدة طوال أربعين عاما. والشعب السوري خرج في ثورة من أجل الحرية والديمقراطية، ولا يمكن أن يبقى رئيس مستبد إلى الأبد".
وأضاف :"عندما يُطرح علينا موضوع الانتخابات ومدى القبول بمشاركة الأسد فيها، نجيب بسؤال: هل يُسمح في أي مكان بأن يشارك في الانتخابات شخص مدان بجرائم حرب؟".
وقال :"في الأسابيع القليلة الماضية ظهر تقرير المعتقلين في سجن صيدنايا، هذا التقرير وحده كافٍ لإدانة بشار الأسد بأنه مجرم حرب، أضف إلى ذلك حصار المدنيين، قصف المدنيين بالبراميل، استخدام السلاح الكيمياوي المحرم دوليا ... هل يسمح العالم اليوم بأن يكون مجرم حرب مرشحا لانتخابات رئاسية في بلد من البلدان؟ لذلك المعارضة تصر على أن مستقبل سورية هو عملية انتقالية سياسية لا يمكن أن يكون للمجرمين أي دور فيها".
وحول رؤية المعارضة لمحادثات جنيف، قال إن "المناخ لا يدعو للتفاؤل". وأرجع هذا إلى أن "إعلان وقف إطلاق النار ومن بعده محادثات أستانة، لم تُترجم على الأرض، ولو كانت هذه المحادثات تُرجمت على الأرض بالفعل لكان هناك مناخ جيد جدا للبدء بعملية سياسية انتقالية".
وأضاف علوان، وهو أيضا ناطق بلسان "فيلق الرحمن" :"لا نشعر أن نظام الأسد والوفد الموجود هنا جادون في البدء بنقاش العملية الانتقالية، ولا تزال تصريحاته تدل على أنه ممعن في الحل العسكري ولا يقبل الانتقال السياسي".
وقال :"طلبنا في اليوم الأول أن تكون المفاوضات مباشرة، وهذا دليل أن المعارضة تريد حل المشكلة بالطريقة السياسية وتريد إيقاف العنف الدائر في سورية".
وحول مشاركة فصائل المعارضة في المفاوضات رغم وجود خروقات كثيرة للهدنة في سورية، قال علوان :"الفصائل الآن تفكر بطريقة متطورة جدا عن السنوات السابقة، وتؤمن بأن المناورة السياسية هي مهمة جدا مثل المناورات العسكرية في الداخل .. ومقاطعة جنيف 4 ليست في مصلحة الشعب السوري، ولا في مصلحة الفصائل، لماذا؟ لأن البديل عن جنيف 4 سيكون مفاوضات أخرى مثل أستانة أو غيرها ... وعلينا أن نثبت للعالم كله أننا لا نعطل الحلول السياسية وأننا لا نضع عراقيل في وجه الحلول السياسية".
وعن رؤيته للوضع العسكري للفصائل المعارضة على الأرض، قال لـ(د.ب.أ) إن "التقدم العسكري الذي ظهر لقوات النظام هو بسبب الدعم الروسي الكبير، ونحن ندرك أن روسيا لا تستطيع أن تستمر لوقت طويل في هذا الإمداد العسكري ".
واتهم روسيا بأنها "لم تستطع أن تكون ضامنة لوقف إطلاق النار، فهي لا تزال مؤيدة بشكل كبير جدا لنظام الأسد، وحاولت أن تضيّع جنيف 4 بموضوع المنصات، وهذه الأزمة للأسف استطاعت أن تضغط على (المبعوث الأممي ستافان) دي ميستورا وأن يستجيب لها".
وقال :"نعتقد أن هناك استنزافا لروسيا في سورية، ونحن نسمع من أصدقائنا من المواطنين الروس أن هناك تأثيرا كبيرا على الحياة الاجتماعية بسبب الحرب، من استنزاف اقتصادي واستنزاف عسكري، هناك قتلى، ومع ذلك أنا أقول إن موسكو لن تتخذ قرارا بالتخلي عن الأسد حتى تضمن مصالحها أيضا ... وأعتقد أن موسكو ستطمح إلى الوصول إلى اتفاق يضمن مصالحها بدل أن تضمن مصالحها بالقوة وبالمعارك لأن هذا سيكلفها كثيرا".
واتهم الحكومة السورية بأنها الداعم والمستفيد الأكبر من تفشي الجماعات المتطرفة في سورية، وقال :"أثبتت الكثير من التقارير أن هناك تواصلا دائما بين نظام الأسد والفصائل المتطرفة وأهمها تنظيم داعش ... تكون الجبهات مع داعش هادئة، وعندما يبدأ الثوار معارك ضد النظام، تتحرك جبهات داعش، إذن هناك ارتباط دائم ما بين حركة النظام وحركة داعش".
وأضاف :"وجود داعش اليوم هو سبب يتمسك به النظام لتأكيد شرعية وجوده ... يقول البعض إن بشار الأسد يكافح الإرهاب، ونحن نؤكد دائما أن نظام الأسد يستثمر في الإرهاب ويستغل الإرهاب للقضاء على الثوار وعلى الشعب".
وحول مدى جاهزية الفصائل لمواجهة جبهة النصرة، قال :"نحن دائما نركز على السبب الأساسي لوجود التطرف وليس على مظاهر التطرف، لا بد من التركيز على سبب المشكلة، سبب المشكلة هو وجود الاستبداد، والتطرف لا يقوم إلا في بيئة الاستبداد، لذلك إذا أنت قاتلت اليوم فصيلا متطرفا ثم فصيلا متطرفا، سيظهر غيره وغيره، لأن السبب الأساسي موجود وهو الاستبداد. وعندما نضمن مستقبل سورية، لن تكون هناك بيئة لنمو الإرهاب، وعندها يسهل القضاء على الإرهاب".
وفيما يتعلق بالوضع في الغوطة الشرقية قال إنه جيد جدا، مضيفا أن "الغوطة الشرقية لديها عوامل صمود كثيرة، وإلى الآن لم يحسم النظام أمره في توجيه معركة ضد الغوطة الشرقية لأنه يعلم أنها ستكون ذات تكلفة عالية جدا بالنسبة له".
وحول إمكانية وجود أفق لحل سياسي في هذه المفاوضات، قال إن "جنيف 4 مهمة جدا بالنسبة لنا لكي يبقى المسار السياسي بشكله الأممي، لكن نحن وجميع الأطراف الأخرى بما فيها الأطراف الأوروبية، عبرت عن عدم تفاؤلها بجنيف 4، واستبعدت أن تخرج منه نتيجة، وذلك بسبب موقف روسيا وموقف النظام ... المشكلة ليست في الأمم المتحدة أو المعارضة، المشكلة في الطرف الذي هو مستمر في الحل العسكري، ولا يقدم أي مبادرات، أو لا يقدم أي عمل يدل على أنه يريد الحل السياسي أو أنه جاهز للحل السياسي".
وحول رؤية المعارضة لدور أنقرة، قال :"تركيا من أهم الدول الإقليمية الصديقة والمساعِدَة للشعب السوري وللثورة السورية، ونحن دائما نرى أن تركيا وبعض دول الخليج والأوروبيين هم الأقرب لفهم مشكلة السوريين ومعاناتهم، فهم يحاولون مساعدة السوريين بكل ما يستطيعون".
وردا على سؤاله بشأن وقف أمريكا لمساعداتها للمعارضة المسلحة، قال إن "الموقف الأمريكي لم يتضح بعد بشكل كبير، لكن هناك إشارات، من هذه الإشارات أنه أوقف المساعدات بشكل مؤقت، وعبارة (بشكل مؤقت) تدلنا على أنه بهدف إعادة ترتيب هذا الملف وليس بهدف قطعه ... الأمر الثاني هو أننا متفائلون بالتصريحات الأمريكية ضد إيران، والتي ممكن أن تؤثر إذا كانت جدية وإذا تحولت من تصريحات إعلامية إلى قرارات تؤثر وتضغط على إيران للحد من نفوذها الإجرامي والميليشيات الموجودة في سورية".