ذكر مدير إدارة المتاحف بهيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، أن هناك توجهاً لتنظيم مؤتمر عن الآثار الإسلامية في أبريل/ نيسان المقبل، في خطوة اعتبرها دليلاً على عدم صحة القول بإهمال آثار الحقبة الإسلامية، لافتاً في الوقت ذاته إلى حاجة جهات رسمية (بينها الأوقاف) لوعي أكبر بالطرق المثلى لصون وحماية المساجد الأثرية.
وفي حوار مع «الوسط»، كشف الشيخ خليفة عن حزمة مشروعات تتضمن إنشاء متاحف وإقامة مؤتمرات ومعارض وإنجاز الأرشفة الإلكترونية لأكثر من 100 ألف قطعة أثرية في متحف البحرين الوطني.
المنامة - محمد العلوي
كشف مدير إدارة المتاحف بهيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، عن حزمة مشروعات تتضمن إنشاء متاحف وإقامة مؤتمرات ومعارض وإنجاز الأرشفة الإلكترونية لأكثر من 100 ألف قطعة أثرية في متحف البحرين الوطني.
وفي حواره مع «الوسط»، متزامناً مع اعتبار الهيئة العام 2017 (عاماً للآثار)، نوه مدير المتاحف بالعمل على تنظيم مؤتمر عن الآثار الإسلامية في (إبريل/ نيسان المقبل)، في خطوة اعتبرها دليلاً على عدم صحة القول بإهمال آثار الحقبة الإسلامية، لافتاً في الوقت ذاته إلى حاجة جهات رسمية (بينها أوقاف) لوعي أكبر بالطرق المثلى لصون وحماية المساجد الأثرية.
كما أكد أن مكتشفات التنقيبات للحضارة الإسلامية تكفي لملء قاعة متكاملة، وكذلك الحال بالنسبة إلى حضارة تايلوس.
بجانب ذلك، تحدث الشيخ خليفة بن أحمد عن عزم الهيئة التعريف بالمواقع الأثرية (المجهولة)، عبر عرض نماذج للقى 11 موقعاً أثريّاً على مدى 11 شهراً، يشمل ذلك لقى عثر عليها في موقع حلة العبد الصالح، وأخرى في المالكية تعود إلى حقبة تايلوس، حيث تم التقيب في مجموعة مقابر وعثر على عدة قطع من بينها جرة بالاضافة إلى لثام ذهبي، ستعرض للمرة الأولى.
وتفصيلاً لخطط الهيئة لإنشاء سلسلة متاحف، أوضح «لدينا 3 مشاريع مقترحة لإنشاء 3 متاحف في المنامة، كذلك نحن الآن في طور تصميم متحف لموقع عالي، سيخصص للتلال الأثرية، وآخر في باربار. وبالنسبة إلى مستوطنة سار تم إنجاز التصاميم من قبل المهندس الياباني تدو أندو، أما بدء العمل فبانتظار الموازنة.
وواصل «لدينا أيضاً مشروع إنشاء متحف الصوت في العدلية، ومتحف للطفل، ومتحف الفن الحديث وقد أنجزت تصاميمه»، ونوه في الوقت ذاته بإمكانية بحث فكرة إنشاء متحف يوثق حقبة النفط في بندر الدار شرقي سترة.
وانتقالاً إلى المحرق، حيث مشروع طريق اللؤلؤ، أكد مدير المتاحف سير المشروع كما خطط له، منوهاً إلى إقامة معرض في (إبريل المقبل) وجولة سيراً على الأقدام للتعريف بالمشروع المؤمل الانتهاء منه في 2018.
وفي الحديث عن دور المتاحف في رفد السياحة في البحرين، أشار مدير المتاحف إلى استقبال متحف البحرين الوطني 105 آلاف زائر في 2016، أما متحف قلعة البحرين، فسجل حوالي 25 ألف زائر في 2016، مضيفاً «على صعيد المتحف الوطني، فإن 12 في المئة من الزوار كانوا من سفن موسم البواخر السياحي، وهذه نسبة جيدة».
وفيما يأتي نص الحوار:
عرِّفنا، بداية، على عمل إدارة المتاحف والمباني الواقعة تحت مسئوليتها؟
- عمل المتاحف حول العالم لا يقتصر على العروض المتحفية، فالكثير من هذا العمل يقع خلف الأبواب، من بين ذلك الأعمال البحثية والاعتناء بالمقتنيات التي تتطلب صيانة مستمرة، بالإضافة إلى البرامج الأخرى كالتعليمية والمعارض المؤقتة التي نرسلها إلى الخارج ونستقطبها للمتحف. كل هذه الأمور تشكل عناصر متكاملة لمتحف يعمل وفق المفاهيم الدولية للمتاحف، وفي متحف البحرين الوطني نحرص على اتباع هذا النهج وتعزيز رسالة المتحف عبر إنشاء المتاحف في المواقع، كما هو الحال بالنسبة إلى موقع قلعة البحرين والمواقع الأخرى، من بينها افتتاح مركز الزوار لمسجد الخميس.
كم عدد المتاحف حاليّاً في البحرين؟
- عدد المتاحف خمسة، إذا اعتبرنا طريق اللؤلؤ خامسها، بوصفه متحفاً مفتوحاً ومقسماً لعدة أجزاء، الى جانب متحف البريد الذي يدار بالشراكة بيننا، وبين وزارة المواصلات، وهي بادرة نعتز بها بحيث يتم التعاون مع جهات حكومية أخرى لإبراز جزئهم التاريخي بمستوى يرتقي بآخر العلوم المتحفية في العالم. متحف البريد المقابل لباب البحرين وهو من آخر المشاريع التي دشنَّاها.
ولعل ما يميز متاحفنا من ناحية التصميم الهندسي ومن ناحية المضمون، وحتى من ناحية التصميم الداخلي، حرصنا على ألا يشعر الزائر بالتكرار والنمطية وهو يتنقل بين هذه المتاحف.
وما هي خطة عمل كل متحف من هذه المتاحف، لإبراز ما تمتلكه البحرين من إرث تاريخي غني وعريق؟
- يجب التفريق بين المتحف والعروض المتحفية، فالعروض المتحفية هي جزء مخصص من مبنى أو موقع فيه قطع أو نماذج أو معلومات، كما نراه في مركز زوار مسجد الخميس، ومركز زوار قلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح.
أما متحف قلعة البحرين، فهو متحف متكامل، يعرض 500 قطعة، ويشتمل على صالات عرض متخصصة بالاضافة إلى مكاتب إدارية وقاعة المحاضرات ومختبرات لصيانة القطع، وكذلك غرف إيواء للمنقبين، بالتالي نتحدث عن متحف متكامل، ومن البديهي أن يكون له برنامج تعليمي متكامل ومستمر، ومتحف البحرين الوطني يقوم بالشيء ذاته.
نبرة حديثكم، هل تعني أنكم راضون عن أداء وعمل هذه المتاحف؟
- نعم، راضون؛ لأننا نرى تفاعل الجمهور، على رغم أن الطموحات كبيرة وهو ما يدفعنا دائماً إلى التجديد، وخصوصا في المتاحف، فحين تنشأ متحفاً يكون التحدي ما الذي يجعل الزائر البحريني يعود إلى المتحف مرة أخرى؟، وهنا نحن ننوه بتجربة موقع قلعة البحرين الذي تخطى مكانته كموقع أثري وأصبح متنفساً، لذلك لابد أن نتعرف على القيمة غير المباشرة لحماية المواقع الأثرية، وإحدى أدوات ذلك إنشاء المتاحف والمرافق والتسهيلات، وبفضل ذلك شهد الموقع نقلة نوعية من خلال إنشاء المتحف.
بالاضافة إلى ذلك، لدينا مشروع طريق اللؤلؤ الذي سيتبع نفس النهج تقريباً، أي فكرة المتحف المفتوح، حيث يتنقل الزائر من بيت إلى بيت ليستمع لحكاية اللؤلؤ. وفي هذا الإطار لدينا معرض في متحف البحرين الوطني في (إبريل/ نيسان المقبل) يستهدف التعريف بطريق اللؤلؤ، وهو جزء من ربيع الثقافة، وكل شخص يسأل (ما هو طريق اللؤلؤ) سيحصل على الجواب عبر زيارته المعرض.
كذلك ستكون هنالك جولة بالأقدام ضمن مسار طريق اللؤلؤ، وتتطلب هذه الجولة التسجيل من قبل الجمهور لمن يريد المشاركة فيها. نحرص على تنظيم مثل هذه النشاطات التفاعلية على اعتبار أن أكبر تحد لنا هو قول المواطن (ما أدري، ومحد قال لي، ووين الإعلام ووين التعريف؟)، لذلك نطلب من المواطن أخذ المبادرة للتعرف بنفسه على التنوع الثقافي في البحرين، والجيد أن الكثير من المواقع باتت تستقطب الجميع، من بين ذلك هذا الموقع الذي يضم المتحف الوطني والمسرح الوطني والمركز الاقليمي للتراث العربي والعالمي والصالة الثقافية ومركز الفنون، في تسلسل يعبر عن حي ثقافي متكامل.
حديثكم عن ربيع الثقافة يؤشر إلى تداخل بين عملكم في إدارة المتاحف مع عمل هذا الموسم، ما طبيعة ذلك؟
- نساهم في هذا الربيع بأنشطة مختلفة، إيماناً بشعبية هذا الموسم واستقطابه زواراً من خارج البحرين، ليصبح من أهم الفصول الثقافية في البحرين، ونكرس كذلك أنشطتنا المهمة في هذا الفصل للتعريف بها وإبرازها إعلاميّاً.
أما برنامجنا في هذا الموسم، وكما يعرف الجميع، فقد تم تخصيص هذا العام ليحمل عنوان: «آثارنا إن حكت»، وكمثال على التنوع في هذا العام الموجود، هناك سلسلة محاضرات في المتحف من بينها المحاضرة الشيقة لرئيس بعثة التنقيب الفرنسية في البحرين بيير لومبارد يوم الأحد (19 فبراير/ شباط 2017)، ويتناول فيها الشراب والطعام في البحرين قديماً، ليحاكي عبر المحاضرة النمط الدلموني، ويمكن للمتابع الاطلاع على سلسلة المحاضرات عبر الموقع الالكتروني للهيئة.
بجانب ذلك، هناك الزيارات الميدانية لطريق اللؤلؤ، والتي أشرت إليها سلفاً، والمعارض المؤقتة، بالاضافة إلى مؤتمرين مهمين هذا العام، الأول سيكون عن الآثار الاسلامية من منظور دولي وسيكون في (إبريل/ نيسان المقبل)، متضمناً أوراق عمل من دول إسلامية عديدة، ويأتي المؤتمر تزامنا مع عام الآثار بالاضافة إلى افتتاح مركز زوار مسجد الخميس، أما المؤتمر الثاني والذي سينظم في (أكتوبر/ تشرين الأول) فهو مخصص للمتاحف في شبه الجزيرة العربية، ولايزال المجال مفتوحاً لمن يريد تقديم أوراق العمل حتى تاريخ (31 مارس/ آذار المقبل) وذلك عن طريق الموقع الالكتروني للهيئة.
أما عام الآثار فهو مستمر حتى نهاية العام الجاري، ونسعى عبره إلى تسليط الضوء على المواقع المجهولة أو غير المعروفة للجمهور، وذلك عبر استغلال بعض المساحات في المتحف لعرض قطع أثرية بشكل شهري، والبداية من هذا الشهر (فبراير/ شباط) حيث سيتم عرض آثار لموقع حلة العبد الصالح التي تقع جنوبي قلعة البحرين، وسيتم تغيير القطع التي تحتضنها قاعة دلمون بشكل دوري لتغطي 11 موقعاً في مختلف مناطق البحرين، بناء على آخر المستكشفات، من بين ذلك ما كشفت عنه التنقيبات الأثرية العام الماضي في المالكية والتي تعود إلى حقبة تايلوس، حيث تم التقيب في مجموعة مقابر وعثر على عدة قطع من بينها جرة بالاضافة إلى لثام ذهبي، وهي تعرض للمرة الأولى.
تحدثت عن مؤتمر خاص بآثار الفترة الإسلامية، فهل تتفق مع من يرى أن هذه الفترة بحاجة إلى المزيد من التعريف والاستثمار، حتى يذهب البعض إلى اعتبارها فترة مظلومة، ولم تنل حقها كما نالته فترة دلمون، وحتى تايلوس؟
- يجب أن ندرك أن في فترة السبعينات والثمانينات حين أنشئ المتحف الوطني، كان نوعاً ما هوس بالحضارة الدلمونية (إن صح التعبير) حيث كانت مازالت مكتشفة وكانت شيئاً فريداً ومغايراً في العالم، حتى في قاعاتنا في المتحف نرى أن قاعتين مخصصتين بشكل أو بآخر للحضارة الدلمونية وقاعة واحدة مخصصة للحضارة الإسلامية وحضارة تايلوس، ومن الثمانينات حتى الآن التنقيبات لحضارة تايلوس في البحرين تكفي لأن نملأ قاعة متكاملة، فمع كل عملية تنقيب تثري مخزونك الآثري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحقبة الاسلامية، فلدينا القطع والمضمون الكافي لعرضها، وقد بدأنا في مسجد الخميس وتمكنا من عرض بعض القطع التي كانت في المخزن وعرضها للجمهور، وكذلك حتى لحضارة تايلوس، فعلى سبيل المثال لدينا معرض متنقل عرض في (الهرمتاج)، في روسيا، وهنا أنوه إلى ضرورة استغلال الإرث الحضاري للبحرين للترويج، فحين يكون لديك معرض في (الهرمتاج) الذي هو من أعرق المتاحف في العالم، فإن هذا يشكل اضافة إلى تعريف جمهور جديد أو شريحة جديدة من الأجانب بالبحرين، وبالمناسبة ليس الهدف من ذلك محصوراً في تحويل هذه الشريحة لسياح للبحرين، إذ إن مجرد التعريف بتاريخ البحرين هو مكسب حضاري في حد ذاته.
لنسأل هنا، كيف يمكن للهيئة أن تخاطب الجمهور البحريني العام بما تمتلكه البحرين من تاريخ وحضارة؟
- البحرينيون الذين عاشوا بين هذه الآثار نشعر أنهم مدركون لقيمتها، وهو ما يمكن التعبير عنه إنه جاء بالوراثة أو الفطرة. في الإطار ذاته هناك من يتساءل: «لماذا موقع قلعة البحرين غير مسور»، ونحن نرد بالقول إن هناك قرى محيطة بالموقع ونأمل أن يكونوا هم خط الحماية الأول، وهذا واجبهم، والحمد لله نرى تفاعلاً من قبل الجمهور وخصوصاً في تلك المنطقة بحماية القلعة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من بيئتهم المحيطة.
اليوم نرى مجتمعات أو مدناً اسكانية، تبنى بعيداً عن هذه المواقع، وهو ما يضعف الرابط الطبيعي الفطري مع الموقع الأثري، وهذا خلاف المشهد الذي يخرج فيه الطفل من منزله ليزور سيراً على الأقدام الموقع الأثري أو المعبد. لذلك نرى أهمية التفكير في هذه المجتمعات الحديثة وكيفية ربطها بشكل تفاعلي مع هذه المواقع وبشكل سلس، وهي مسئولية مشتركة مع المؤسسات الأهلية.
لو عدنا إلى الآثار الإسلامية، ما هو برنامجكم لرد الاعتبار لهذه الحقبة، إن صح التعبير؟
- من دون الدخول في التفاصيل، سأستشهد هنا بمثال، إحدى الجهات الرسمية (أوقاف)، يتبعها مسجد تاريخي. كانت هناك رغبة لإضافة بعض العوامل التي ارتأيناها من ناحية حماية وصون هذا المسجد التاريخي غير ملائمة، فتمت مخاطبتهم واستنزاف كافة السبل الرسمية للتوصل إلى حل يرضي الطرفين، ونحن هنا لا نتحدث عن خلاف بل اختلاف وجهات النظر، فما يجب أن تدركه الجهات الرسمية لدينا سواء الأوقاف أو البلدية، أن لدى الهيئة مختصين في الترميم ولديهم اطلاع ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى الدولي، وهناك ممارسات مثلى في الترميم وعليه فحين نقترح شيئاً فليس من منطلق التخصص، إذ إن بعض التدخلات في المباني الأثرية تصعب إزالتها.
وحين تُصور الهيئة أنها مهملة لجانب الاثار الاسلامية، فهذا غير صحيح إذ إننا، نحاول والمثال يوضح بعضاً من التحديات، وأحياناً هناك صعوبات مع الأسف غير مبررة.
مرد ذلك، هو الحاجة إلى المزيد من الوعي؟
- بالضبط، فنحن لدينا الخبرة في الهيئة، والجهات التي نتحدث عنها ليست خصماً للآثار لكن، هناك اختلاف في وجهات النظر، وأنا شخصيّاً متأكد أن كل جهة تسعى للمصلحة العامة، لكن قد تكون من منظور مختلف.
ما الحل لهذه الجزئية؟ والتي تعوق عملكم في أكثر من موقع؟
- حتى في المؤسسات الحكومية، هناك من يفاجأ حين ننقلهم إلى مواقعنا ونوضح لهم، على سبيل المثال، أن النتيجة ستكون على النحو الآتي لو تم اتباع النهج الذي نقترحه، فيفاجؤون، وهذا ينقلنا إلى الحديث عن البيوت القديمة أو بعض المباني في المحرق، التي هي مرممة بطريقة سليمة، وفيها كذلك كافة سبل الراحة، ما يثبت أننا حين نضع ضوابط فليس الغرض منع الاستفادة من الموقع، وإنما فقط ضمان صيانة سلامة الصيانة والترميم.
تطرقت إلى طريق اللؤلؤ فإلى أين وصل هذا المشروع؟
- حاليّاً، هناك بيوت يتم ترميمها بالاضافة إلى المساحات الخارجية، كالممر نفسه والساحات العامة، وكما ذكرت فإن المعرض الذي سيقام في إبريل المقبل سيوضح كل هذه النقاط، والبيوت المدرجة على قائمة التراث العالمي تسير بحسب الجدول الذي وضعناه، والمؤمل أن ينتهي العام المقبل (2018)، من ناحية الترميم وتهيأتها كل على حدة، وسيشهد بعضها عروضاً متحفية، وأحدها مقترح أن يتحول إلى فندق، وآخر بوتيك، ليعكس كل بيت تلك الحقبة من طريق اللؤلؤ.
وهل يسير المشروع، كما خطط له من ناحية المدد الزمنية؟
- إلى حد الآن نعم، لكن ما ينبغي الإشارة إليه هو أن طريق اللؤلؤ ليس مشروعاً وينتهي، بل هو مشروع الهدف منه إبراز ما يمكن فعله في باقي المحرق القديمة، ونأمل أن يقتنع الناس حين يرون النتيجة وهي أفضل طريقة لإقناع سواء المجتمع أو الجهات الرسمية عبر أمثلة تحاكي الواقع.
على مستوى المحرق، ما هو طموحكم إلى ما بعد إنجاز طريق اللؤلؤ؟
- وضعنا حاليّاً الاطار العام لترميم البيوت بشكل عام، وهناك بيوت في المحرق ليست على طريق اللؤلؤ، لكن بإمكانها أن تتبع نفس نهج الترميم والصيانة التي اتبعناها في المشروع.
بالنسبة للمتاحف، هل تضعنا في إحصائيات أعداد الزوار؟
- بالنسبة إلى متحف البحرين الوطني فقد سجل 105 آلاف زائر في 2016، وهو العام الذي كان استثنائيّاً بالنسبة للمتحف، حيث كان احتضن فضاؤه معرض الكتاب ومهرجان التراث ومهرجان صيف البحرين، وكل هذه المهرجانات اجتذبت الكثيرين للمتحف، أما متحف قلعة البحرين، فسجل حوالي 25 ألف زائر في 2016.
وعلى صعيد المتحف الوطني، فإن 12 في المئة من الزوار كانوا من سفن موسم البواخر السياحي، وهذه نسبة جيدة.
في الإطار ذاته، سنسأل عن المردود الذي تعكسه المتاحف على السياحة في البحرين، وخصوصاً أن هنالك توجيهات من سمو رئيس الوزراء في السياق ذاته.
- هنالك المردود المباشر عن طريق التذاكر، لكن يجب أن نتطرق إلى القيمة غير المباشرة من إنشاء هذه المؤسسات، فالمتحف الوطني بشكل عام هو اضافة لاستقطاب الزوار، ودوره حماية وصون مقتنيات الوطن سواء آثاراً أو لوحات فنية أو مخطوطات يتخطى الدور الاقتصادي والسياحي، وهناك قيمة لا تقدر لما يحتويه المتحف من مقتنيات أثرية على عقود من التنقيبات، بالاضافة إلى المجموعة الفنية.
هذه القيمة المعنوية، بالتأكيد لا تقلل من أهمية القيمة المادية. فهل تحتاج الهيئة إلى التركيز بشكل أكبر على هذا الهدف المادي؟
- على مستوى دخول المتحف فهو محدد برسم رمزي جدّاً مقداره نصف دينار للبحريني ودينار للأجنبي، ونحن في صدد مراجعة الرسوم لدخول المواقع الأثرية والمتاحف.
هل من تفاصيل بشأن هذه المراجعة؟ هل هي باتجاه المزيد؟
- ليس شرطاً ان يكون هناك المزيد، فعلى سبيل المثال قد تكون مرونة أكبر للمجموعات السياحية، بحيث يتم تسويق المتاحف لهم كحزمة واحدة تشجعهم على زيارة مواقع إضافية، ويمكن الاستفادة من المبادرات التسويقية الجديدة لاستقطاب الزائر، وذلك عبر دراسة فكرة طرح تذكرة واحدة لزيارة جميع المواقع بصورة مشجعة.
في سياق التعاون مع جهات رسمية، هل هناك تعاون مع هيئة البحرين للسياحة بما قد يشكل قوة مضاعفة بين الهيئتين لصالح القطاع السياحي في البحرين؟
- نحن في الهيئة نسعى دائماً إلى تيسير رسالة الثقافة في البحرين، وهيئة السياحة لها برنامجها الخاص وتوجهها بمهرجانات مختلفة يطغى عليها الطابع الترفيهي، فيما تركيزنا في هيئة البحرين للثقافة والآثار أكثر على الأدب والكتاب.
مواقعنا مفتوحة للسياحة بشكل مستمر، وتأتينا الوفود السياحية بمرشديها بكل سهولة وأريحية. لكن نحن وكما تعرف فإن أجندتنا ثابتة ونسير عليها منذ سنوات، فلدينا تاء الشباب يعقبه ربيع الثقافة يعقبه صيف البحرين، وكل شهر لدينا فعالية أو موسم معين.
هل لديكم احصائية توضح حجم استفادة اقتصاد البحرين من سياحة الآثار؟
- بعض المواقع لا تذاكر تفرض على دخولها، لذلك فإن الاحصائيات بشأنها صعبة التوافر، لكن بالنسبة إلى الفرصة التي قد تشكلها سياحيّاً، فنستشهد مجدداً بموقع قلعة البحرين وما قام به المتحف من نقلة نوعية للموقع، ونأمل أن تكون في المواقع الاثرية المهمة مثل هذه المبادرة، مدعوماً ذلك بمقترحاتنا في الهيئة بما يؤدي إلى الارتقاء بالبنية التحتية الثقافية.
لدينا 3 مشاريع مقترحة في المنامة، بدأنا بمتحف البريد، لكن لدينا مقترحات لثلاثة مواقع، كل موقع يحاكي أمراً مختلفاً من تاريخ البحرين، أولها إنشاء متحف للمخطوطات والوثائق والأرشيف الوطني، وذلك لاستثمار توجه السائح للتبضع، ومن هناك يتعرف على التنوع الثقافي في المنطقة، حيث المعابد المتعددة، والمساجد والمآتم. نتحدث عن مشاريع ستشكل اضافة نوعية لو تم استعراض جزء من تاريخ عبر البحرين من خلال هذه المشاريع الجديدة التي ليس من الصعب تحقيقها، فجميع هذه المشاريع في مبان قائمة والمطلوب فقط إعادة تهيأتها لتعكس المضمون المطلوب.
المشروع الثاني في المنامة هو مبنى البلدية، والثالث مبنى البنك البريطاني الذي نأمل أن يخصص للفنان عبدالله المحرقي.
هل لديكم تفاصيل بشأن هذه المشاريع الثلاثة، من حيث المدد الزمنية وخطة الإنشاء؟
- كافة المباني التي اقترحناها، هي جزء من مشروع الاستثمار في الثقافة، والمجال مفتوح للقطاع الخاص للمساهمة فيها. المباني هي حكومية، وبالنسبة إلى الموازنة فإنها تتطلب وضوحاً في تفاصيل المشروع والرؤية، أما المتاحف المقترحة فهي تشكل سلسلة متكاملة تغطي كافة المجالات، وتغطي الآثار، وكلها تشكل صورة متكاملة لتاريخ البحرين.
وعلى سبيل المثال، ففي الوقت الحالي ليس لدينا متحف مختص للفنون على رغم أن البحرين تضم تنوعاً من الفنون التشكيلية، كما أن نسبة الشباب المشاركين في معرض الفن التشكيلي كبيرة، وهي مؤشر إلى ان لدينا طاقة فنية في البحرين يتطلب احتواءها إنشاء المتاحف وكافة الوسائل التي يحتاج إليها الفنان لابراز أعماله، وكل ذلك يشكل إضافة غير مباشرة لمردود السياحة اقتصاديّاً.
سلسلة المتاحف هل ستعرج على التلال الأثرية؟ هل هناك خطة معينة محددة التفاصيل؟
- نحن الآن في طور تصميم متحف لموقع عالي سيكون مخصصاً للتلال الأثرية، وآخر في باربار. وبالنسبة إلى مستوطنة سار فقد تم إنجاز التصاميم من قبل المهندس الياباني تادوا أندو، وبدء العمل بانتظار الموازنة وهو كمشروع مطروح أيضاً ضمن الاستثمار في الثقافة، أما تصميمه فعلى مستوى عالمي، فالمهندس الياباني من أشهر المهندسين في العالم ومبانيه دائماً مبانٍ مغايرة ولها طابع خاص، وستشكل إضافة بلا شك.
سيكون هذا المتحف متكاملا، ومقرّاً للمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي. كذلك هناك مشروع إنشاء متحف الصوت وموقعه في العدلية، ومتحف للطفل، وكذلك متحف الفن الحديث في المحرق في الجهة المقابلة لمتحف البحرين الوطني، وقد أنجزت تصاميمه.
هل يتوقف إنشاء جميع هذه المشاريع على توافر الدعم من قبل القطاع الخاص؟
- هذا مسار، ومسار آخر هو إدراجها ضمن الموازنة التي تقدمنا بطلبها، وبالتالي هي موجودة في المسارين، والخيار بشأن ذلك مفتوح، ونأمل أن تتم الاستجابة لهذه المقترحات التي ستكون إضافة إلى الحركة المتحفية في البحرين.
فيما يتعلق بالقطع المخزنة في متحف البحرين الوطني، والبالغ عددها اكثر من 100 ألف قطعة، كيف هي خطتكم لعرضها للجمهور؟
- لدينا مخازن مختلفة، وقد بدأنا بمشروع الأرشفة الالكترونية التي ستسهل إدارة المقتنيات بشكل عام. الانتهاء من ذلك سيأخذ سنوات، والعمل جارٍ عليها ومن المؤمل أن يسهل لنا المشروع البحث عن القطع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تسهيل عملية البحث للدارسين.
ضمن الحديث عن سلسلة المتاحف، طالب باحثون بإنشاء متحف يوثق لحقبة النفط في بندر الدار، والذي يقع شرقي سترة، هل يمكن أن تتلقف الهيئة هذا المطلب؟
- عرضت علينا نفس الفكرة مؤخراً، وتاريخ النفط بشكل عام تاريخ مهم واقترحنا على شركة (بابكو) ان يكون متحفهم القائم مفتوحاً أكثر للجمهور وقد يتطلب بعض التطوير، وقد رحبوا بفكرة عرض تاريخ النفط، ونحن نرى إمكانية إنشاء معرض مؤقت لذلك والكثير من المشاريع الدائمة تبدأ من معارض مؤقتة، يرون المشاهدة المباشرة فيقتنعون، وبالنسبة إلى بابكو ففي الوقت الحالي تعمل الشركة على إنجاز مرحلة (رقمنة الصور)، أما مطلب إنشاء متحف في بندر الدار ففي حال وجدت المادة والقصص والصور والمقتنيات فبالامكان البحث في هذه الأمور، شريطة توافر مادة غنية بما يؤهل الفكرة إلى التحول إلى معرض دائم.
بالنسبة إلى المتاحف الأهلية التي تحتضنها بيوت الأهالي، هل لديكم رؤية بشأنها؟ كيف يمكن استثمارها ودعمها واحتضانها، وخصوصاً أن هنالك مزادات وهناك من يبدي قلقه من إخراج قطع مهمة خارج البحرين بما يفرط في تراث البلد. ما تعليقكم؟
- ما نراه أنه يجب أن يكون هناك تنظيم، ومسألة المزادات هي نوعاً ما حديثة في البحرين. نرى زيادة الوتيرة واي ضوابط تتطلب تشريعات. بدورنا نشجع ظاهرة المقتنيات الشخصية وهي ظاهرة إيجابية، ونأمل أن كل ما يخص البحرين يبقى في البحرين والمسئولية في ذلك تقع على المواطن نفسه.
العدد 5286 - السبت 25 فبراير 2017م الموافق 28 جمادى الأولى 1438هـ