قُتل 42 شخصاً على الأقل، أمس (السبت)، بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في مدينة حمص في وسط سورية جراء تفجيرات انتحارية تبنتها هيئة «تحرير الشام»، الأمر الذي من شأنه أن يهدد مفاوضات السلام الصعبة المستمرة في جنيف. واعتبر المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا أن هدف اعتداءات حمص «تخريب» مفاوضات جنيف.
بدورها، أكدت المعارضة السورية في جنيف «إدانتها لكل الإرهاب والإرهابيين».
بيروت - أ ف ب
قتل 42 شخصاً على الأقل أمس السبت (25 فبراير/ شباط 2017) بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في مدينة حمص في وسط سورية جراء تفجيرات انتحارية تبنتها هيئة «تحرير الشام»، الأمر الذي من شأنه أن يهدد مفاوضات السلام الصعبة المستمرة في جنيف.
واعتبر المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا أن هدف اعتداءات حمص «تخريب» مفاوضات جنيف في وقت حذر رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري من أن تفجيرات حمص «لن تمر مرور الكرام».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل «42 من عناصر الأمن على الأقل... في هجمات استهدفت فرعي الأمن العسكري وأمن الدولة».
وأشار محافظ حمص طلال برازي لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إلى سقوط 32 قتيلاً و24 جريحاً.
وأفاد التلفزيون الرسمي عن «ارتقاء عدد من الشهداء بينهم رئيس فرع الأمن العسكري، اللواء شرف حسن دعبول».
ويعد دعبول من المقربين من الرئيس بشار الأسد، وهو من أبرز الشخصيات في أوساط المخابرات السورية.
واستهدفت التفجيرات مقرين أمنيين محصنين بشكل كبير في حيي الغوطة والمحطة بمدينة حمص، ثالث كبرى مدن سورية التي شهدت معارك عنيفة بين قوات الجيش السوري ومقاتلي المعارضة قبل أن يسيطر عليها النظام بشكل كامل في 2014.
وتبنت «هيئة تحرير الشام» التي تضم جبهة «النصرة» سابقاً وأربعة فصائل متحالفة معها تنفيذ العملية عبر «خمسة انغماسيين (...) اقتحموا فرعي أمن الدولة والأمن العسكري بحمص».
«الهجوم الأكثر جرأة»
ووصف مدير المرصد رامي عبد الرحمن الهجمات بأنها «الأكثر جرأة في حمص»، منذ استهداف مبنى الأمن القومي في دمشق في العام 2012، والذي أدى إلى مقتل أربعة من كبار المسئولين الأمنيين بينهم وزير الدفاع السوري العماد داود راجحة ونائبه العماد آصف شوكت، صهر الرئيس السوري بشار الأسد.
وبدأ الاعتداء السبت مع «إطلاق النار على الحرس في مبنى المخابرات العسكرية. وعندما سارع الضباط لمعرفة ما كان يحدث، فجر أول انتحاري نفسه». ومن ثم «سارع عناصر أمن آخرون إلى المكان حيث قام الثاني والثالث بتفجير نفسيهما واحداً تلو آخر»، وفق عبد الرحمن الذي أوضح أن الاشتباكات استمرت لساعتين. وأكد التلفزيون الرسمي وقوع اشتباكات خلال الهجومين.
وتشكلت هيئة «تحرير الشام» في 28 يناير/ كانون الثاني من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وأربعة فصائل مقاتلة أخرى. وأدرج تشكيل هذا التحالف في حينه في إطار الرد على موافقة فصائل معارضة على المشاركة في محادثات أستانا برعاية روسية وتركية والتي هدفت إلى تثبيت وقف لإطلاق النار أعلن في 30 ديسمبر/ كانون الأول.
كذلك استبعدت الجبهة من مفاوضات جنيف التي تتواصل لليوم الثالث على التوالي بين وفود من المعارضة والحكومة برعاية الأمم المتحدة.
وتعرض حي الوعر، آخر حي تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حمص السبت، لغارات كثيفة نفذتها قوات الجيش السوري عقب الهجمات الانتحارية، وتسببت بمقتل ثلاثة مدنيين وإصابة نحو خمسين آخرين بجروح وفق المرصد السوري.
وأفاد المرصد بإصابة خمسة مدنيين بجروح في حي الزهراء جراء قذائف صاروخية استهدفت الحي.
وقتل السبت 15 مدنياً على الأقل جراء غارات على مدينتي أريحا وخان شيخون في إدلب، وفق المرصد.
كما قتل تسعة مدنيين وأصيب آخرون بجروح جراء غارات للجيش السوري على مدينة دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق، وفق حصيلة للمرصد.
«تخريب» المفاوضات
واعتبر مدير المرصد أن تبني هيئة «تحرير الشام» لتفجيرات حمص، «رسالة للمعارضة والنظام والمجتمع الدولي بأن فتح الشام موجودة ولا يمكن لأحد إقصاؤها».
وفي جنيف، قال دي ميستورا للصحافيين رداً على سؤال عن اعتداءات حمص «في كل مرة نجري مفاوضات هناك دائماً من يحاول تخريب العملية. كنا نتوقع ذلك».
وجاءت مواقف دي ميستورا بعد رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن طالبت فيها بإدانة الاعتداءات.
واعتبرت في بيان أن هذا «التطور الخطير يحتم على المبعوث الخاص أيضاً إدانة هذا العمل الإرهابي كما يحتم على الفصائل المشاركة في مباحثات جنيف ومن دون استثناء إدانة مثل هذه الأعمال الإرهابية».
وقال رئيس وفد الحكومة إلى محادثات جنيف بشار الجعفري قبل لقائه دي ميستورا السبت «التفجيرات الإرهابية التي ضربت حمص اليوم (أمس) هي رسالة من رعاة الإرهاب إلى جنيف»، مضيفاً «أقول للجميع إن الرسالة قد وصلت وهذه الجريمة لن تمر مرور الكرام».
ورغم دخول محادثات جنيف يومها الثالث، لم يبدأ حتى الآن أي بحث في العمق بين الأطراف المعنية بالمفاوضات.
ومن المفترض أن يدرس وفدا الحكومة والمعارضة السوريتين ورقة قدمها لهما دي ميستورا.
وتتضمن الورقة، وفق ما قال مصدر في الوفد المعارض الأربعاء لـ «فرانس برس»: «جدول الأعمال، بما يعني شكل الحكم السياسي والدستور والانتخابات والمواضيع الإنسانية»، مشيراً إلى أنه «لم يتم التطرق إلى الإرهاب» الذي طالما وضعه وفد الحكومة أولوية في المحادثات.
وأوضحت عضو وفد المعارضة السورية إلى جنيف بسمة قضماني لـ «فرانس برس» أن المرحلة «الانتقالية تعني الانتقال بالسلطات إلى هيئة الحكم الانتقالي وفي تلك اللحظة ليس هناك دور لبشار الأسد».
ويجري جزء كبير من الاتصالات في الكواليس في الفنادق التي تنزل فيها الوفود وخارج مقر الأمم المتحدة. ويشارك فيها مبعوثون دوليون بينهم ممثلون لدول عدة داعمة للمعارضة بينها قطر وتركيا وفرنسا، بحسب مصادر في الوفد المعارض.
العدد 5286 - السبت 25 فبراير 2017م الموافق 28 جمادى الأولى 1438هـ