بدأ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير زيارة نادرة إلى بغداد أمس (السبت) في محاولة جديدة لتحسين علاقات المملكة مع العراق.
وفي تصريحات للصحافيين عقب اجتماع مع نظيره إبراهيم الجعفري، قال الجبير إن الرياض مستعدة للمساعدة في التغلب على الانقسام الطائفي.
وقال الوزير السعودي: «المملكة تقف على مسافة واحدة من المكونات العراقية وتدعم وحدة واستقرار العراق».
وقال مسئول بوزارة الخارجية العراقية إن الجبير أبلغ نظيره الجعفري ورئيس الوزراء حيدر العبادي أن المملكة تخطط لتعيين سفير جديد وستدعم استئناف رحلات جوية مباشرة بين البلدين.
وقال الجبير: «السعودية تتطلع إلى بناء علاقات مميزة مع العراق... وهناك رغبة في العمل معاً في الحرب على الإرهاب».
وأضاف أن «الروابط التي تجمع المملكة مع العراق كثيرة جداً وهذه الزيارة تأتي لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح».
بغداد - أ ف ب، د ب أ
وصل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمس السبت (25 فبراير/ شباط 2017) إلى بغداد في زيارة غير معلنة هي الأولى لوزير خارجية إلى هذا البلد بعد العام 2003 لإجراء محادثات مع قادة البلاد، حسبما أعلن مسئولون عراقيون.
والتقى الجبير لدى وصوله نظيره إبراهيم الجعفري في وزارة الخارجية، قبل التقاء رؤساء الوزراء حيدر العبادي والجمهورية فؤاد معصوم ومجلس النواب سليم الجبوري، بحسب المسئولين. واستقبل العبادي في مكتبه الجبير والوفد المرافق بحسب بيان صادر عن رئاسة الوزراء.
وأكد البيان «أهمية بذل المزيد من الجهود من أجل التعاون في محاربة الإرهاب وأفكاره التي تؤثر على عموم المنطقة والعالم». وقد رحب الجعفري بالجبير خصوصاً وأنه أول وزير خارجية للسعودية يزور العراق بعد العام 2003، بحسب بيان نقلته وزارة الخارجية.
وقال الجعفري إن «العراق حريص على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة وتفعيل المصالح المشتركة ومواجهة المخاطر المشتركة». وأضاف «علينا أن نستحث الخطى ونستمر بالحوارات وتبادل الزيارات بين مسئولي البلدين لبناء علاقات قوية تكون مرتكزاً استراتيجياً لمعالجة التحديات التي تواجه المنطقة». وشدد الجعفري على أن «سياسة العراق تقوم على الانفتاح مع بلدان العالم ولا يسمح بالتدخل في شئونه الداخلية ولا يتدخل في الشئون الداخلية للدول كما أنه لا يدخل في سياسة المحاور».
واتفق وزيرا خارجية العراق والسعودية أمس (السبت) على أهمية التعاون والتنسيق لحلحلة المشاكل التي تعاني منها عموم المنطقة.
وذكر البيان أن الجعفري بحث مع الجبير «العلاقات الثنائية بين بغداد والرياض وسبل تعزيزها وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، واستعراض الجهود التي يبذلها العراقيون في حربهم ضد عصابات داعش الإرهابية والانتصارات الكبيرة المتحققة، والتأكيد على أهمية التعاون والتنسيق لحلحلة المشاكل التي تعاني منها عموم المنطقة». وأشار البيان إلى أن الجعفري « كلَّف وكيل وزارة الخارجية العراقية بزيارة المملكة قريباً لمتابعة المسائل الفنية الخاصة بتفعيل المباحثات بين بغداد والرياض وعلى الصعد كافة، وأن العراق متمسك بالعلاقات مع دول الجوار كافة ولكن القوات التركية مازالت متواجدة في العراق على الرغم من الإجماع العربي والمواقف الدولية الرافضة لهذا الانتهاك».
ودعا «المملكة العربية السعودية إلى تأكيد موقفها تجاه التدخل التركي للأراضي العراقية خصوصاً وأنها كانت جزءاً من الإجماع العربي، الذي تحقق في رفض انتهاك القوات التركية للأراضي العراقية، وحث الجانب التركي على الانسحاب من العراق». من جانبه أكد وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير أن «الروابط التي تجمع المملكة مع العراق كثيرة جداً، وهذه الزيارة تأتي لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح».
وأضاف أن «المملكة تقف على مسافة واحدة من المكونات العراقية وتدعم وحدة واستقرار العراق»، داعياً إلى العمل على تبادل زيارات مسئولي البلدين وتفعيل كل الملفات العالقة. وأكد الجبير أن هناك رغبة للعمل على فتح منفذ جميمة بين العراق والمملكة وبحث ملف تشغيل الخطوط الجوية المباشرة بين البلدين.
من جهته، قال إحسان الشمري رئيس «مركز التفكير السياسي» لوكالة «فرانس برس» إن «الزيارة تهدف إلى إعادة العلاقات بشكل أكثر ثباتاً من السابق».
وبحسب بيان رئيس الوزراء أن «الجبير هنأ بالانتصارات المتحققة في العراق على العصابات الإرهابية ودعم السعودية للعراق في محاربة الإرهاب» مبدياً «استعداد السعودية لدعم إعادة الاستقرار في المناطق المحررة».
ورغم أن العراق يعاني من كونه ساحة صراع، إلا أن المسئولين اعتبروا أن الزيارة تشكل فرصة لبغداد.
وقال الشمري إن «المنطقة تمضي نحو التسوية والسعودية تعتبر العراق طرفاً مهماً لتكسبه إلى جانبها».
وأضاف أن «العبادي لم يعرف عنه انخراطه بسياسة المحاور المعادية للسعودية».
القوات العراقية تواصل تقدمها غرب الموصل
ميدانياً، واصلت القوات العراقية مدعومة بالطائرات والمروحيات معركتها ضد تنظيم «داعش» متوغلة داخل أحياء غرب الموصل، لكنها تواجه مقاومة شرسة تنذر بمعارك عنيفة في آخر أبرز معاقل الإرهابيين.
وتوغلت القوات العراقية أكثر في الجانب الغربي لمدينة الموصل في اليوم السادس من العمليات العسكرية التي بدأت الأحد الماضي. وقال قائد عمليات «قادمون يانينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله إن «الشرطة الاتحادية اقتحمت أحياء الجوسق والطيران ومستمرة في التقدم».
وأضاف أن «قوات مكافحة الإرهاب تواصل تطهير حي المأمون وتقتحم وادي حجر».
وحي المأمون الواقع في جنوب غرب المدينة أول الأحياء التي اقتحمتها القوات العراقية داخل المدينة بعد السيطرة على المطار ومعسكر الغزلاني في الضاحية الجنوبية للمدينة. من جانبه، قال المقدم عبد الأمير المحمداوي وهو ضابط في قوات الرد السريع لـ «فرانس برس»: «نحن الآن نتوجه إلى مبنى المحافظة ونبعد عنها كلم واحد فقط».
وأضاف بينما كان في الخطوط الأمامية أثناء قصف مروحية أهدافاً «نحن متجهون إلى مركز المدينة حيث القنصيلة التركية التي تبعد نحو 500 متر فقط».
مقتل صحافية كردية
وفي الوقت الذي تندفع فيه القوات العراقية من أطراف المدينة إلى عمق الأحياء المكتظة بالسكان، تتصاعد حدة الاشتباكات. وتابع الضابط بينما كانت دبابة تطلق النار بكثافة على قناص إن «داعش يستخدم المنازل المكتظة بالسكان كدروع بشرية». وبعد لحظات، سارع مقاتلو الرد السريع إلى مساعدة اثنين من رفاقهم الجرحى ونقلهم إلى الخطوط الخلفية لتلقي العلاج وكان أحدهما يضع ضمادة على ركبته إثر إصابته برصاصة قناص.
لكن المعارك قريبة والمخاطر كبيرة. فقد قتلت الصحافية الكردية العراقية شيفا كردي في انفجار عبوة ناسفة على الطريق غرب الموصل أثناء تغطيتها للمعارك بحسب ما ذكرت قناة «روداو» الكردية التي كانت تعمل لحسابها.
صعوبات أكثر
وتمكنت القوات العراقية خلال الأيام القليلة الماضية من التوغل بشكل سريع جداً واستعادت المطار الذي تحول مدرجه إلى أنقاض. وإلى جانب قوات الرد السريع، تشارك قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي يطلق عليها وحدات النخبة التي أنجزت غالبية المعارك الكبيرة في الحرب الدائرة في العراق، ودخلت كذلك الجانب الغربي.
وقال الفريق عبد الوهاب الساعدي، أحد ابرز قادة جهاز مكافحة الإرهاب، إن «القتال جرى بشكل سريع وأخذ مدى بعيداً جداً، وسنرى ماذا سيحدث في المراحل القادمة».
ويسود اعتقاد أن تنظيم «داعش» عزز دفاعاته داخل المدينة بشكل أقوى، واتخذ استعدادات ضخمة لكي تكون المواجهة دامية في معقله المحاصر.
وشاهد مراسلو «فرانس بريس» كذلك الكثير من سحب الدخان الكثيف فوق الجانب الغربي للموصل، ناجمة عن نار أضرمها التنظيم للتشويش، بحسب القادة العسكريين.
وتمكن مئات المدنيين من مغادرة المدينة إلى الضواحي الجنوبية خلال اليومين الماضيين، فيما تقدر منظمات إغاثية أعداد السكان العالقين داخلها بنحو 750 ألف نسمة.
العدد 5286 - السبت 25 فبراير 2017م الموافق 28 جمادى الأولى 1438هـ