أصبح طارق العيسمي وزيرا للداخلية في فنزويلا وعمره 33عاما، وتولى في الشهر الماضي منصب نائب الرئيس. غير أن السيرة الذاتية للعيسمي42/عاما/ الذي درس علم الجريمة، يكتنفها لغز شديد الغموض.

ومثل الكثير من الأشياء في هذه الدولة الواقعة في قارة أمريكا الجنوبية، حيث يمسك الجيش والإشتراكيون بزمام السلطة، أعطى العيسمي انطباعا بأنه أقل شفافية.

ومن جانبها، اتخذت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب موقفا متشددا بحق العيسمي ووجهت إليه اتهامات بالإتجار في المخدرات.

وأضافت وزارة الخزانة الأمريكية العيسمي، وممثل مجموعة شركات مزعوم يدعى سامارك لوبيز بيلو إلى قائمتها الخاصة بتجار المخدرات الدوليين المصنفين بموجب قانون كينجبن.وقالت الوزارة إنهما سهلا تجارة المخدرات عبر موانئ فنزويلا والتعاون مع تجار مخدرات من المكسيك وكولومبيا.

وتثور شبهات حول تورط العيسمى ولوبيز في الترويج بنشاط لتجارة المخدرات في الولايات المتحدة عبر فنزويلا.

وجاءت العقوبات عقب تحقيق استمرعدة سنوات، وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الدليل كان دامغا.وجمدت الوزارة حسابات العيسمي المصرفية في الولايات المتحدة وسحبت تصريحا امريكيا بشأن شركة طيران "جلف ستريم 200"التي يُعتقد أنها خاصة بالعيسمي، مما أثار سؤالا عما إذا كان يتم استخدام الشركة في نقل الكوكايين.

وجمدت وزارة الخزانة الأمريكية أيضا ممتلكات 13 شركة يمتلكها أو يسيطر عليها لوبيز بيلو،قالت الوزارة أنها "تشكل شبكة دولية منتشرة في جزر فيرجين البريطانية وبنما والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفنزويلا.

كان الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز قد عين العيسمي وزيرا للداخلية في عام 2008، وأصبح بذلك مهيمناعلى جهاز الشرطة.

ويعتبر العيسمي ، المنحدر من أصول لبنانية سورية، اشتراكيا حتى النخاع، وتخشاه المعارضة لأنه يتسم بالحدة والحزم .وفي الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة فرض عقوبات عليه، كان العيسمي يستقبل وفداً حكوميا صينيا أبرم معه 22 اتفاقية تجارية.

ورد العيسمي على هذه العقوبات على موقع التواصل الإجتماعي، قائلا"شخصيا، اعتبر هذا الاعتداء البائس والشائن اعترافا بقدرتي كثوري مناهض للإمبريالية"مضيفا "سوف نتغلب على ذلك".

لقد دفع الوضع السياسي والأقتصادي الصعب في فنزويلا المحافظين والليبراليين والديمقراطيين الاجتماعيين، إلى المطالبة باجراءاستفتاء على حكومة نيكولاس مادورو الذي خلف شافيز، ولكن إذا ما تم اجراء الاستفتاء هذا العام، فإنه بموجب الدستور، سوف يظل العيسمي في السلطة حتى عام 2019 .

ومما يزيد الأمر تعقيدا، حذرت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية من صلات بين جماعة حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران،وعصابات المخدرات في قارة أمريكا الجنوبية. وعلى ضوء الاتصالات الوثيقة المزعومة للعيسمي مع إيران وحزب الله، فإن من غير المرجح أن يكون ترامب سعيدا من أن يقربه إليه على نحو أكبر.

وقالت الولايات المتحدة إنه تم فرض العقوبات بسبب تجارة المخدرات، ولم تكن هناك دوافع سياسية أو اقتصادية وراءها. ولم يقدم الإعلان، الذي صدر في الثالث عشر من الشهر الجاري، تفاصيل كافية للإجابة على التساؤل بشان ما إذا كان قد تم استخدام مطار كاراكاس ، مركز الرحلات الجوية الحكومية بصفة خاصة، في تجارة المخدرات.

وفيما يتعلق بالدليل الآخر على تجارة المخدرات، فإن السر المعلن أن الاشتراكيين احتفظوا باتصالات جيدة مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) وجيش التحرير الوطني،اللذين يسيطران على تجارة الكوكايين قرب الحدود بين الدولتين، حتى غيرت عملية سلام في كولومبيا الموقف.

ووصف مادورو، العيسمي بأنه ابن شافيز، وأنه الشخص المناسب تماما لمهمة مكافحة العصابات الإجرامية بسبب دراسته لعلم الجريمة.

ويشك الكثيرون في كاراكاس في أن الحكام الاشتراكيين يحققون ثروات من خلال اتباع اساليب غير قانونية. ولايستطيع أي شخص تفسير كيف أن دولة، تمتلك الاحتياطات النفطية الأكبر في العالم، تظهر فيها يوميا صور لأطفال يموتون جراء نقص الأدوية، وتشهد أيضا طوابير طويلة أمام المتاجر الضخمة.

وذكر تقرير أخباري تردد على نطاق واسع أن السكان لجأوا إلى صيد طيور الفلامنجو النادرة لتناولها كغذاء.

ولايوجد في فنزويلا احتياطي كاف من الدولار لتغطية مشتروات الغذاء والأدوية، ولكن يقال إن اشخاصا مثل العيسمي لديهم اصول ضخمة.

وأُعلن أن فنزويلا تشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة بينما كان باراك اوباما لايزال رئيسا للبلاد، وتشير العقوبات المفروضة على العيسمي إلى أنه بدلا من حدوث دفء في العلاقات بين الدولتين، فإن الجمود سوف يسيطر عليها.

ودعا عضو البرلمان اسماعيل جارسيا إلى اجراء تحقيق دولي، لافتاإلى مؤشرات على أنه تم اصدار جوازات سفر فنزويلية إلى مالايقل عن 173شخصا من دول مثل سورية ولبنان والعراق وإيران، عندما كان العيسمي وزيرا للداخلية .

ووصل سعر، جواز السفر الصادر من السفارة الفنزويلية في بغداد إلى 15 الف دولار. وقال جارسياإن الأشخاص الذين حصلوا على جوازات سفر ربما تورطوا في تجارة المخدرات أو أنشطة إرهابية.

وفي دوائر الاستخبارات الأمريكية، هناك قلق بان كاراكاس يمكن استخدامها كنقطة انطلاق من جانب مجرمين يخططون لدخول الولايات المتحدة.

ولدى مادورو عشرات الألآف من الجنود الذين يشاركون في تدريبات حربية، وقال إن وجود هؤلاء الجنود ضروري لأن الولايات المتحدة تخطط لغزو البلاد.و ينتهج مادورو نهجا وديا بالكاد تجاه ترامب، إدراكا منه على الارجح أن تتجه العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مما هى عليه حاليا.