أفرادا وشعوبا وأمما... كل يبحث عن الربح وعن الانتصار والفوز بالغنيمة الكبرى، لكن أن يتعذر عليه وعليهم ذلك، فالبحث عن بديل هو الأفضل والأنجح، بديل لا يتحمل فيه المرء الخسارة بأكملها، بل يذهب للخيار الأقل ضررا من مجموعة خيارات لاتحتمل التجربة، بقدر ما هي ذكاء واصطياد للخيار الذي لا يكلف الكثير، ولا يرهق النفس في متاهات ما بين العودة للوراء أو الوقوف في منتصف الطريق، أي لاتكن متأرجحا بين العجز أو الانتحار او الاستسلام لأي تيار جارف.
الحياة هي مجموعة من الخيارات الصعبة، فالإنسان بحاجة تحت وطأة ظرف ما، أن يراجع بعض قناعاته، والقناعات بخلاف الثوابت، فالعمر يمضي والأيام لا تعود، ولا بد من اتخاذ القرار ولو كان مخالفا لبعض القناعات، ففي ذلك جرأة وإقدام، ولكنه خلاص وإنقاذ، تماما كقصة «من قتل الضفدعة؟»، إذ ظنت الضفدعة نظرا لقناعاتها، عندما وضعت في ماء يسخن، أنها تستطيع أن تضبط ﺩﺭﺟﺔ حرﺍﺭﺓ ﺟﺴمها بدرجة حرارة الماء تدﺭﻳﺠيا، ﻭﻟكن ﻋندﻣﺎ اقترب الماء من ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻐﻠﻴﺎﻥ، عجزت ﺍﻟﻀفدعة عن التكيف مع الوضع، فحاولت القفز أكثر من مرة، ولكن دون جدوى، حتى خارت قواها فماتت، ليبقى السؤال من قتل الضفدعة؟ هل هو الماء المغلي، أم عدم قدرتها على اتخاذ قرار القفز في الوقت المناسب قبل أن تنفد طاقتها في محاولة التكيف مع الوضع الجديد، لكن هناك من يقول، أن السبب هو من صب عليها الماء المغلي لم يعطها أي خيارات سوى الموت لأنه أراد لها الخسارة، من قال إن الخصم يريد لمنافسه الربح بقدر ما تكون خسارته انتصارا له، لذا قالوا الحقوق تنتزع ولا تعطى.
هناك حكمة هندية تقول: «لا يوجد خيار إلا في شيئين: الربح والخسارة»؛ يعني أن الحياة مفتوحة على خيارات عدة، لكن لا خيار ثالثا بين الربح والخسارة، فإلى أي مدى يصح هذا. فهل نجعل حياتنا بين كفتي من ينتصر ومن يكتوي بنار الألم، وأمورنا معلقة بين خيارين بين أن تتم او لا تتم؟ فأين الخيار الثالث والرابع، فمن الوهم والوهن أن نستسلم ولا نجد البدائل ولا نخلق الفرص التي كما يقال قد تأتي متنكرة، وتذهب ساخرة، فهي سريعة الفوت وقليلة العود، فالأديب المصري يوسف السباعي (1917 - 1978) كان كثيرا ما يقول: «وأحكم الناس في هذه الدنيا رجل استطاع ألا يحزن، فجعل كل عمره ربحاً».
فما إن تعترف بقرب خسارتك دون مكابرة، عندها تستطيع أن تقلل من فداحتها بل ربما تكون قادرًا على هزيمه الخسارة ذاتها في آخر فرصها، ميزان الربح والخسارة لا تقيمه الأعراف ولا تخطه الناس ولا يأخذ بما هو سائد بقدر ما يرجع للمرء ذاته، فما يعده ربحا يعده آخر خسارة، لكن لا توجد حالة أقسى ألما وأكثر مرارة من الخسارة التي يرويها لنا القرآن الكريم في قوله تعالى «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا» 103-104/ الكهف.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 5285 - الجمعة 24 فبراير 2017م الموافق 27 جمادى الأولى 1438هـ
الربح هو المصالحة مع الشعب والوصول معه الى طريق سلام يوفّر هذه القبضة الأمنية التي كلّفّت البلد اضعاف الحل السلمي .
ماذا يضيرهم لو اصبحنا مثل شعب الكويت وهاهم الشيعة في الكويت هم من الموالاة لنظام الحكم هناك وعلاقتهم حميمة
مع عائلة آل صباح وبينهم مودّة وتواصل والفة الى درجة لا تصدّق ورغم دخول بعض المخربين لهذا التقارب لكنه باق
...
موضوع مفيد أنصح الجميع بقراءته والتأمل في كل كلمة فيه...وأشكر الكاتبة على تلك المقالات الرائعة