مشروع ولدت فكرته قبل نحو 6 أعوام، من خلال إنشاء مزرعة حديثة تعمل بنظام الزراعة بدون تربة أو بالزراعة المائية، وبعد مشاورات بين صديق وقريب، والاستعانة بذوي الخبرة، وقف الرأي على اختيار اسم المزرعة برابط تاريخي لحضارة بابل في العراق، هي أول من استخدم الزراعة المائية المعلقة، وسميت «الحدائق المعلقة».

صاحب هذه الفكرة هو المهندس عبدالكريم حسن إسماعيل، تكررت قصته كثيراً مؤخراً، والجميل فيها أنها تتطور باستمرار كل ما كتب فيها مرة بعد أخرى... كان موظفاً حكومياً على مدى 25 عاماً، متخصصاً في الهندسة المدنية، وباشر مهاماً رسمية إدارية. وقبل 6 أعوام تقريباً، تحول مجال عمله كليّاً حين بدأ مشروعه الزراعي الصغير بالمالكية.

عبدالكريم حسن أصبح مديراً لمركز تكنولوجيا الزراعة بدون تربة لدى شركة عالمية في كوريا الجنوبية متخصصة في تكنولوجيات الزراعة. بل ينفذ مشروعات ضخمة في دول خليجية وعربية بتكنولوجيات زراعية متطورة لصالح أكبر شركات تكنولوجيات الزراعة الحديثة في العالم بكوريا وغيرها. وبحسب حسن، المشارك بمنصة لمشروعه «الحدائق المعلقة» في معرض البحرين الدولي للحدائق 2017 الذي تنظمه المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي برعاية عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أنه واجه تحدياً في البداية عند سعيه لاختيار موقع المزرعة بسبب شح الأراضي، وخصوصاً أن معظم الأراضي الزراعية غير مخططة، بمقابل أخرى مخططة تكون صغيرة، وفترة الإيجار محدودة لمدة عشرة أعوام.

وجرى الحال على أحسن مما يرام بعد مساع حثيثة، وتوصل حسن إلى اتفاق مع إدارة الأوقاف الجعفرية، واستأجر أرضاً مخططة تؤول مسئوليتها إلى الإدارة بمساحة 5000 آلاف متر مربع في منطقة المالكية، مدة إيجارها 10 أعوام. وهناك بدأ المشروع على أرض الواقع.

وواجهت حسن مشكلات تتعلق بالتمويل، وكما كرر إن البنوك التجارية ترفض التمويل باعتبار أن المشروع زراعي والخطر الموجود في مثل هذه المشروعات كبير، ولذلك تم الرفض. إلا أن برنامج صندوق العمل (تمكين) بمعية بنك التنمية فتحا باب التمويل. وهذا التمويل أيضاً صاحبته صعوبات مثل توفير الضمان والجدوى الاقتصادية التي تكلف من 5 إلى 7 آلاف دينار.

ووصلت الفكرة في التالي إلى مرحلة التشغيل والإنتاج، وتعاون حسن مع شركة من كوريا الجنوبية لتأسيس مزرعته في البداية، وحالياً يعمل في مجال تقنيات تستهدف كل أنواع الخضراوات الورقية والأخرى المثمرة، والثالثة لزراعة الفراولة، والرابعة إنتاج الورود التجميلية.

وبما أن خطة التسويق صعبة في ظل عنف المنتوجات المستوردة، لجأ حسن إلى استخدام خطة جديدة للتسويق، وقد أبدت نجاحها فعلاً، وهي السياحة الزراعية، التي تتمثل فكرتها في دمج الترفيه بالتسويق والقطف، حيث تعتمد هذه الآلية على تشجيع العوائل على زيارة المزرعة وقطف مختلف أنواع الخضراوات لتشكيل سلة خضراوات متنوعة، وذلك عن طريق توفير عنصر جذب للمستهلكين. وقد بلغ عدد الزوار في الحدائق المعلقة في العام 2016 نحو 15 ألف، وقد حضرت الكثير من العوائل أسبوعيّاً. وبعد استقرار حسن، ونيته في التطور أكثر، سعى بالتالي إلى مرحلة استراتيجية من خلالها يتمكن من جعل الحدائق المعلقة مركز نشر ثقافة الزراعة المائية في المنطقة، وذلك من خلال إيجاد الشريك الاستراتيجي القوي الذي يمتلك الإمكانيات المختلفة (الخبرة، التكنولوجيا، التواجد في السوق، وغيرها). وطلب من الشركة الكورية المنفذة للمشروع زيارة الحدائق المعلقة للاطلاع على النتائج الإيجابية، ثم ناقش كيف يمكن أن تلعب دوراً في زيادة مبيعات الشركة في الخليج، وقد طلب منه أن يكون مندوب مبيعات للشركة في الخليج.

الحدائق المعلقة، المشروع الصغير، أصبح اليوم معرضاً لتكنلوجيا الشركة، بل قام بتطوير تجارب مشروعات مماثلة في دول خليجية وعربية، وقد نفذ مؤخراً مشروعات في السعودية والدوحة وكذلك مشروعاً آخر في هورة عالي الذي من المقرر أن ينقل الزراعة في البحرين نقلة نوعية شاملة.