شيع آلاف من المصريين اليوم الاربعاء (22 فبراير/ شباط 2017) جثمان الشيخ عمر عبدالرحمن الذي توفي مطلع الأسبوع في سجن أمريكي حيث كان يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة لإدانته في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 وبالتخطيط لشن هجمات أخرى في الولايات المتحدة.
ووصل جثمان عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية والمعروف بلقب "الشيخ الضرير" إلى مطار القاهرة على متن طائرة قادمة من الولايات المتحدة صباح اليوم الأربعاء. ونقل الجثمان إلى مسقط رأسه بمدينة الجمالية بمحافظة الدقهلية بدلتا النيل التي ولد فيها عام 1938 ليدفن هناك تنفيذا لوصيته.
وكانت السلطات الأميركية أعلنت يوم (السبت) أن عبدالرحمن توفي عن عمر 78 عاماً لأسباب طبيعية في مركز طبي اتحادي بمجمع سجون اتحادي في بوتنر بولاية نورث كارولاينا. وكان يعاني من داء السكري ومرض الشريان التاجي.
وظل عبدالرحمن المصري المولد زعيماً روحياً للإسلاميين المتشددين حتى بعد أن قضى ما يزيد على 20 عاماً في السجن.
كان الشيخ عبدالرحمن وجها للإسلام المتشدد في الثمانينيات والتسعينيات ودعا في خطبه النارية إلى قتل أشخاص وإسقاط حكومات يعارضها وإقامة نظام حكم إسلامي في مصر. وارتبط أتباعه بأعمال قتل وهجمات بقنابل لمتشددين في مختلف أنحاء العالم.
وسجن عبدالرحمن واتهم بإصدار فتوى أدت إلى اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات عام 1981 بعد أن عارضه لسنوات. وقال عبدالرحمن إنه علق من قدميه في سقف وضرب بالعصي وتعرض للصعق بالكهرباء عندما كان محتجزا إلى حين إطلاق سراحه والذهاب إلى منفى اختياري في عام 1990.
وتمكن من السفر إلى نيويورك بعد أن منحته السفارة الأميركية في السودان تأشيرة سياحة عام 1990 على الرغم من حقيقة أنه على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للأشخاص المرتبطين بجماعات إرهابية.
وبعد انتقاله للولايات المتحدة عمل عبد الرحمن على نشر رسالته المتشددة وعاش في بروكلين بمدينة نيويورك بالقرب من جيرزي سيتي وأكتسب أتباعا من الإسلاميين المتشددين.
وكان يواجه احتمال الترحيل عندما انفجرت شاحنة ملغومة في ساحة لانتظار السيارات أسفل مركز التجارة العالمي في 26 فبراير شباط 1993 مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة ما يربو على ألف في هجوم دفع الأمريكيين لإدراك أنهم ليسوا بمنأى عن الإرهاب الدولي.
وبعد أربعة أشهر اعتقل عبد الرحمن وقدم للمحاكمة مع عدد من أتباعه في عام 1995 واتهم بالتآمر لشن هجوم إرهابي في الولايات المتحدة وتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات متزامنة في مقر الأمم المتحدة ومنشأة حكومية اتحادية رئيسية في مانهاتن وأنفاق وجسر يربط مدينة نيويورك بولاية نيوجيرزي. وبعد إدانته ظل في السجن حتى وفاته.
وفي الجمالية التي تقع على بعد 175 كيلومترا شمالي القاهرة كان مشيعون من أهل المدينة ومحافظات مصرية مختلفة ينتظرون وصول الجثمان منذ الظهيرة لكنه وصل في المساء وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة العشاء قبل أن يدفن في مقابر العائلة.
وعند وصول الجثمان للمدينة ردد المشيعون هتافات من بينها "الله أكبر" و"بالروح والدم نفديك يا إسلام". وطالب رجال دين المشيعين بالالتزام بآداب وقواعد الجنازة والكف عن ترديد الهتافات.
ورفعت نساء يرتدين النقاب ورجال ملتحون لافتات كتب عليها عبارات من بينها "أهلا بك في بلدك رغم انف الحاقدين" و"نتقابل في الجنة" و"أمريكا بلد الحريات تقتل الدكتور عمر عبد الرحمن".
ووصفته بعض اللافتات "بالشهيد".
وقبل وصول النعش إلى المسجد نقل الجثمان إلى منزل شقيق عبد الرحمن حيث أعيد تغسليه.
وشارك في الجنازة تلاميذ لعبد الرحمن من محافظات مختلفة وعدد من قيادات ورموز الجماعة الإسلامية مثل عبد الآخر حماد مفتي الجماعة ومحمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وعبود الزمر الذي أدين في قضية اغتيال السادات.
وقال مشاركون في الجنازة إن عبد الرحمن تعرض للظلم من الحكومات المتعاقبة في مصر والولايات المتحدة بسبب إصراره على مواقفه ومبادئه.
وقال مصطفى الوكيل (40 عاما) وهو محام جاء من القاهرة للمشاركة في الجنازة "لو كان رجلا سيئا فلن يأتي الناس من كل أنحاء البلاد لحضور جنازته."
وأضاف "لقد تربينا على كتبه وتسجيلاته."
ونعت جماعات إسلامية عديدة ومتباينة المواقف عبد الرحمن بداية من جماعة الإخوان المسلمين التي تنفي صلتها بأي أعمال عنف وحتى تنظيم القاعدة المتشدد.
وقال تنظيم القاعدة في بيان نشره على تليجرام: "لقد رحل الشيخ الإمام المجاهد العابد الزاهد الفقيه المفسر عمر عبد الرحمن بعد صراع مع طواغيت الأرض دام قرابة ستة عقود من حياته لم يتنازل فيها يوما عن مائة ولم يتخل عن ثوابته."
ووصف البيان عبد الرحمن بأنه "جبل نفخ فيه الروح".
وتوعد التنظيم الولايات المتحدة بشن هجمات تنفيذا لما قالوا إنها وصية عبد الرحمن.
وقال البيان "يا شباب الأمة وليوثها هذه وصية الشيخ بين أيديكم. اجتهدوا في تنفيذها ولا تدعوا الأمريكان ينعمون بالأمن والأمان. اقتلوهم. أقعدوا لهم كل مرصد. أزرعوا الخوف في قلوبهم. اثأروا لشيخكم. دمروا مصالحهم في كل مكان. أشعلوا الأرض نارا تحت أقدامهم. خذوا من دمائهم واشفوا صدور قوم مؤمنين."