أكد مساعد وزير الخارجية عبدالله فيصل جبر الدوسري، أن السلطة التشريعية في مملكة البحرين تعكف حالياً على دراسة وإقرار مشروع قانون الأسرة الموحد، والذي سيصب في مصلحة الأسرة البحرينية وتمتعها بكل حقوقها تحت كل الظروف.
جاء ذلك في رد على سؤال لوكالة أنباء البحرين (بنا) خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح اليوم الأربعاء (22 فبراير/ شباط 2017) في مبنى وزارة الخارجية، واستعرض فيه أبرز الإنجازات الحقوقية والتشريعية المحققة في مملكة البحرين، بمناسبة تقديم تقريرها الوطني الثالث إلى مجلس حقوق الإنسان في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، وذلك بعد مناقشته واعتماده من قبل اللجنة التنسيقة العليا لحقوق الإنسان.
وأضاف الدوسري أن قانون الأسرة السني صدر في العام 2008، فيما تعذر صدور القانون بشقه الجعفري لعدة اعتبارات، لذلك كان من الأفضل مراجعة التشريعات المختلفة والوصول إلى الصيغ الملائمة لحماية الاسرة في البحرين.
وأشار مساعد وزير الخارجية إلى أن هناك متابعة مستفيضة لقضايا حقوق الإنسان على المستوى الدولي، لذلك تتم دراسة الملاحظات والتوصيات بجدية بهدف تطوير العمل الحقوقي.
وأوضح الدوسري أن التطورات الحقوقية في مملكة البحرين واضحة للقاصي والداني، والبحرين مجتمع منفتح على كل وسائل الإعلام المحلية والدولية، وهناك زيارات منتظمة للمنظمات الحقوقية الدولية، وهي رسالة واضحة للعالم بمدى الحرية والتطور الكبير الذي شهدته البحرين في هذا المجال منذ انطلاق المشروع الاصلاحي لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وعن الانتقادات التي قد توجه للبحرين في ملف حقوق الإنسان، قال مساعد وزير الخارجية: "إننا نرد على الانتقادات والتساؤلات بشكلها الحقوقي، ولكن للأسف هناك بعض الجهات تطلق انتقاداتها دون أدلة ودون منحنا فرصة للرد عليها".
وأوضح أن هناك الكثير من الاتهامات غير الحقيقية وتفتقد للمصداقية وتعمل على تسيس ملفات حقوق الإنسان، وقد تم إيضاح ذلك في أكثر من مناسبة، والأهم من ذلك كله أن الإنجازات ترد على كل تلك الاتهامات وبشكل علمي.
ودعا الدوسري أي جهة لديها استفسارات الى أن تتصل بالجهة المعنية بحسب القنوات الرسمية، وسيتم الرد عليها بشكل إيجابي وعلني وبكل شفافية، أما ما ينشر من تصريحات صحافية مغرضة فهي عملية إساءة وتشويه لإنجازات البحرين، داعياً وسائل الإعلام المختلفة إلى ممارسة دورها بشكل موضوعي ومهني، وأن ترتقي بأسلوب الرد المتكافئ وعدم الانجرار وراء الاتهامات أو التعليقات التي تضر بعملية التواصل.
وبشأن ما تم إنجازه في مجال حماية حقوق العمالة الأجنبية، أوضح مساعد وزير الخارجية أن البحرين قطعت أشواطاً كبيرة في هذا الأمر ووصلت إلى مراحل متقدمة بالعناية بالعمالة الأجنبية، ومن ضمنها العمالة المنزلية.
وأشار الدوسري إلى ان هذا الأمر ورد بشكل واضح في تقرير البحرين الثالث الذي قدم إلى مجلس حقوق الإنسان، حيث التطور الكبير في التشريعات الحامية لحقوق العمالة الاجنبية، حيث أصبحت التجربة البحرينية من التجارب الرائدة في هذا المجال، وتم اقتباسها في العديد من الدول الاخرى.
وأوضح أن العمالة الاجنبية في البحرين تتمتع بحقوق متساوية، توازي ما هو معمول به في دول العالم المتطورة، حيث حرية العمل والتنقل والتفاعل مع المواطن والعيش في ظروف اقتصادية جيدة، وهو ما يساهم في جلب عوائلهم حيث توفر المدارس والمرافق الصحية والخدمات.
وبشأن الملاحظات التي وردت على ملف البحرين، خصوصا في مجال تنفيذ عقوبة الإعدام، أشار الدوسري إلى ان البحرين غير ملزمة بوقف عملية الإعدام، ولكنها تطبقها في أضيق الحدود، وبما تنص عليه المادة السادسة من العهد الدولي (يمكن تطبيق عقوبة الإعدام في الجرائم البشعة)، لذلك فالبحرين تطبقها في الجرائم التي ترتبط بقتل النفس والتعدي على الحياة.
واشار إلى ان البحرين لم تنضم إلى البروتوكول الثاني الذي يشجع الدول على إلغاء عقوبة الإعدام، لارتباطها بقيم الشريعة الاسلامية كأحد مصادر التشريع البحرين والقيم والثقافة العربية المنتشرة.
وبشأن الاتفاقية الدولية للاختفاء القسري، أشار مساعد وزير الخارجية إلى ان البحرين تقوم حاليا بدراسة الانضمام لهذه الاتفاقية، على الرغم من عدم وجود أي حالة اختفاء قسري فيها، بل هناك ضمانات تشريعية وقانونية ودستورية للأشخاص الذين يتم القبض عليهم.
وبخوص الملاحظات التي وردت على تقرير البحرين بشأن التوقيع على اتفاقية السيداو، أوضح مساعد وزير الخارجية ان تقرير البحرين الثالث يرد على هذه الاتفاقية، حيث تمت مناقشته بشكل واسع من مختلف شرائح المجتمع البحرين، من رجال دين ومؤسسات وطنية وحقوقية، وكان هناك جدل علمي على المستوى الوطني.
وعن الملاحظات المتعلقة بالبطء في اقرار التشريعات والقوانين، أوضح مساعد وزير الخارجية ان البحرين بلد ديمقراطي، وهذا يستوجب العمل ضمن آليات تشريعية متتالية، الى جانب استشارة بعض المؤسسات المحلية ذات الاختصاص، وبالتالي فإن بعض القوانين تأخذ أوقاتاً ليتم اصدارها، معتبراً أن ذلك أفضل بكثير من ايجاد قوانين بشكل سريع، يمكن أن تنتهك الحقوق الفردية والمجتمعية للمجتمع البحريني.
وبشأن مشاركة منظمات المجتمع المدني في المراجعة الدورية التي ستعقد في الأول من مايو/ أيار المقبل، أشار مساعد وزير الخارجية إلى ان هناك ترحيباً كبيراً بهذه المشاركة، معبراً عن أمله في أن تكون واسعة ومعاكسة لصورة التطورات الكبيرة في مجالات حقوق الانسان في البحرين، منوهاً إلى أن وزارة الخارجية لا تتدخل في مشاركة هذه المنظمات، بل إن الامر متروك لهم بالكامل.
وعن الادعاءات بمنع مقررين من الأمم المتحدة لزيارة البحرين، نفى عبدالله جبر الدوسري هذه الادعاءات، مشيراً إلى أن هناك آليات وبروتوكولات يجب الالتزام بها لمن يرغب بزيارة أية دولة من المقررين الدوليين، وللدول الحرية في القبول أو الرفض أو التأجيل، وقال ان البحرين كانت على الدوام منفتحة على المنظمات الدولية ومؤسسات الامم المتحدة، ولا توجد ابواب مغلقة، بل إن هناك تفاعلاً كبيراً وهو ما تشجع عليه مملكة البحرين، لكن بعض الزيارات المقترحة قد لا تتناسب مع برنامج العمل في البحرين أو ان يكون غير مناسبة من ناحية التوقيت.
وأضاف أنه على رغم ذلك فإن هناك لقاءات واتصالات مباشرة مع المقررين، ويتم الاجتماع والتواصل معهم بواسطة الوفود البحرينية المختلفة، حيث يتم تبادل المعلومات والبيانات، وتقوم وزارة الخارجية بالرد بمذكرات قانونية فيما يردها من استفسارات.
ونفى الدوسري ما أشيع عن وقف التعامل مع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان، موضحاً أن هناك رسائل تفاهم لبرامج دعم فني لنهاية العام 2016، وقد تم عقد فعالية واحدة فقط في مايو 2016 وكانت ناجحة وقوية وفاعلة، منوهاً إلى أن الوزارة كانت تأمل في ان تقوم المفوضية بالتعاون لعقد فعاليات اخرى، ولكننا لم نلقَ التجاوب التام من المفوضية على رغم التواصل والتشجيع المستمر من قبل وزارة الخارجية.
وأضاف أن البحرين لم تقطع أي تواصل مع أية جهة أممية، ولكن صدرت بعض البيانات من جهات تفتقد الى المصداقية والدقة ولديها انحياز وأجندات خاصة، اشارت الى انه تم إلغاء برنامج الدعم، وهذا غير صحيح على الاطلاق.
واشار الدوسري الى ان فكرة تعيين مقرر خاص على البحرين غير مطروح، فما تشهده البحرين من تطور كبير في مجالات حقوق الانسان لا يمكن ان يقابل بمثل هذه الافكار، بل المطلوب هو العمل على تشجيعها لتحقيق المزيد من الانجازات.
وبشأن زيارات جهات دولية معنية بحقوق الانسان الى البحرين، أوضح الدوسري ان البحرين ترحب بكل الزيارات، بحسب الحاجة، وخاصة إذا كان الهدف منها يصب في مجال تحسين وتوضيح حقوق الانسان، مشيراً إلى أن العديد من المؤسسات الوطنية تستقبل كل عام شخصيات رسمية بشكل منتظم، ولكن لا يمكننا التعامل مع منظمات غير دقيقة تحاول تسيس الملفات الحقوقية والتشهير بالدول.
وبشأن كيفية التعامل مع التقارير التي تصدر عن وزارات الخارجية في بعض الدول، أكد مساعد وزير الخارجية أنها مرتبطة بوجهة نظر تلك الوزارات فيما يتعلق بحقول الانسان، حيث إن بعض الدول ترسل لنا استفسارات ويتم التعامل معها، فيما يعمل البعض الآخر على استقاء معلوماته من مصادر غير دقيقة ومشكوك في مصداقيتها فتصدر التقارير محتوية على الكثير من المغالطات والاخطاء، منوهاً إلى أن ما يهمنا في البحرين هو نجاح تجربتنا ووصولها الى مرحلة متقدمة، بل نحن سائرون إلى المزيد من التقدم في هذه الملفات ونتقدم على كثير من دول العالم فيها.
وعن ربط بعض الجهات لملفات حقوق الانسان بالملفات السياسية، أوضح مساعد وزير الخارجية أن البحرين حققت الكثير من النجاحات في مختلف المجالات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب التطور الديمقراطي الكبير والحريات العامة، ولكن للأسف الشديد هناك من يسيء استخدام قضايا حقوق الانسان ويحولها الى ملفات مسيسة، وهو ما يضر بقضايا حقوق الانسان.
وهاجم الدوسري بعض المنظمات التي تعمل من الخارج، متسائلاً عن الجهات التي تقف وراءها تمويلا ودعماً، معتبراً أنها منظمات مسيسة لا تمت لحقوق الانسان بصلة، بل هي جهات يتم الدفع لها واستغلالها للإساءة الى البحرين والمنجزات الكبيرة التي تحققت في ظل المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك.
وكان مساعد وزير الخارجية قد استعرض خلال المؤتمر الصحافي أبرز الانجازات الحقوقية والتشريعية المحققة في مملكة البحرين بمناسبة تقديم تقريرها الوطني الثالث إلى مجلس حقوق الإنسان في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان بتاريخ 2 فبراير 2017، وذلك بعد مناقشته واعتماده من قبل اللجنة التنسيقة العليا لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية.
وأوضح أن تقديم التقرير الحقوقي الوطني الثالث إلى مجلس حقوق الإنسان الدولي في توقيته المناسب وبالتزامن مع الذكرى السادسة عشرة لإقرار ميثاق العمل الوطني دلالة على عزم المملكة مواصلة جهودها في تعزيز واحترام حقوق الإنسان، تشريعاً وسياسة وواقعاً، كنهج ثابت في الدولة المدنية البحرينية الحديثة بموجب أحكام الدستور والتشريعات الوطنية ومبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، والوفاء بالتعهدات الطوعية في سياق التفاعل والتعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية، من خلال تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان والتعاون الفني مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والهيئات واللجان الحقوقية التابعة للأمم المتحدة.
وتناول مساعد وزير الخارجية السياسة العامة للمملكة في احترام حقوق الإنسان، ومتابعة تنفيذ برنامج عمل الحكومة للسنوات (2015 - 2018) "نحو مجتمع العدل والأمن والرفاه"، وجهود التطوير والبناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، في إطار الحرص على تعزيز الحقوق الفردية وحرية الرأي والتعبير والعمل في إطار الشرعية الدستورية والقانونية.
وأشار في هذا الصدد إلى كفالة الحقوق السياسية والمدنية في ظل الملكية الدستورية والفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وتعاونها وفقاً للدستور، وحرية تكوين مؤسسات المجتمع المدني، وضمان الحقوق والحريات العامة والشخصية، بما فيها حرية الصحافة والإعلام، والحريات الدينية وتعزيز الحرية الاقتصادية والشفافية، وإقرار قوانين عصرية لحماية حقوق الإنسان والفئات الأولى بالرعاية كحقوق الطفل وكبار السن ومكافحة الإتجار بالأشخاص ورعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين، وأحكام الأسرة، والحماية من العنف الأسري، وتمكين المرأة.
وأشاد بالمنظومة القضائية والحقوقية الضامنة لحماية حقوق الإنسان، لافتاً إلى استقلالية ونزاهة السلطة القضائية، وممارسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والوحدة الخاصة بالنيابة العامة، والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين لجهودها في حماية الحقوق والكرامة الإنسانية، إلى جانب الإنجازات المشهودة التي يحققها المجلس الأعلى للمرأة برئاسة قرينة عاهل البلاد صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، ومعهد البحرين للتنمية السياسية في التوعية السياسية والقانونية، والاهتمام بغرس ثقافة حقوق الإنسان تعليمياً وإعلامياً بهدف تقوية تماسك المجتمع البحريني المتحضر.
وتطرق الدوسري إلى لسياسات والاستراتيجيات الوطنية في مجال حماية حقوق الإنسان، والتطورات التشريعية بالتوافق مع انضمام المملكة إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان، مثل: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وغيرها.
وشدد مساعد وزير الخارجية على أن احترام حقوق الإنسان يمثل بعداً جوهرياً في مسيرة الإصلاح السياسي والتنمية الشاملة والمستدامة بأبعادها المختلفة خلال العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك، وترسيخ قيم التعايش والتسامح وقبول الآخر والمساواة كثوابت راسخة للمجتمع البحريني على مر العصور، وتميزه الدائم كوطن للجميع انصهرت فيه ثقافات وحضارات مختلفة، وينعم فيه جميع أبنائه بحقوق عادلة ومتساوية في ظل سيادة القانون.