طالب باحث قانوني بوزارة العدل بسن قانون ينظم العلاقة بين المريض والطبيب، وبضرورة إلزام المنشآت الطبية بالتأمين عن الأخطاء الطبية.
كما طالب الباحث القانوني محمود أحمد علي الودياني، في دراسة جامعية، أجراها تحت عنوان «الخطأ الطبي في المسئولية المدنية»، بإنشاء محاكم متخصصة في المجال الطبي لضمان الحيادية في الأحكام.
وعن أهمية الدراسة التي أجراها يقول الودياني: من المهم أولا تحديد مسئولية الطبيب المدنية عن الأخطاء، والآثار المترتبة على الأخطاء الطبية، ومتى تنعقد المسئولية عن الخطأ الطبي، لذلك قمت باستعراض أمثلة من الفقه المقارن لبيان الآراء المتنوعة حول الناتج من الخطأ الطبي، وماهية الأحكام الواردة عليه، ومسببات وقوع الأطباء في هذه الأخطاء.
وقد أسفرت هذه الدراسة عن العديد من النتائج، أهمها أن الخطأ الطبي يعرف بأنه كل خروج أو مخالفة في سلوك الطبيب عن القواعد الطبية والأصول العلمية التي يوردها هذا التخصص، وقد يكون خطأً مهنيًّا أو قد يكون غير مهني.
ويرى الودياني أن الخطأ الطبي نوعان، الأول خطأ غير مهني، وهو الناجم عن السلوك الذي يمارسه الطبيب كإنسان، وليس كممارسة للمهنة، والثاني خطأ مهني وهو المتعلق بمهنة الطبيب، من حيث ممارستها وأصولها، مثل (التشخيص الخاطئ، والخطأ الجِراحي، والإنفِرادُ بالتشخيص، والإهمالُ، وعدم اليقظة والملاحظة، والجهلُ الفني...).
وتكون الأخطاء الطبية نتاج انعدام الكفاءة أو الخبرة من قبل الطبيب الذي يمارس المهنة أو من مساعديه، أو نتيجة طريقة حديثة أو عملية ما، أو تجربة علاجية أو نتيجة حالة طارئة تستدعي السرعة على حِساب الدقة، وقد يكون نتاج العلاج المعقد.
ويرى أن مخالفة الطبيب وخروجه عن القواعد الأصولية للطب، أو الإخلال بواجب من واجبات أخذ الحذر والحيطة وقت القيام بالعمل الطبي، وإلحاق الضرر بمريض من خلال هذا السلوك، هو الأساس الذي يقيم المسئولية المدنية للطبيب.
ويري الباحث وجوب تحقق أركان المسئولية المدنية مجتمعة، ألا وهي الخطأ الطبي والضرر والعلاقة السببية، فليس مجرد الخطأ من قبل الطبيب دليل لتحقيق المسئولية المدنية له، بل ينبغي أن يكون هناك خطأ متسبب في إلحاق ضرر بالمريض.
كما يعفى الطبيب من المسئولية ولا يسأل عن الخطأ الطبي، في حالة الضرورة والظروف الاستثنائية.
ويقول: نخلص مما تقدم أن الطبيب هو الذي يتخذ معياراً للخطأ الطبي (المهني) على أن يحاط بالظروف الخارجية للطبيب المسئول، فإذا كان الأخير يمارس الطب بصفة عامة، أي يعالج جميع الأمراض، فإنه ينظر إلى خطئه في ضوء السلوك العادي لطبيب من نفس فئته، وإذا كان طبيباً متخصصاً بنوع معين من الأمراض، كان المعيار بالنسبة إليه هو طبيب من ذات تخصصه في هذا النوع من الأمراض.
كما أن الحقوق التي يتمتع بها الأفراد، ومنهم الأطباء، ليست مطلقة، بل الهدف منها غاية وهدف اجتماعي، ويجب أن تستخدم في نطاق وحدود الغرض ذاته، فإذا كان النظام القانوني في بداية الأمر قد قام على المذهب الفردي، إلا أنه تطور بعد ذلك نحو تقرير الوظيفة الاجتماعية التي تقوم على إنكار الحق المطلق المستقل للفرد الذي عليه وظيفة محددة يؤديها في المجتمع وحاجة معينة يقضيها.
كما أن الوصول إلى سبب المرض الحقيقي وتشخيصه ليس أمراً سهلاً في كل الأحيان، فالتشخيص هو المهمة الأولى والأكثر تعقيداً، ذلك أن الأعراض قد تخدع الطبيب، فهو قد يضطر إلى تغيير التشخيص والعلاج في ضوء التطورات في حالة المريض.
كما يرى الباحث أن المعيار الذي يقاس عليه سلوك الطبيب المسئول هو سلوك الطبيب الوسط من نفس المستوى في نفس الظروف الخارجية المحيطة بالطبيب المسئول، ولذلك ينبغي عند تقدير خطأ الطبيب مراعاة مستواه من حيث هل هو طبيب عام أم متخصص، وما يحيط بالعمل من عادات طبية مستقرة، بحيث يقارن كل ذلك بفعل طبيب وسط من نفس مستوى الطبيب المسئول وفي ذات ظروفه.
كما أن المسئولية تتحقق في مواجهة الطبيب، كلما كان الخطأ ينم عن جهل فاضح بين بأصول الفن الطبي، وهو الأمر الذي يوجب الفصل بين الجهل والرأي العلمي، إذ هنا يجب محاسبة الطبيب عن هذا الجهل الفاضح دون الخطأ الناتج عن الاجتهاد العلمي.
وأخيرا توصي الدراسة بالآتي:
سد الفراغ في التشريع الموجود حاليا بسن تشريع ينظم العلاقة بين المريض والطبيب وتبيان حقوق كليهما والالتزامات والعقوبات على حد سواء، إضافة إلى الآلية التنفيذية والإجرائية للشكاوى المتعلقة بهذا الخصوص والمسئوليات أيضا (المدنية، الجنائية والتأديبية) التي تقوم جراء الأخطاء الطبية المرتكبة. زيادة الوعيين القانوني والعلمي لممتهني الطب باستحداث مواد ومقررات إجبارية لتوضح الواجبات والحقوق كل من المريض والطبيب، وتبيان المسئولية بشكل أدق إضافة إلى دراسة التشريعات الخاصة بذلك. إلزام أصحاب المنشآت الطبية بالتأمين على الأخطاء الطبية. توسيع دائرة الصلاحيات، واختصاصات الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وإعادة النظر في القانون الخاص بها بحيث يكون مرجعاً قانونيّاً طبيّاً متخصصاً مستقلاًّ، مع فرض الرقابة الإدارية على القرارات المنبثقه منها بمسلك بين وجلي، فيكون لصاحب الحق الطعن في قراراتها. إنشاء لجنة رقابية عليا بالهيئة الوطنية العاملة لتنظيم المهن والخدمات الصحية، تكون مهمتها الالتزام بتقديم تقارير دورية عن كل مستشفى أو الهيئات الطبية والعيادات من خلال الزيارات الميدانية وصلاحيتها في منح شهادات الجودة كل نصف سنة، بعد بحث الجودة التقنية والبشرية بكل المنشآت الطبية، على غرار المجلس الأعلى للتعليم بمملكة البحرين. إنشاء اللجان الطبية القانونية الدائمة في كل المنشآت الطبية من مستشفيات وعيادات ومختبرات بالمملكة، على ان تكون مهمتها القيام بأعمال الرقابة على اعمال الأطباء واستيضاح العلاقة بين مرضاهم، واستقبال الشكاوى والنظر في أمرها، وإرسال التقارير الأولية إلى الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بشكل مستمر ومطرد ولتقوم بدورها بالبحث في الحالات والشكاوى. بيان طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض وذلك من خلال إلزام أصحاب مهنة الطب بوجود «وثيقة الميثاق الطبي الخدمي» مع وجود مكاتب ارشادات معنية متخصصة بكل تخصص طبي، وذلك ضمانا لوعي المريض والمواطن بجل حقوقه. توفير جل الكوادر البشرية والتقنيات العلمية والقوى المالية والتكنولوجيا لضمان سلامة المرضى بجل المنشآت الطبية العامة والخاصة مع استحداث خط للحد الأدنى للكوادر المتخصصة والتكنولوجيا وفرض عقوبات على المخالفين. فرض التعليم المستمر على الكوادر الطبية للوقوف على المستجد من التطورات العلمية والنظريات الحديثة، مع إلزامهم بحضور عدد ساعات معينة في مؤتمرات وندوات ذات التخصص واعتبار ذلك شرطا لتجديد رخصة مزاولة مهنة الطب. الشروع في عملية تسجيل وتوثيق الأخطأ الطبية في كل المنشآت الطبية، وذلك للوقوف عليها ودراستها وكشف أسبابها والعمل على الحد منها. إنشاء محاكم متخصصة في المجال الطبي لضمان الحيادية في الأحكام، إضافة إلى الإجادة القضائية المتخصصة، والسرعة في الفصل في هذا النوع من القضايا والتي لها خصوصية في التكييف القانوني وبها تجدد في نوعية الأخطاء الطبية بشكل دائم، وذلك بسبب التقدم العلمي الطبي بشكل متسارع.
العدد 5279 - السبت 18 فبراير 2017م الموافق 21 جمادى الأولى 1438هـ
نحن بحاجة لمثل هذا القانون
لازم الطبيب يحاسب في حالة الخطا الطبي لان المريض يظل يعاني من الأثر طوال حياتو. انا احدي المريضات التي تعرضت الى خطا طبي شديد، في بذاية الامر تكفلت الوزارة بعلاجه في الخارج و الان تخلت عن علاجي على الرغم احتاج الى الرجوع الى طبيب المعالج طوال عمري. . الان الوزارة رافضة علاجي ما اعانية اعانية اسوء مما تتخيلوا الوزارة من صرفها علي من الفلوس، اتمني ان يحصل الطبيب على عقاب شديد و تعوض المريض المصاب لحجم الضرر