إطلاق مملكة البحرين جائزة الملك حمد لتمكين الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خطوة استراتيجية في تعزيز الجهد الاجتماعي البيئي، وتمثل وسيلة مهمة في إذكاء روح التنافسية في العمل والإبداع والإنجاز وتحفيز قطاع الشباب في تبني المبادرات المؤسسة في بعد أهدافها ومقاصدها التنموية والبيئية، ووضع الخطط التنفيدية والبرامج الممنهجة في إجراءاتها لبناء الوعي والقدرات البيئية للمجتمع، للمساهمة الواعية والقويمة في الإصلاح والتغيير البيئي على المستوى الوطني، وتمثل استجابة لمتطلبات العمل الشبابي الآخذ في تصاعد مستوياته في العمل والإنجاز على المستوى العالمي، وتأكيد تميزه في المبادرات المجتمعية على المستوى الوطني، ويأخذ ذلك الجهد بعده المؤثر في خريطة العمل البيئي في مملكة البحرين، الذي يتولى التخطيط له وإدارة عملياته التنظيمة قطاع الشباب، والجائزة في بعد معانيها مؤشر يعزز المكانة الحضارية للبحرين في خريطة الجهد الدولي البيئي والاستراتيجية الدولية لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.
الجائزة في بُعدها الاستراتيجي تعد استجابة فعلية للمشروع الدولي البيئي، الذي يضع قطاع الشباب في مقدمة أولويات اهتماته في استراتيجية العمل الدولي في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، إذ يجري إبراز الأهمية الاستراتيجية للشباب في إنجاز أهداف التنمية المستدامة في منظومة مبادئ المشروع الدولي البيئي، وذلك يمكن تبينه في مبادئ مؤتمرات قمم الأرض للتنمية المستدامة ويجري في المبدأ «21» في مبادئ إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية -1992 التأكيد على أنه «ينبغي تعبئة شباب العالم بقدراتهم الإبداعية ومثلهم وشجاعتهم من أجل إقامة مشاركة عالمية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان مستقبل أفضل للجميع»، والمبدأ «24» في مبادئ مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ريو+20 يؤكد على أن المجتمع الدولي يعرب «عن بالغ القلق إزاء استمرار ارتفاع البطالة والعمالة الناقصة، ولاسيما في صفوف الشباب، ويلاحظ ضرورة أن تتناول استراتيجيات التنمية المستدامة عمالة الشباب تناولاً استباقيّاً على المستويات كافة. وفي هذا الصدد، يقر بضرورة وضع استراتيجية عالمية للشباب والعمالة بناء على عمل منظمة العمل الدولية». ويشير في المبدأ «50» بالقول: «ونؤكد أهمية المشاركة النشطة للشباب في عمليات صنع القرار، وذلك نظراً لأن ما نتناوله من قضايا له تأثير عميق على الأجيال الحالية والقادمة، وأن مساهمة الأطفال والشباب أمر حيوي لتحقيق التنمية المستدامة . ونسلِّم أيضاً بضرورة تعزيز حوار الأجيال والتضامن فيما بينها عن طريق أخذ آرائها بعين الاعتبار».
البحرين تتميز بحراك شبابي بارز، وتزخر بمجموعات العمل الشبابي المتنوعة في أهدافها ومناشطها في حقل العمل البيئي والتنموي والعمل المدني العام، وترك الحراك الشبابي أثره الفعلي في تفعيل الجهد الاجتماعي والمؤسسي في تحريك سواكن الوعي البيئي على مختلف الأصعدة الاجتماعية والمؤسسية، وتفعيل الاهتمام بقضايا النظافة العامة ومعالجة مشكلة التدهور البيئي في المواقع البيئية المهمة، وتحفيز العمل المؤسسي في تفعيل جهود صون معالم النظم البيئية المهمة، والمساهة الفاعلة في صناعة البرامج الوطنية في الشأن البيئي والتنموي، والاستفادة من مرئيات المجتمع المدني في بناء مشاريع السياحة البيئية، كما هو عليه واقع الحال في خطة العمل التنفيدي التي تبناها المجلس الأعلى للبيئة في تحويل خليج توبلي إلى معلم سياحي، وكان للمجتمع المدني أثره الفعلي في طرح المرئيات بشأن تأهيل وصون معالم نظمه البيئية، والاستفادة بما يكتنزه من الثروة البيئية في مشاريع السياحة البيئية.
إنَّ ما يعزز قيمة الجائزة في تمكين الشباب للمساهمة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، النشاط التفاعلي لهذا القطاع في الحراك التنموي الآخذ في التصاعد على المستوى العالمي والوطني، بيد أن تعزيز فاعلية الحراك الشبابي للمساهمة الفاعلة في حركة التغيير البيئي وإنجاز أهداف التنمية المستدامة، يتطلب توافر منظومة الضمانات التي يمكن أن تساهم في توفير البيئة القانونية الحاضنة للإنتاج والإبداع وحماية الحقوق الإبداعية والإنتاجية للشباب، وصون جهدهم من تجاوزات البعض، وتفيد تعزيز قدرات وكفاءة الشباب الإبداعية والإنتاجية وتفاعله في تحقيق المنجزات المفيدة في التغيير المنتج، في إحداث طفرة نوعية في الحراك التنموي المؤسس والواعي لمهام متطلبات المرحلة المعاصر للتطور الحضاري للبشرية، ومن الضمانات التي ينبغي أخذها في الاعتبار الحرص في بناء الخطط المرتكزة على المقومات العلمية، التي تتبنى مخرجات عملية في الاهتمام بتمكين قطاع الشباب في التعليم، وتوفير الضمانات في تكافؤ الفرص في التعليم الجامعي، بما يفضي في بناء الكوادر المؤهلة علميّاً، وتكون قادرة في قيادة المشاريع التنموية بكفاءة عالية، وذلك يمثل تجسيداً فعليّاً للهدف «4 - ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع» ضمن أهداف التنمية المستدامة التي تبناها المجتمع الدولي، كما أنه من المهم أن يجري العمل في وضع الخطط الممنهجة والمؤسسة علميّاً التي تضع في صلب أهدافها تشخيص المخرجات المنهجية، في إعداد وبناء الكوادر المؤهلة في إدارة المشاريع التنموية، وبالتوافق مع ذلك من الطبيعي أن يجري العمل في وضع الخطط التي تضع المؤشرات المنهجية في تكافو الفرص في العمل المهني وفق الكفاءة والمؤهلات التعليمية، وذلك بما يجسد مضمون جوهر «الهدف 8 - تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع»، وتعزيزاً لذلك النهج من المفيد أن يجري تهيئة الظروف المساعدة في تمكين الشباب، في تبني المبادرات العلمية في إعداد البحوث المنهجية التي يمكن الارتكاز على مخرجاتها، في بناء خطط تأهيل وتنمية الأنظمة البيئية ضمن استراتيجية العمل الوطني في إنجاز أهداف التنمية المستدامة.
تمكين الشباب يمثل هدفاً استراتيجيّاً في خريطة العمل الوطني للدول، إذ إن الكثير من الدول حرصت في تبني خططها الاستراتيجية، للارتقاء بجهود الشباب، والاستفادة من قدراتهم المهنية والعلمية في إدارة تنفيذ الخطط التنموية والبيئية، وبناء منظومة الضمانات القانونية والإجراءات المؤسسية وابتكار المناهج التنظيمية التي ساهمت في تحفيز القدرات الإبداعية للشباب، ودفعهم في المبادرة بتقديم خدماتها التطوعية، والتفاعل في تنظيم الأنشطة التي اتخذت بُعداً استراتيجيّاً في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، ومن الملاحظ أن أنشطة الجماعات الشبابية في حقل العمل المدني البيئي والتنموي، هي في حاجة إلى حماية وتعميم ثقافة القيم الأخلاقية والأدبية في العلاقة مع المجموعات الشبابية، للحد من تجاوز حقوق الملكية الفكرية للأنشطة الشبابية من قبل الغير.
إطلاق جائزة الملك حمد لتمكين الشباب في تحقيق التنمية المستدامة من الطبيعي أن تساهم في الارتقاء بخطط العمل الموجهة في رعاية أنشطة الشباب الإبداعية في حقول العمل المدني العام، وتوفير الحصانة القانونية لحقوق الملكية الفكرية للنشاط المدني، والجهود الإبداعية للشباب في المجالات التنموية والبيئية، وذلك ما تتطلع إلى تحقيقه المجموعات الشبابية في مملكة البحرين.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5277 - الخميس 16 فبراير 2017م الموافق 19 جمادى الأولى 1438هـ