افتتح مركز عيسى الثقافي، أمس الخميس (16 فبراير/ شباط 2017)، معرض الوثائق والكتب الكويتية، بالتزامن مع الأعياد الوطنية الكويتية، ويقام على مدى أسبوع كامل في مقر المركز في الجفير.
يضم المعرض 250 كتاباً وعدداً من الوثائق والصور التي تحكي تاريخاً وحقباً كويتية متعاقبة، «في تعبير عن حجم العلاقات الحميمية التي تربط البحرين والكويت»، كما نوه إلى ذلك المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة.
وخلال افتتاح المعرض، رد الشيخ خالد بن خليفة، على سؤال لـ«الوسط»، بشأن مطالبات باحثين وحلمهم بإنشاء أرشيف لكل دولة تواجدت على أرض البحرين، فقال: «تحقيق هذا الحلم ممكن، وبحوزة المركز حاليّاً كل الوثائق التاريخية الانجليزية، ولدينا كذلك وثائق تركية (عثمانية) وبرتغالية وإسبانية وهندية، وهي متاحة للباحثين غير أن بعضها بحاجة إلى الترميم وهو ما يتولى العمل عليه مركز الترميم».
وأضاف «في الواقع فإن الوثائق الموجودة لدينا غير مصنفة بطريقة علمية، والآن بدأنا بمشروع إعادة تصنيفها وتوزيعها على دول ومناطق بالاضافة إلى تواريخ، وأعتقد أننا بحاجة إلى عامين لاستكمال كل الوثائق بالتصنيف الجديد المعتمد على التقنيات الحديثة الرقمية، تمهيداً لاتاحتها لجميع الباحثين داخل البحرين وخارجها، وذلك عبر عرضها على الموقع الجديد للمركز».
وكشف الشيخ خالد بن خليفة عن جملة مشروعات يعمل عليها مركز عيسى الثقافي، وأوضح «في مركز الوثائق نعمل حاليّاً على تدوين التاريخ الشفهي، عبر تسجيل لبعض الشخصيات والمؤرخين ممن لديهم القدرة على الاستيعاب أو استدراك ما حدث خلال السنوات الماضية، وبعضهم لديه تاريخ معمق، لكن لأنه لا يستطيع الكتابة فقد حرصنا على الاستفادة من التاريخ الذي حفظوه شفاهية، وقد بدأنا في هذا المشروع، ونحن نستفيد في ذلك ممن تمت مقابلتهم عن طريق وزارة الاعلام (جهاز التلفزيون) لنعمل على تخزين هذه المعلومات ونشرها، بحيث تكون ثابتة، والتأكيد عليها لكي تكون في متناول جميع الباحثين».
وأضاف «بدأنا بعدد من التسجيلات الهامة، ولدينا تسجيلات قديمة نعمل حاليّاً على تحديثها من بينها تسجيل قديم لسمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، يضم الكثير من المعلومات الهامة جدّاً».
كذلك، تطرق الشيخ خالد إلى عمل المركز حاليّاً على مشروع الأرشيف الوطني، وقال: «العمل حاليّاً يمر بمرحلة إنجاز البنية التحتية، ومن المقرر أن يختص الأرشيف بجميع الوثائق الحكومية وغير الحكومية منذ الاستقلال وما بعد ذلك، فيما يختص مركز الوثائق التاريخية بالمرحلة السابقة لذلك»، مؤكداً أهمية الحديث عن الوثائق التاريخية القديمة في ظل استمرار وجود الكثير من المعلومات التي لايزال الباحثون في أمس الحاجة لها.
وفيما يتعلق بتنشيط عمل المركز، قال: «ننشط مركز الوثائق بالمحاضرات والبحوث وأصدرنا مؤخراً مجلة «الوثيقة» التي تضم عددا من البحوث التاريخية المحكمة، ونأمل أن تتواصل هذه المجلة المتخصصة».
كما لفت الى وجود علاقات مع دول مجلس التعاون وشراكة عبر الأمانة العامة لمراكز الوثائق التاريخية، الى جانب علاقات مع دول عربية لتبادل الوثائق وتحقيق الشراكة.
وبشأن المعرض، قال الشيخ خالد بن خليفة: «حمل مركز عيسى الثقافي على عاتقه تنظيم معارض الكتاب الخليجية، وخاصة في الأعياد الوطنية لدول مجلس التعاون، فتم العام الماضي تنظيم معرض الكتاب الإماراتي واليوم نحتفي بإخواننا في الكويت»، منوهاً بما يمتلكه مركز الوثائق التاريخية من وثائق عديدة تحكي عمق العلاقات البحرينية الكويتية التي تتجاوز حدود الصداقة والتحالف لتصل الى حدود العلاقة العائلية بحكم انتماء البلدين إلى العتوب منذ أن تحركت هذه القبائل من أواسط شبه الجزيرة العربية.
وأضاف «المعرض شامل ويتحدث عن الكتب الكويتية القديمة والحديثة إضافة إلى عرض وثائق ومراسلات تثبت حجم الصداقة بين البلدين، يعود بعضها إلى العام 1901، بجانب الصور والكتب القديمة الخاصة بتاريخ الكويت وحضارتها».
وافتتح المعرض بحضور عميد السلك الدبلوماسي سفير دولة الكويت لدى مملكة البحرين الشيخ عزام مبارك الصباح، الذي نوه بدور مركز عيسى الثقافي في تنظيم الفعاليات التي تعبر عن عمق العلاقات بين الكويت والبحرين، وخاصة الثقافية والأدبية منها.
وأضاف «يعكس ذلك أيضاً الترابط الأزلي القديم، حيث شاهدنا قصاصات الصحف القديمة والتي توضح حجم التلاقح والتواصل الأدبي بين البلدين اللذين هما منارتان من منارات الثقافة والأدب».
وتابع «شد انتباهي كل المعروض، من القصاصات والكتب القيمة والوثائق التاريخية التي جعلتنا نسافر عبر الزمن».
أما مدير مركز الوثائق التاريخية في مركز عيسى الثقافي، الشيخ راشد بن عيسى آل خليفة، فبين أن المركز عمد إلى اختيار المعروضات التي تنطق بمستوى العلاقات بين البحرين والكويت، والتي تعكس الحميمية التي تربط بينهما، في علاقة تمتد إلى مئات السنين، مشيراً إلى أن المعرض يضم نبذة عن العلاقات المتميزة بين البلدين والقيادتين والشعبين.
وأضاف «أقدم وثيقة معروضة يعود عمرها إلى ما قبل 150 سنة تقريباً، وتعود إلى عهد المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ مبارك الصباح والشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وما هو معروض من وثائق يمثل نماذج للمجموع الذي نمتلكه في المركز الذي تأسس العام 1980 بأمر من جلالة الملك (حينها كان جلالته وليّاً للعهد)، واستمر في أداء دوره تحت قيادة سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، الأب الروحي للمشروع، والأمين على تاريخ البحرين بمعاصرته لأجيال كثيرة من حكام البحرين وأهلها».
ولفت إلى أن المركز يمتلك حاليّاً أكثر من 850 وثيقة أصلية، غالبيتها عن دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها تلك الخاصة بحكام الخليج والمختومة بأختامهم.
مدير المكتبة الوطنية منصور سرحان تحدث هو الآخر عن المعرض فقال: «نبعت الفكرة من توجهات مركز عيسى الثقافي، وذلك عبر الاحتفال باليوم الوطني لكل دولة من دول مجلس التعاون لدول الخليج على أن تكون رمزية الاحتفال مجسدة لأهداف المركز، ولذلك عملنا على عرض الكتب التاريخية التي تتحدث عن البلد نفسه».
وأضاف «في المعرض كتب قديمة تتحدث عن الكويت من الناحية التارخية والاجتماعية والثقافية، كما عمدنا أيضاً إلى الرجوع لصحافتنا في الأربعينات والخمسينات والستينات واستللنا منها بعض الصور التي تتحدث عن الزيارات الأخوية بين حكام البحرين وحكام الكويت»، منوهاً بالعمل على تطوير فكرة المعرض عبر توجهات مستقبلية بإدخال الصوتيات التي تتحدث صوتاً وصورة عن الدولة ومنشئها وما تقوم به.
وعن حجم التشابك بين البحرين والكويت، أوضح سرحان «إذا عدنا إلى التاريخ السحيق فسنأتي على حضارة ما قبل 4 آلاف سنة، وهذه كانت متمثلة في البحرين في دلمون، وكذلك في الكويت لديهم الحضارة القديمة التي مستها خصوصاً آثار فيلكا، وبالنسبة إلى العصر الحديث، فالتشابك يمتد إلى حقل التعليم عبر وجود مدرسين من الكويت في البحرين بينهم عبدالله الفرج، وفي العام 1928 حين تم الاحتفال بأحمد شوقي أميراً للشعراء، وتكون وفد من البحرين بمعية مجموعة من المدرسين الكويتيين بينهم الفرج الذي ألقى قصيدة باسم البحرين وأهدى لشوقي نخلة من الذهب والرطب عبارة عن اللؤلؤ، وليس ذلك وحسب، ففي العصر الحديث وخصوصا في الستينات، توجهت مجموعة كبيرة من طلاب البحرين إلى الدراسة في جامعة الكويت، وفي المقابل كان لمدرسين بحرينيين حضورهم في التدريس هناك من بينهم السفير حسين راشد الصباغ، بالاضافة إلى التجربة الصحافية التي شهدت تبادلاً قويّاً جدّاً بين البلدين حيث كان كتاب من البحرين يكتبون في الصحافة الكويتية والعكس».