العدد 61 - الثلثاء 05 نوفمبر 2002م الموافق 29 شعبان 1423هـ

خبراء عراقيون يتحدثون عن رؤيتهم لسيناريو الحرب الأميركية

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تناولت وسائل الاعلام الأميركية ما يمكن وصفه بعدد من السيناريوهات الخاصة بالضربة العسكرية المتوقعة للعراق. ويهدف مخطط هذه الضربة إلى احتلال العراق، وتحقيق عدة أهداف في آن واحد، كالقضاء التام على نظام حكم الرئيس صدام حسين، ومحاكمة أركان النظام كمجرمي حرب، والبحث عن أسلحة الدمار الشامل والتخلص منها، والسيطرة الكاملة على نفطه الذي يشكل حوالي 15 في المئة من جملة الاحتياطي العالمي المؤكد. وتدرجت هذه السيناريوهات من الحرب المماثلة لحرب الخليج الثانية (1991)، إلى النموذج الأفغاني وحتى عمليات الاغتيال والانقلاب من الداخل. ودار الحديث عن مزيج من ذلك كله عبر:

1- حملة جوية على مركز ثقل العراق لتحقيق الشلل الاستراتيجي وضرب مواقع السيطرة والتحكم ومركز الاتصالات.

2- انزال قوات خاصة في النقاط الحيوية للسيطرة عليها (أنابيب النفط، مخازن الاسلحة عير التقليدية، احتواء القوات الخاصة العراقية، كالحرس الجمهوري وعزلها عن ساحة المعركة).

3- السيطرة على غرب العراق من الجهة الغربية وبمساعدة الأردن، بهدف منع العراق من اطلاق الصواريخ على اسرائيل.

اذن تبدو الصورة كالآتي: شلل استراتيجي على مدى البلاد (عمى استراتيجي للقيادة) السيطرة على النقاط الحيوية المدينة منها والعسكرية. احتواء اسلحة الدمار الشامل ومنع استعمالها. فتح الباب للمعارضة من الداخل والخارج لخوض المعركة النهائية بمساعدة أميركية لاعطاء الانطباع بأن التغيير عراقي بحت.

يقول سمير خيري (اكاديمي وصحافي) «ان الولايات المتحدة وأجهزتها الاستخبارية تعلم علم اليقين أن ما يسمون بالمعارضة العراقية، لا يمثلون شيئا على الأرض في العراق، لا توجه سياسي ولا قاعدة سياسية ولا أي شيء آخر، وحتى لو افترضنا جدلا أن اميركيا نجحت في تحقيق اهدافها، فان اي متغير محتمل في هذا الاتجاه لا يمكن ان يسمح بتنصيب هؤلاء في الداخل، هذا شيء مستحيل لكن أنا أعتقد بشكل متواضع ان التحرك الاميركي هو نداء او استجابة لحاجة داخلية اميركية، تتعلق بتبرير هذه الحرب النفسية الكبرى التي يشنونها. «ويعتقد خيري» ان المشكلة لدى الادارة الأميركية انها تتلبس النموذج الافغاني، ونموذج ما حدث في افغانستان له تأثير قوي جدا على تفكير الادارة الأميركية في أي موضوع آخر، ولا ننسى ان موضوع العراق يعد موضوع تحد قوي جدا لوزارة الدفاع الأميركية ومجلس الامن القومي الاميركي ووزارة الخارجية، لذلك نرى موضوع ما يسمى بالمعارضة العراقية يكرر من اجل طرح التصورات ذاتها، عن امكان تطبيق النموذج الأفغاني في العراق، ولكن - وهذا مهم جدا - الكثير من المحللين الاميركيين والغربيين اكدوا في بعض ما نشر من تحليلاتهم، ان العراق غير افغانستان وفي ذلك الكثير من الموضوعية في التحليل».

ويرى أستاذ الادارة الاستراتيجية والخبير في تحليل منهجية التطبيقات الاميركية الخارجية في الجامعة المستنصرية منقذ محمد «ان نجاح ايه حملة عسكرية يتطلب اعدادا لمسرح العمليات، فضلا عن اعداد القوات اللازمة وحشدها في المكان والزمان الصحيحين، وعلى رغم ان الحروب الحديثة قللت إلى حد كبير الحاجة إلى القوات البرية لنجاح اية حملة عسكرية، فإن المقاتلين على الأرض يبقون ذوي اهمية خاصة لاتمام هدف اية عملية، وخصوصا اذا لم يكن الهدف هو مجرد ايقاع الخسائر لدى الطرف المقابل أو التأثير على معنوياته فالهدف الاميركي المعلن المتمثل في اسقاط النظام يتطلب دخول قوات برية للعراق لانجاز اهدافها النهائية الصعبة، ولقد كان العدوان على افغانستان ابرز دليل على اهمية القوات البرية. واذا كانت القوات الاميركية لم تستطع ان تنجز اهدافها في افغانستان من دون الاعتماد على قوات برية نظامية مدربة، ومجهزة، لمقاتلة قوات طالبان والقاعدة الضعيفة التجهيز والاعداد والخبرة والتسليح، فكيف ستتمكن من انجاز أهدافها العدوانية ضد العراق، الذي يمتلك جيشا خبيرا مسلحا بأرقى الاسلحة، تقوده قيادة هبرت الحروب وعرفت ابعادها وتتمتع بصدقية عالية، امام شعبها وجيشها، من دون ان تعتمد على حجم كبير من القوات البرية المتعددة الصنوف، ناهيك عن حاجتها إلى قوات بحرية وجوية أكبر؟ «ويعبر البروفسور منقذ عن اعتقاده» بحاجة القوات الاميركية الغازية إلى دعم لو جيستي، ربما يفوق ما حصلت عليه ابان عدوانها العسكري 1991 لصعوبة تحقيق اهداف العدوان المزمع، وتشعب متطلباتها»

ويزيد فيقول « ان عدوانان من طراز ما يخطط له ضد العراق لا يحتاج إلى قواعد عسكرية ونقاط انطلاق برية فحسب بل يحتاج قبل ذلك إلى مناطق تحشد واسعة ومحمية فضلا عن اعداد وتهيئة واسعين لمسرح العمليات، الذي لن يشمل جنوبي العراق فحسب وهو ما يتطلب وقتا طويلا قد لا تكون الحسابات السياسية خلاله في صالح اميركا. ولعل ابرز ما يعقد مهمة القوات الغازية سوف لن يكون اضطرارها إلى مجابهة الجيش العراقي المدرب والمجهز وذي المعنويات العالية، التي سيعززها ايمانه بانه يدافع عن ارضه المعرضة للغزو، بل فضلا عن ذلك اضطرارها إلى مجابهة مئات الالوف من المقاتلين المدربين، في تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي وجيش القدس، وسواها من التنظيمات شبه العسكرية التي وان كانت مسلحة تسليحا خفيفا فانها ذات معنويات عالية وتجيد الدفاع عن مدنها. ومن المعروف ان الجيش الاميركي الضخم لا يجيد حرب المدن التي سيضطر إلى خوض القتال فيها، الواحدة تلو الاخرى اذا ما قرر الوصول إلى بغداد لتحقيق اهدافه، وخصوصا ان بغداد تقع في وسط العراق ومحاطة بمئات المدن الكبيرة والصغيرة الممتلئة بالمقاتلين المسلحين الذين لهم خبرتهم في حرب الشوارع والقتال في المدن «اما فيما يتعلق بالسيناريو القائل بامكان انزال قوات محمولة للسيطرة على مناطق حساسة في بغداد، فيصف الخبير منقذ هذا السيناريو بانه «سينامئي وفاشل عسكريا» ويعلل ذلك بقوله «ان انزال اية قوات يتطلب إدامة التماس معها عبر قوات، برية تتحرك معها في الوقت ذاته، لتحقيق التواصل وادامة الزخم ومنع تعرض القوات المحمولة إلى العزل والتطويق، وخصوصا اذا كانت المسافة بين نقاط شروع القوات البرية ونقاط انزال القوات المحمولة بعيدة جدا، كما هو الحال في السيناريو المطروح، يضاف إلى ذلك ان بغداد مدينة مكتظة سكانيا وعمرانيا، فضلا عن تمتعها بمستوى عال من الحماية الامنية تجاه أي عدوان بري او جوي، وهو ما يجعل مهمة القوات النازلة شبه مستحيلة»

فيما يعبر استاذ العلاقات الدولية السابق في جامعة بغداد والسفير حاليا في وزارة الخارجية هاني الياس الحديثي عن رؤيته للسيناريو الأميركي المتوقع، بانه «سيعتمد على تحقيق ضربات جوية صاروخية وطيران من بعيد لقصف المواقع الحيوية في بغداد خاصة، فضلا عن المدن الاخرى» ويضيف، «وعندما تجد الدول المجاورة ان الوضع بدأ يميل إلى صالح المخطط الأميركي - الاسرائيلي، يبدأ دورها في الاسناد باتجاه حسم الموقف» ويرى الحديثي «ان الادارة الأميركية على استعداد للتضحية بالقوى المحلية (في اشارة إلى الميليشيات الكردية في شمال العراق) ومن يساعدها في الصدمة الأولى، وعندما تصبح الساحة مهيأة... تتدخل عبر مجموعات محمولة جوا أو عبر الحدود»

العدد 61 - الثلثاء 05 نوفمبر 2002م الموافق 29 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً