"التصعّد" - فيزيائياً - هو الانتقال المباشر للمادّة من حالتها الصّلبة إلى حالتها البخارية.
على اللوح الخشبي الصغير فوق سريري، أكتبُ عبارات ما قبل النوم، هذه المرة كتبت: "العاطفة فيزياء".
كم كان نيوتن) رجلاً عاطفياً ليدرك أنّ هذه التّفاحة لن تسقط لو أن شيئاً لم يجذبْها!
"الجاذبية عاطفة إذاً".
السرير أمامي مكان بارد للذكريات، والوسادة محشوّة بالأسماء والأصوات والصور.
ما تفكّر به قبل النوم يستطيع أن يتملّك حلمك على هيئة أشخاص وأماكن، وأحياناً على هيئة فراغ، وأنْ تستيقظَ بعد حلم فارغ، هذا يجعل من رأسك ثقيلاً جداً.
الحلم هذه المرة، ولأنني كنت أفكر بنيوتن والفيزياء، كان حركيّاً إلى درجة غريبة، استيقظت في حلمي برأسٍ ثقيل جداً (لا بدّ أنّي كنت أحلم حلماً فارغاً إذاً)، ولسخافة الأحلام، وضعت رأسي في الميزان: "75 شخصاً ثقلياً"، لكنّ ذاكرتي في الحلم تقول لي إنه كان بالأمس "77 شخصاً ثقلياً"، لا يهمّ، أفتحُ صنبور المياه، لا أغسلُ وجهي، فقط أحاولُ تقدير سرعة الماء المتدفق من الصنبور، ثم أنسبه إلى حرارة اللهب الخارج من ذاكرتي.
أضع إصبعي في مأخذ الكهرباء (الكهرباء مقطوعة فالتيار معدوم).
فجأةً يتحول المأخذ إلى جرس منزل على شكل هرم، أسمع صوت الجرس، يَفتح الباب شابّ مبتسمٌ، أنظر خلفه فأرى شاباً آخر.
"من هَذان؟ ولماذا أنا هنا؟ هل أحلم"؟!
- ادخل (ياسين) ما بك؟ لماذا تقف هكذا كالأبله، هل نسيتنا؟ نحن صديقاك، أنا (76) وهذا صديقك (77) في الداخل، ههْ... هل فقدتَ ذاكرتك؟
أنظرُ إلى "صديقي" (77) أراه عائماً في الهواء، يخاطبني:
- ادخل، ادخل (ياسين)، لا تخفْ... (الجاذبية معدومة في الداخل).
أهربُ بسرعة كبيرة حتى إنني لم أتمكّن من تقديرها، ثم أركضُ على هيئة اسمي، (ياسين) يركض، ألتفتُ، لا أجد حرف النّون، ثمّ تتبخّر الياء ثم السّين ثم الألف ثم الياء...
فأتصعَّد كلّيّاً،
أصيرُ غيمةً
ثمّ أُمطرُ مدناً وأشخاصاً.
إبداع تستحق النشر بجدارة