مع قيام الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والاستعداد لإشهار عدد من النقابات المهنية بالإضافة إلى الاستعدادات الجارية لإعلان الاتحاد النسائي، تتوجه الأنظار لمدى امكان الطلاب اشهار اتحادهم ليكون ركيزة أخرى لتعزيز المسيرة الإصلاحية.
طلاب البحرين كانوا أكثر القطاعات معاناة - ومازالوا - وكانوا هم أول من تحرك سياسيا في مطلع العام الماضي، وبسبب ذلك لاقوا صنوفا من الأذى بدءا بحرمان كثير منهم من مواصلة الدراسة إلى تحديد فترة صلاحية جوازاتهم إلى سنة واحدة في السبعينات والثمانينات إلى الاعتقال والمنع من أي نشاط وانتهى بهم الأمر إلى تحويل جامعة البحرين إلى قلعة حصينة هي أقرب إلى المعسكرات التابعة لجيوش في حال حرب منها إلى مؤسسة تعليمية.
وحتى عندما حاول مجموعة من الطلاب احياء فكرة الاتحاد الذي ناضلت من أجله أجيال كثيرة سبقتهم لم تسمح لهم وزارة التربية التي عارضت أي فكرة أو اقتراح يقترب من مفهوم الاتحاد الطلابي الملتزم بضوابط الاتحاد الحقيقي المستقل. واستغرب الكثيرون من المعارضة الشديدة لوزارة التربية التي رفضت جميع المحاولات المخلصة لتأسيس كيان طلابي مستقل يمكن اطلاق اسم «الاتحاد» عليه.
وليس واضحا لماذا هذا التشدد ونحن نعيش في عصر إصلاحي يقوده عظمة الملك الذي ساند اشهار الاتحاد العمالي وتأسيس الاتحادات والنقابات.
كما ليس من الواضح ما هو الشيء الذ ي تخافه وزارة التربية لو سمحت للطلاب بتنظيم صفوفهم في أجواء منفتحة تحترم حكم القانون.
أوليس من الأجدر بوزارة التربية أن تقود النشاط الإصلاحي بدلا من مقاومته وتعطيله بكل السبل؟ وهل يعقل ان تكون البحرين منفتحة في المجال النقابي ولا يسمح لطلابها بإقامة اتحاد طلابي؟ وما هو التبرير المنطقي الذي تقدمه وزارة التربية لعدم السماح للاتحاد؟ هذه أسئلة مشروعة يطرحها الطلاب والمهتمون بتعزيز الحركة الإصلاحية. وليس من المعقول ان تقول وزارة التربية إن اللجان التي تخضع للسلطات الرسمية في الجامعة أو غير الجامعة تعتبر بديلا للاتحاد. فهذا لا ينطلي حتي على المجتمعات المتخلفة والتي مازالت تعيش في أدغال افريقيا او غابات البرازيل. فحتى تلك القبائل النائية والمجتمعات التي لم ينعم الله عليها بما لدينا في البحرين تسمح بالتمثيل الشعبي والنقابي والطلابي ولا تعتبر وجود اتحاد مشكلة، اللهم إلا إذا كانت وزارة التربية تعتبر شعب البحرين أسوأ من المجتمعات البدائية التي تقطن الغابات، وفيما لو كان هذا اعتقادهم فنود الاستماع لتفسير علمي (بصفتهم وزارة تهتم بالعلم) يثبت أن شعب البحرين غير مؤهل للحصول على اتحاد طلابي.
نقول هذا لأننا نرى كيف تستمر معاناة الطلاب وكيف يستمر تجاهل مطالبهم من قبل وزارة التربية، وفي الوقت ذاته نعلم ان صورة البحرين التي تحسنت في العالم إنما تحسنت لأن العالم شاهد التطورات المتتابعة في مجالات مختلفة، لاسيما في مجال الجمعيات الأهلية والنقابية. ولا شك فإن عدم السماح بقيادة اتحاد طلابي سيوفر مادة للمنظمات الحقوقية والطلابية الدولية التي لا يمكن ان تقبل تبريرات وزارة التربية. نحن نعلم ان وزارة التربية لا تهتم بما يقوله أي شخص لا يعمل موظفا مأمورا تابعا للوزارة، ولذلك فإنها تنظر إلى قيام اتحاد طلابي على أنه كسر لتقليد اتبعته منذ منتصف التسعينات قضى على أي عمل مستقل سواء كان بحثا علميا او نشاطا طلابيا محدودا، وحتى دخول الجامعة والبقاء فيها فترة خارج الدوام يعتبر مسألة «خطيرة» لا تسمح به فرق الأمن المحيطة بالجامعة من كل مكان.
لقد كان هناك تقرير صادر عن الأمم المتحدة يكرر بأن البحرين لها المرتبة الأولى بين الدول العربية فيما يخص تنمية الموارد البشرية. ولكن مثل هذا التقرير وغيره لم يكن يأخذ بعين الاعتبار ما تقوم به جامعة البحرين ووزارة التربية، وبالتالي فإن الانفتاح السياسي سيسهل على من يكتب التقرير الحصول على معلومات تقول إن تنمية الموارد البشرية تعرقلها بروتوكولات وتقاليد وضوابط فرضتها وزارة التربية في مجالات كثيرة. وإذا كان التقرير يفتخر بمستوى التدريب المهني في البحرين فإن كاتب التقرير ربما لا يعلم بأن وزارة التربية هي الوزارة الوحيدة التي لا تعترف بشهادة معهد البحرين للتدريب وهي بذلك لا تدعم ولا تشجع تنمية الموارد البشرية، وهي أيضا تقف ضد تكوين اتحاد طلابي حقيقي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 60 - الإثنين 04 نوفمبر 2002م الموافق 28 شعبان 1423هـ