ما زالت قصة حورية البحر التي تحوّلت زبداً فوق الموج لأنها عشقت الأمير، تثير شجني كلما قرأتها أو شاهدت فيلماً كارتونياً أو تمثيليّاً عنها أو كلما شاهدت صورة أو تمثالاً لحورية بحر.
هذه الحورية التي ضحّت بحياتها لأجل حبٍ لا تعرف مصيره. حبٌ ساقته إليها الصدفة، ومضت وراءه من غير تفكير، حين أنقذت أميراً من الغرق فشغفها حباً، لتسعى كي تصبح أنسيةً مهما كلّفها الأمر، وتتنازل عن صوتها الجميل وتقبل بالألم الذي سيفتك بقدميها مع كل خطوة وكل رقصة، وتتحوّل زبد بحر في اليوم التالي لزواج الأمير الذي لم يبادلها ذلك الحب.
كم امرأةً غدت كحورية البحر هذه؟ تنازلت عن الكثير من حقوقها، وعن حريتها وأحلامها بل وكرامتها من أجل حب عقيم لا يبادله معها من تحب؛ لأنه فجأةً بات أنانياً يبحث عن سعادته وراحته وحريته ونجاحاته دون الالتفات لغيره حتى شريكة حياته، فلا يقدم على أي تضحية في سبيل تحقيق التوازن لإنجاح العلاقة مهما كانت هذه التضحية صغيرة؟ فكم من امرأة عانت بصمت؛ لأنها تحب شريك حياتها حباً غير مشروط، فقدّمت وضحّت وتألمت، فما كان من الطرف الثاني إلا أن ازداد توحشاً وأنانية وإهمالاً؟
أعرف تماماً أن المرأة ليست الضحية دائماً، وأن هنالك رجالاً يعانون أيضاً باسم الحب، ولكن ما سيورد في هذا المقال هو بشأن المرأة التي نسمع قصص معاناتها كثيراً. وأعرف أيضاً أن من تسكت وتقبل بكل ما يضرها باسم الحب، والمحافظة على بيت الزوجية والعشرة مخطئة حين تزداد الانتهاكات بحقها، ولكن أعرف أن في الحب يغدو القلب هو السيد، ويتعطل العقل أحياناً. فالمشاعر في الحب تجمل كل ألم، وتزين كل دمعة مهما كانت حارة. وعلى رغم أننا دائماً ما نقول: الحب سعادة، إلا أننا نجد الأغنيات والقصائد تثير شهيتنا للحب الممزوج بالألم، ونكتشف أن لا حب من غير شجن.
الشوق شجن. الذكريات حين تغدو مجرد ذكريات بكل ما تحمله من لحظات سعيدة شجن. المسافات في الحب شجن. الفراق بعد الحب شجن. كل وعدٍ لم يتحقق شجن. كل حلم لم يصبح حقيقة شجن. والأكثر مرارة هو أن يجد أحد الطرفين نفسه وحيداً بعد غدر أو استغفال، أو بعد كل قناع يسقط عمّن ظنه حبيباً.
وهنا لابد من التساؤل: هل الحب الممزوج بالألم هو حبٌ حقيقي؟ هل على المحب أن يتألم، أم أن الحب يعطي المحبوب أجنحة ليحلق وينشر الفرح والسرور والمحبة لكل من/ ما حوله؟
ما دفعني لهذه الكتابة هو أن غداً يصادف يوم الحب أو الفالنتاين، وأياً كان مسماه أو كانت صيغته، وأياً كان ما يتداول عن ضرورة عدم الاحتفال به لأسباب مختلفة، إلا أنني أجد أن هذه الأيام المعنونة بالأعياد، كعيد الحب والصداقة وعيد الأم والأسرة والعمال وغيرها فرص لإظهار المشاعر وتبادل الهدايا بين الناس، وهو ما يفتقره الكثيرون ممن تحوّلت حياتهم إلى روتين، وربما تساعد هذه الأيام على إضفاء جو جديد على العلاقات الإنسانية بينهم. فما الضير من تقديم هدية أو باقة ورد أو حتى رسالة لمن نحب في هذه المناسبات التي لا نحتفل بها إلا احتفالاً بمن حولنا بشكل حضاري لا يتنافى وديننا أو عاداتنا؟
هي طريقةٌ لكسر الجمود ولو أن أجمل الهدايا وأجمل الرسائل هي تلك التي تأتي من غير مناسبة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5273 - الأحد 12 فبراير 2017م الموافق 15 جمادى الأولى 1438هـ
لا يعول عليه ، لا يعول عليه ، لا يعول عليه
ابصم بالعشرة على قولك البليغ
مقال جميل وواقعي
كثير من النساء لا يهتمون لكرامتهم امام من يحبون وكثير منهم تخلوا عن نجاحهم وعملهم لان ازواجهم طلبوا منهم وبحب وافقوا ثم ندموا
الله يجعل ايامش وايام الجميع مغمورة بالحب واللطف ولا يغير على كل حبيب وحبيبه
الحب بين الزوجين اسمى معاني الحب وهو الدائم وخصوصا إذا كان متبادلا بينهما وغير قائم على أساس المصلحة من أحدهما و اللة يوفق كل زوجين سعيدين وليحذروا من المندسين بينهما لتشتيت هذه السعادة