لقد تمَّ منذ عدة أيام عقد مؤتمر باسم «إحداث التغيير» (creating change) والذي أحياه بعض المتطوعين من داخل وخارج البحرين لجمعية «البحرين للتأمل وتطوير الذات»، التي تم تأسيسها منذ خمسة عشرعاماً تقريباً، وهي كما فهمتها مجموعة فلسفية تتبنى العلاقة بين النفس البشرية والروح والجسد، من خلال محاولة تنمية الروح وإزالة الشوائب التي تعوق نضجها لتوطين الأفكار والمبادئ الإنسانية السامية من نشر المحبة والتسامح والتواصل والعطاء؛ لتقوية الذات والبصيرة، ولعيشٍ أفضل، مستعينةً بالمحاضرات والتدريب على التأمل الإيجابي، وللإقلال من الضغوط اليومية، وذلك في مقر الجمعية، ولها مئة وعشرون مركزاً في العالم للتوعية.
وبدأت المؤتمر إحدى المُحاضرات قائلة: «إن حضارة اليوم من تكنولوجيا الاتصالات وغيرها قد غيرت العالم بسرعة قياسية، وأصبح الإنسان أسيراً وطواعية وكأنه مُسير، وبدا متخبطاً في محاولاته لمواكبة التواؤم مع التغيير؛ لكن للتغيير ثمنٌ عليه أن يدفعه ليتواكب مع المستجدات، والتي لن تتم بالسهولة المرجوة بسبب تعلقه بالمحيط الذي تعوَّد عليه في الماضي! وبالتالي قد يؤدي إلى التشتت واللهاث، ومن هنا يبدأ الخوف من المستقبل والمتغيرات والتي قد تأخذ وقتاً طويلاً، ما يتسبب في القلق النفسي قبل الاستقرار، والتي قد يتعرض أثناءها إلى الأمراض النفسية.
وتقوم السيدة بعرض طرق من التأمل، وممارسة الضحك، وسماع الموسيقى لدورها في الهدوء النفسي، وللإقلال من التوتر للتواصل مع الحياة العصرية، ما خلق جوّاً ظريفاً داخل القاعة.
وكما شارك طبيب للأمراض النفسية من المتطوعين قائلاً: «إن الأمراض النفسية والعقلية تحتل المرتبة الأولى في العالم في هذا العصر، وهي تحدث غالباً بسبب الضغوط اليومية أو النشأة تحت ضغوطها، وتتسبب في الاكتئاب والملل والانفصام، وغيرها، وأنها السبب في زيادة الأمراض العضوية، من السرطانات والأوجاع الجسدية والتي يصعب تشخيصها أحياناً أو مسبباتها.
هذا وقد أشار الطبيب إلى العقل وضرورة التعرف على أوصافه المهمة، وكيف أن خلاياه دائمة التجدد والتكاثر في كافة المراحل العمرية، وأن الخمول والكسل هما العدو الأول لإصابة العقل بالأمراض، داعية إلى ضرورة الاعتناء بالعقل من خلال تغذيته (بالرياضة الفكرية) من القراءة ومتابعة الأخبار والحوادث العالمية، وتعلم الأشياء الجديدة يوميّاً، وممارسة التمارين الذهنية والتحلي بالصفات الحميدة والسامية من الإيجابيات كالمحبة، كوسيلة وهدف للتواصل مع أعمال البر والخير والعطاء والتسامح، التي تضيف إلى قوة العقل وتحفز خلاياه... إلخ، كما علينا الابتعاد عن العادات السلبية الضارة، من الغضب والزعل والكسل والخوف ولوم الذات؛ لأنها تنهك العقل وتؤدي إلى ضمور خلاياه، كما أن للرياضة الجسدية والمنتظمة دوراً كبيراً في تنشيط العقل وتنميته، وحاجته للهواء الطلق وللأكسجين، وتناول الغذاء الصحي، وعلى المتقاعدين بذل الجهود كي يحافظوا على خلايا العقل بمواصلة العمل في حياتهم في نواحٍ أخرى؛ لأن التوقف قد يعني قتل العقل.
وتركزت النصائح أيضاً على دور التأمل بانتظام، وتأثيراته الجبارة لتفريغ العقل من الشوائب اليومية السالبة.
وفي مقطعٍ آخر أسهب الطبيب في أهمية النوم وتأثيراته على تعاملات الفرد، حيث أثبتت التجارب أن النوم المنتظم له القدرات الشفائية من الأمراض، وتقوية الذاكرة، واتخاذ القرارات الصحيحة، أما في حالة اضطرابات النوم مثل الأرق والسهر المتكرر فهما يُضعفان الذاكرة، وفقد القدرة على التركيز والتوازن الغذائي، كفقدان الشهية للأكل أو في الاكثار منه، وتعكر المزاج، كما قد تؤدي إلى نقص المناعة وسرعة الإصابة بالأمراض، وأشياء أخرى كثيرة.
واختصاراً للأفكار التي تم طرحها أرى أن الانتظام في التأمل مع العقل المتوازن والتفكير الايجابي، مع التحلي بالصفات الحميدة تساهم في إضافة توازن أكبر مع الحياة، وبالتالي إلى النوم الهادئ العميق، ولقد كانت هنالك الكثير من الأفكار الأخرى المطروحة والمهمة، والتي أضافت وأمتعت الكثيرين ما يدفعنا إلى شكر القائمين عليه، وكل عامٍ والجميع بخير.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 5272 - السبت 11 فبراير 2017م الموافق 14 جمادى الأولى 1438هـ
موضوع شيق
مؤتمر رائع كان خاطري احضره وكلام جميل