احتفلت أكثر من مئة وعشرين دولة حول العالم في السابع من فبراير/ شباط 2017 وللسنة الرابعة عشرة على التوالي باليوم العالمي لأمن الإنترنت، حيث حمل هذا العام شعار «كن أنت التغيير: اتحد من أجل إنترنت أفضل».
ترجع اصول اليوم العالمي لامن الانترنت الى حملة توعوية سمِّيت «SAFER INTERNET» ابتدأت في 8 مايو/ أيار 2003، حيث تم الترويج لها ضمن اطار مشروع «SafeBorders» بتمويل جزئي من المفوضية الاوروبية وضمن خطة العمل لانترنت اكثر امانا (eSafe)، والتي تهدف الى تمكين الاطفال والشباب من استخدام الانترنت بأمان وبمسئولية.
على رغم المبادرات وحملات التوعية الكثيرة التي تنظم من قبل مختلف الجهات سواء كانت حكومية او مؤسسات مجتمع مدني، لاتزال المخاطر كثيرة وكبيرة حول استخدام الانترنت بشكل امن وخصوصا من قبل الاطفال، حيث ان الحواسيب والاجهزة المتنقلة على اختلاف انواعها اصبحت متوافرة وشائعة الاستخدام، كذلك ان توافر الانترنت في هذه الاجهزة والتي تكاد ان تكون كلفته مجانية في بعض الاحيان جعل هذه الاجهزة متصلة بالانترنت وبشكل مستمر من دون ان توفر الحماية الكافية للطفل الذي يستخدمها.
مما يزيد من تعقيد الموضوع ان الحواسيب والاجهزة المتنقلة وتطبيقات الانترنت حتى وان كانت تاخذ بنظر الاعتبار الفئات العمرية للمستخدمين وتحاول ان توفر الحماية الكافية للاطفال، فإن هذه الحماية لا تفعل الا بعد ان يتم تنفيذ الاعدادات اللازمة التي تنبه هذه الاجهزة او التطبيقات بأن المستخدم عبارة عن طفل، حيث بغياب الإعدادات اللازمة سيعامل الطفل معاملة البالغ.
إنَّ التطور السريع والمستمر الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دائما يفرض تحديات جديدة حول استخدام الانترنت وتطبيقاته وخصوصا من قبل الاطفال، فعلى سبيل المثال ان اضافة ميزة البث المباشر من قبل بعض منصات وأدوات التواصل الاجتماعي تجعل الطفل وحتى المستخدم غير الواعي يستطيع تقديم بث فيديوي مباشر مع تحديد الموقع الجغرافي للبث إذا كانت هذه الميزة مفعلة، مما يتيح للمهاجمين والمجرمين استغلال ذلك، ومع الأسف ان النتائج الواقعية والتي يمكن ملاحظتها بالعين المجردة توضح ان هنالك اساءة استخدام واضحة وبنسبة كبيرة للبث المباشر.
إنَّ معرفة وفهم المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها الطفل عبر الانترنت مسئولية مشتركة تقع على الوالدين واولياء الامور، اضافة الى المدارس والجهات المسئولة المختلفة.
بحسب تقرير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي حول المخاطر التي يواجهها الاطفال في الانترنت والسياسات اللازمة لحمايتهم العام 2012، تم تصنيف هذه المخاطر الى الاصناف التالية:
أولاً: مخاطر تقنية للانترنت: تشمل مخاطر تتعلق بالمحتوى مثل محتوى غير قانوني، محتوى ضار، ونصائح ضارة. كذلك تشمل مخاطر تتعلق بالاتصال مثل الاستمالة، التحرش (التنمر الالكتروني، المطاردة الالكترونية)، تفاعل وتواصل غير قانوني، والمشاكل التي تتعلق بمشاركة المحتوى.
ثانياً: مخاطر مرتبطة بالمستهلك: وتقسم الى ثلاثة اجزاء، الجزء الاول يتعلق بمخاطر التسويق الالكتروني مثل تسويق منتجات غير مناسبة ولائقة للاطفال، تسويق منتجات غير مشروعة ومحددة للبالغين، وكذلك تسويق الاغذية والمشروبات التي تمتلك نسبة عالية من الدهون والملح والسكر. الجزء الثاني يتعلق بمخاطر الافراط في الانفاق. اما الجزء الثالث فيشمل مخاطر العمليات الاحتيالية مثل التزوير والاحتيال عبر الانترنت وسرقة الهوية.
ثالثاً: مخاطر أمن وخصوصية المعلومات: وتقسم أيضاً إلى جزءين الجزء الاول يتعلق بمخاطر خصوصية المعلومات مثل جمع البيانات الشخصية من الاطفال، مشاركة البيانات الشخصية، عواقب غير متوقعة، وعواقب طويلة الأمد. الجزء الثاني يتعلق بمخاطر امن المعلومات مثل البرمجيات الخبيثة، برامج التجسس، وبرامج الاحتيال الالكتروني وسرقة الهوية.
يبقى خط الدفاع الاول لحماية الطفل في مواجهة مخاطر الانترنت هم الوالدين واولياء الامور، اضافة الى المدرسة والحملات الاعلامية التي تنبه الاطفال واولياء امورهم عن المخاطر والاستخدام الامثل.
فيما يلي مجموعة من النقاط التي تساهم في حماية الاطفال من مخاطر الانترنت:
- توعية الاطفال والتحدث معهم بكل شفافية عن مخاطر الانترنت وضرورة تبليغ الوالدين او اولياء الامور أو أي شخص مسئول في حالة حدوث اي حدث او شيء مريب، ووضع قواعد عامة للطفل حول استخدام الانترنت.
- مراقبة استخدام الاطفال للانترنت وتخصيص ساعات محددة للاستخدام. اضافة الى المراقبة الفيزيائية، هنالك الكثير من البرامج والطرق التي تساعد في المراقبة، كذلك من المفيد الاطلاع على ارشيف متصفح الانترنت لمعرفة المواقع التي تم زيارتها.
- استخدام اعدادات الاتصال بالانترنت التي تناسب الاطفال ويمكن الاستعانة بمزود خدمة الانترنت للمساعدة في هذا الموضوع.
- اختيار الاعدادات المخصصة للاطفال فيما يخص الاجهزة والحواسيب، وكذلك الغاء ميزة تحديد الموقع الجغرافي. يجب ان يعلم الطفل مدى خطورة تحديد الموقع الجغرافي وما يترتب عليه من آثار خطيرة.
- تحديث نظم التشغيل للاجهزة بشكل مستمر واستخدام البرامج المخصصة لامن الانترنت وبرامج الحماية من الفايروسات.
- استخدام متصفحات الانترنت وفق الاعدادات المناسبة للاطفال حتى يتم تجنب الوصول الى المواقع غير المناسبة وعرض المحتوى غير اللائق.
- استخدام محركات البحث المخصصة للاطفال او التي تمتلك اعدادات توفر الحماية الكافية لهم ضد المواقع السيئة او المحتوى الضار.
- تنبيه الطفل بعدم تنزيل وتنصيب التطبيقات البرمجية والالعاب وخصوصا المجانية والمجهولة المصدر من دون اشراف الوالدين او اي شخص مسئول وكذلك تجنب النقر على الروابط غير المعروفة لأنها من الممكن ان تكون برمجيات خبيثة.
- السماح للطفل باستخدام التطبيقات والالعاب التي تناسب عمره، ويجب الانتباه الى ان بعض التطبيقات والالعاب تسمح لمستخدميها من التواصل مع بعضهم بعضاً وبشكل مباشر.
- يجب دائما ان يتم التأكيد على الطفل في حالة تعرضه الى اي نوع من التحرش ان يبلغ والديه او اي شخص مسئول بالامر وكذلك طمائنته بأنه سيتم حل المشكلة بسهولة وبشكل نهائي.
- اختيار كلمات سر قوية للحسابات العائدة للطفل تكون معروفة للوالدين واولياء الامور.
- تنبيه الطفل بعدم نشر او مشاركة المعلومات الشخصية مثل الرقم الشخصي، كلمات السر، او اي معلومات شخصية اخرى. واذا كانت هنالك حاجة ملحة لاستخدام هذه المعلومات مثل تكوين حساب او ملف شخصي جديد، يجب ان يتم ذلك تحت اشراف الوالدين او اي شخص مسئول يهتم بحماية الطفل.
- مشاركة الملفات بوعي وبالطرق الصحيحة، لأن المشاركة الخاطئة قد تؤدي للوصول الى ملفات اخرى لا توجد هنالك رغبة بمشاركتها مثل مشاركة الملفات الموجودة في غوغل درايف او الدروب بوكس.
- لا يسمح للطفل بأجراء اي عملية شراء عبر الانترنت الا تحت الاشراف المباشر من قبل الوالدين او اي شخص مخول مسئول عن الطفل وحمايته.
- يجب على الطفل تجنب التحدث والتواصل مع الغرباء في الانترنت نهائيّاً، ويسمح للطفل فقط بالتحدث والتواصل مع الاصدقاء الموجودين في العالم الحقيقي.
في الختام هنالك العديد من المواقع المتخصصة التي تهتم بأمن الانترنت والتوعية عن المخاطر التي من الممكن ان يتعرض لها الاطفال وطرق معالجتها، حيث تقدم هذه المواقع معلومات مفيدة وغنية مثل (saferinternetday.org)، (Childnet.com)، (Safesurf.bh). كذلك من المفيد زيارة موقع ادارة مكافحة الجرائم الالكترونية ومتابعة حساباتها، والتواصل مع هذه الادارة عند الضرورة. حفظ الله اطفالنا وكل عام وانتم تستخدمون الانترنت بأمان.
إقرأ أيضا لـ "محمد الحمامي"العدد 5271 - الجمعة 10 فبراير 2017م الموافق 13 جمادى الأولى 1438هـ