العدد 5271 - الجمعة 10 فبراير 2017م الموافق 13 جمادى الأولى 1438هـ

القطان داعياً لإغاثة المتضررين من الشتاء: قبيحٌ بالمسلم أن يبخل بدنانير قليلة لكسوة عارٍ أو إطعام جائع

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

دعا إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، إلى إغاثة الملهوفين والمتضررين من الشتاء والثلوج، معيباً على من يبخل بتقديم دنانير قليلة لكسوة إنسانٍ عارٍ أو إطعام جائع.

وحذَّر القطان مما اعتبره «خذلاناً» وعدم نصرة المسلمين، قائلاً: «إن لم نتدارك وضعنا بنصرة إخواننا فسيحيق بنا هذا الوعيد لا محالة، والأيام دول، والتاريخ لا يكذب، ووعد الله لا يتخلف».

وفي خطبته يوم أمس الجمعة (10 فبراير/ شباط2017)، رأى القطان أنه «قبيح بالإنسان أن تمر به المجازر والمآسي التي تحصل لإخوانه وهو لاهٍ في شهواته وملذاته، بعيد كل البعد عن هموم إخوانه وما يحصل لهم، والنبي (ص) يقول: (مَن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم). قبيح بالإنسان المسلم أن يبخل على إخوانه بأقل القليل، يبخل حتى بدعوةٍ لإخوانه، فقد يمر عليه الشهر والشهران ولم يدع لإخوانه، وبعد ذلك يزعم أنه يحمل همهم، وأبخل الناس من بخل بالدعاء».

وأضاف «قبيح بالإنسان المسلم أن يبخل بدنانير قليلة يقدمها لإطعام جائع، أو كسوة عارٍ، أو سد فاقة محتاج، بينما يصرف على لبس أو وجبة طعام عشرات الدنانير».

وقال: «أغيثوا إخوانكم، وقفوا معهم في مصابهم، وتذكروا بما أحسستم به من برد الليالي الماضية أن نساءهم وأطفالهم في العراء، تحت أرض سالت بالمياه ثم تجمدت، وأمام رياح باردة تلسع وجوههم، ولا ثمة كساء ولا غطاء ولا طعام ولا دواء، قد ضاقت الحيلة برجالهم فاستسلموا للمقدور، وبكت نساؤهم حتى جفت مآقيهن من البكاء، وأما الأطفال فقد جمدهم البرد وهول المصاب عن الكلام والبكاء، ولكن نظراتهم تصيب القلوب بسهام قاتلة، لمن كان له قلب فيه رحمة، وإنما يرحم الله تعالى من عباده الرحماء».

وذكر أن «علاقة المؤمن بأخيه المؤمن، تبينها مجموعة من النصوص الصحيحة التي جاء بها كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد (ص)»، مؤكداً أن «هذا هو ديننا، وهذه هي العلاقة التي أنشأها الإسلام بين المسلمين، وهذه هي الرابطة الإيمانية التي عقدها ديننا الحنيف بين أبنائه، وهي تبيّن بوضوح وجلاء أن الأمة الإسلامية كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ويدعو للتعاون والتكاتف مع هذا الجزء المريض حتى يبرأ وتعود عافيته بإذن الله تعالى».

وأوضح أن «البرد والصقيع نزلا ببلاد المسلمين في هذه الأيام، واجتاحتها العواصف الثلجية، انخفضت درجات الحرارة إلى درجات تحت الصفر من شدة البرودة، فاشتد الحال والآلام بالمنكوبين من أهل فلسطين والشام واليمن والعراق، وزادت ظروفهم ومأساتهم، فأصبح حال اللاجئين في الخيام، كالمستجير من الرمضاء بالنار، سبحان مغير الأحوال، كانوا بالأمس في ديارهم مطمئنين، وفي بيوتهم آمنين دافئين، فأجبرتهم الحروب والظروف والمصائب لترك بيوتهم التي كانوا يحتمون بها بعد الله من صقيع الشتاء، كانوا فيها في نعمة وحبور تكنهم من الحر والقر، وإذ بالحال تتغير، والأحوال تتبدل، فيخرجون منها رغماً عنهم، ويصبحون بلا سكن ولا مأوى»، مشيراً إلى أن «أفضلهم وأكثرهم حظًّاً من فاز بخيمة نصبت له في العراء، أصبحت هذه الأيام لا تقيه من زمهرير الشتاء، مثلهم كمثل إخواننا المنسيين المنكوبين في بورما (آراكان)، وكحال المستضعفين والمعوزين في طول البلاد الإسلامية وعرضها، ممن باتوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ثلوج وشتاء، بلا سكن أو غطاء ولا طعام أو غذاء، أو حتى لا لباس أو دواء، هربوا من جحيم المدافع والقنابل والبراميل والطائرات التي تصب على رؤوسهم من قبل الأعداء المجرمين الظالمين والمتطرفين، هربوا بحثًاً عن أمن وأمان على حدود دول مجاورة، إلا أن المصائب كانت لهم بالمرصاد، فاستقبلهم الشتاء القارص، والعواصف الثلجية، فزادت من محنتهم وآلامهم فمخيماتهم لا تتوافر فيها أبسط حالات العيش، حقًّاً إن الشتاء هذا العام جاء في ظل أوضاع إنسانية صعبة، وأوضاع معيشية مأساوية حرجة لإخواننا المسلمين المضطهدين والمشردين والمنكوبين في ظل غياب شبه كلي للمؤسسات الإغاثية والمنظمات الإنسانية، سواء الإسلامية منها وغير الإسلامية، وحتى تلك التي تتواجد وتعمل بكل تواضع واستحياء، وتقدم شيئاً لا يقاس أبداً بحجم المأساة!».

وأضاف «ليس جرحا واحدا، بل جرح الشتاء، وجرح الحرب، وجرح التشريد والجوع، وجروح وجروح، لا يعلم مداها إلا اللطيف الخبير سبحانه».

وخاطب القطان كل مسلم يشعر بشعور الجسد الواحد، قائلاً: «تذكر وأنت في بيتك الدافئ بين الزوج والأبناء والبنات، ومؤنة الشتاء من شراب وطعام وطيبات، وأطفالك يتقلبون بالثقيل والجميل من الملبوسات، تذكر إخوانك الذين ابتلوا بالأزمات والملمّات، وحلت عليهم النكبات والصعوبات، (ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)، تبرعوا لهم بقيمة البطانيات والمأكولات، تذكروهم، لا تغفلوا عنهم، شاركوهم، ادعوا لهم».

وبيّن أن «زمهرير الشتاء من زمهرير جهنم، وإنني من على هذا المنبر إبراء للذمة، أوجه نداء استغاثة لكل المسلمين حكومات وشعوباً وأفراداً، نداء استغاثة لكل من يتمتع بنعمة الدفء وتوافر أسبابه ووسائله من مساكن مغلقة، وملابس ثقيلة، وأجهزة تدفئة وغيرها، نداء أذكرهم بقول حبيبنا وقدوتنا (ص): (مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ). ويقول (ص): (لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَاناً وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ)».

وتساءل: «هل تجمدت الأحاسيس والمشاعر الإنسانية مع الثلوج! الناس يموتون من البرد منذ أيام ولا تسمع من يتحرك، على كل المستويات لا قادة ولا منظمات ولا مؤسسات حقوقية، ولا أفراداً إلا من قلة مؤمنة صابرة محتسبة».

وأردف قائلاً «في عصر الإعلام بكل وسائله يتناقلون صور الأطفال يموتون من البرد، ويغردون بصور الثلوج تكتسح المخيمات، ثم لا يتنادى للعمل والسعي لإنقاذهم إلا العشرات كأفراد أو جمعيات وعلى حياء أو خوف لضعف الإمكانات والقدرات»، متسائلاً «ألسنا في نعم؟ أليست تحتاج إلى شكر؟ أليس الشكر قيداً للنعم؟ أليس من الشكر أن تذكر إخوانك المساكين والمستضعفين والمشردين والمحتاجين، أليسوا الآن في ظروف هم أحق بالقليل من مالك؟».

وشدد القطان على القيام بالواجب تجاه المحتاجين في الداخل والخارج، وخاصة في مثل هذه الأحوال، فهي فرصة للباذلين، فرصة للمنفقين، فرصة لبركة المال وزيادته، فرصة للمتنافسين فرصة للمريض والمكروب فالناس في مسغبة وشدة.

وطالب بمساعدة «كل محتاج وفقير ويتيم ومنكوب سواء كان في فلسطين أو سورية أو اليمن أو العراق أو بورما، أو في أي بلد، أو حتى في داخل بلادنا وعلى أرضنا المهم أن نتحسس الفقراء والمحتاجين في مثل هذا البرد والشتاء، تلفتوا في أحيائكم، واسألوا عن أحوال جيرانكم، وفتشوا عن العمالة المسلمة الفقيرة من إخوانكم، تعاونوا، تراحموا، تعاطفوا، تكاتفوا، تؤجروا وترحموا وتحفظوا وتمطروا».

وخلص إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي إلى الدعوة لدفع «البلاء عن أنفسنا وبيوتنا بصنائع المعروف، لنحمي أمننا ومجتمعنا وبلادنا ببذل الخير وشكر النعم للمنكوبين والمحتاجين في كل مكان، فالله خير حافظاً متى كنا من الشاكرين لنعمائه».

العدد 5271 - الجمعة 10 فبراير 2017م الموافق 13 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:14 ص

      من الحقد

      حاطين خبرة في الاخير

    • زائر 3 | 3:27 ص

      بارك الله فيك يا شيخ بس الحكومة منعت على صندوقنا الخيري يجمع تبرعات من 6 أشهر للحين وتم وقف جمع الصدقات في مساجدنا بحجة عدم وجود ترخيص. وين نتصدق ونتبرع؟

    • زائر 2 | 3:26 ص

      اذا كنت تقصد سوريا فلا مانع اذا كان التبرع عن طريق الحكومة السورية ...أما عن طريق ..... فلا يجوز التبرع لأنهم يشترون بهم قنابل يفجرون بها المسلمين

    • زائر 1 | 1:13 ص

      صباح الخير

      ما ادري هل المقصود إخواننا واهالينا في اليمن المنكوب حصار وماجاعه وفقر و تشريد وقتل

اقرأ ايضاً