العدد 59 - الأحد 03 نوفمبر 2002م الموافق 27 شعبان 1423هـ

قانون الصحافة: تراجع عن المسودّة الأساسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وهكذا صدر مرسوم آخر استباقا لعمل المجلس النيابي، وهذه المرة يختص القانون بتنظيم الصحافة والطباعة والنشر.

صدر القانون رقم 47 للعام 2002 بعد ان تم اجراء تعديلات مهمة أسقطت الانجازات التي حققتها لجنة تفعيل الميثاق... القانون الذي أعدته لجنة تفعيل الميثاق كان سيكون من أفضل القوانين في العالم العربي، لولا ان هناك من تدخل أرجع بعض ممارسات ما قبل الانفتاح السياسي.

والغريب ان القانون صدر على رغم مطالبة الكثير بإجراء حوارات بصورة شفافية عن أي تعديل يتم على مسودة القانون المقترح من لجنة تفعيل الميثاق.

التراجع الأول هو عودة عقوبة الحبس لمن يخالف بعض مواد القانون، على رغم التوصية المؤكدة من لجنة تفعيل الميثاق بعدم تضمين عقوبة السجن في القانون.

التراجع الثاني هو تضمين جمعية الصحافيين في القانون على رغم انها جمعية أهلية مختلف عليها من قبل الصحافيين، ولا يوجد قانون يضمن جمعية أهلية بهذا الشكل. فمع احترامنا للقائمين على جمعية الصحافيين إلا انها لم تنبع من إرادة كل الصحافيين، وإنما كان هناك تحفيز رسمي عليها وسيطرة عليها وإدخال لأنواع كثيرة من الأعضاء لا يقبل عدد لا بأس به من الصحافيين اعتبارهم أعضاء في جمعية خاصة بالصحافيين.

ولذا فإن الإصرار على جمعية الصحافيين وإدخالها جزءا من القانون يعني تغليب فريق من الصحافيين بقوة القانون الذي صُنع خارج الدائرة الاستشارية للجنة تفعيل الميثاق. فجمعية الصحافيين لم تحتوِ على مقومات نقابية ومازالت تعاني من نقص في تكوينها ولا تمتلك صلاحية على غير أعضائها. ولذلك فإن اجبار الصحافيين على اللجوء إليها ومنحها صلاحيات مهنية وضبط وعقوبات هي أمور خارجة عما كان قد اتفق عليه في لجنة تفعيل الميثاق. والقانون يجب ان ينبع من إرادة المجتمع الشرعية وليس من دائرة مغلقة تؤسس قوانين مختلف عليها.

ثم ان الحديث عن امكان تعديل هذا القانون أو ذلك ليس في محله، فلربما يحتاج المجلس النيابي لعشر دورات قبل ان يستطيع تغيير أي من القوانين التي صدرت بصورة مكثفة ومتسارعة حديثا.

ثم ان المادة (87) تقول يجب «نشر جميع البلاغات الرسمية التي تصل الصحيفة قبل طباعتها بمدة معقولة وفي أول عدد يصدر منها وبالنص الكامل». إن هذا النص يخالف حرية التعبير، فعبارة البلاغات الرسمية غير واضحة والصحيفة يجب ان تكون لها الحرية في نشر أو عدم نشر ما يصدر عن الجهات سواء كانت رسمية أو غير رسمية. فحرية الصحافة يضمنها القانون نفسه اذ تقول المادة (27) «تؤدي الصحافة رسالتها بحرية وباستقلال، وتستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه بالفرقة المستنيرة وبالاسهام في الاهتداء إلى الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن وصالح المواطنين». وتقول المادة (29) «الصحافيون مستقلون لا سلطان عليهم في أداء علمهم بغير القانون».

فإذا كان الصحافي له الاستقلالية من دون سلطان، فينبغي ألا يكون القانون مدخلا لعدم الاستقلالية وإلا تناقض الأمر.

إن الحديث عن تراجعات لا يعني ان القانون لا يحتوي على إيجابيات، ولكن تلك الإيجابيات لابد ان تكون أساسية بحيث لا تناقضها مواد أخرى داخل القانون نفسه. فالمادة الأولى للقانون الجديد تقول: «لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وفقا للشروط والأوضاع المبنية في هذا القانون، وذلك من دون المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما يثير الفرقة أو الطائفية. هذه المادة تعتبر البداية الجيدة لقانون صحافي متطور خال من التراجعات المشار إليها أعلاه والتي نأمل ان تتم ازالتها بأسرع وقت ممكن

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 59 - الأحد 03 نوفمبر 2002م الموافق 27 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً